جريدة الجرائد

يوم أحزنتني سعاد

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

كتبت الزميلة والصديقة سعاد المعجل مقالاً أشعرني بالحزن، وبالكثير من الخيبة. فكيف لمن في مكانتها، فهماً وعلماً وخبرة، أن تقع في «مطب الإخوان»، وتطالب بالتصالح معهم، لمحاربة أعداء الأمة؟

لم تحظَ أي حركة سياسية أو دينية في المنطقة بتغطية لأفكارها والشاذ والمرعب من أنشطتها ومؤامراتها واغتيالاتها، واستماتتها للوصول للحكم، على مدى أكثر من 90 عاماً، وفي أكثر من دولة عربية، كما حظيت به حركة الإخوان، في ظل شعارها المتمثل بالسيفين، وكلمة وأعدوا، وما يعنيانه من إيمان بالعنف والرغبة في تصفية العدو، وتأتي المرأة، المثقفة والليبرالية، على رأس هؤلاء.

النازية حركة عنصرية سياسية تأسست في ألمانيا بعد هزيمتها في الحرب الأولى. ومن خلال فكرة «ألمانيا فوق الجميع» تمكّن هتلر من الفوز بانتخابات 1933، لكن أدى تطرفه في نهاية الأمر إلى تحطيم ألمانيا وخسارة 60 مليوناً من البشر لأرواحهم، وضعفهم من الجرحى.

تأسست حركة الإخوان المسلمين قبل قرن تقريباً، وتأثرت بشدة بالنازية والفاشية، فقد سعت النازية، بعد فوزها بـ%32 فقط من الأصوات، بالدعوة لإنشاء جيش قوي، وتطبيق حازم للقانون، والقضاء على «المارقين والمخربين»، وهذا شمل في النهاية الجميع! وهذا ما رأيناه في مصر مع وصول «الإخوان» للحكم، حيث سعوا للقيام بالخطوات نفسها، فالديموقراطية عندهم، كما عند النازيين، هي وسيلة للوصول للحكم، فقد كشفت تجربتهم في مصر سوء نواياهم، وتأثرهم بكل مبادئ وتكتيكات النازية، فالموت، لدى الإخوان، هو أسمى أمانيهم، وليس النهضة والإنتاج والقضاء على الفقر أو الجهل!

وبالتالي فإن «الإخوان» ليسوا منظمة حزبية عادية، يمكن الجلوس معها، وعقد الأحلاف مع قيادتها، بل منظمة تسعى للتحكم في الرقاب، مستغلين الدين في الوصول لمآربهم.

يقول كارل، الذي يتحدر من أصول أرستقراطية، إن المانيا كانت تمتلك قبل الحرب العالمية الثانية مصانع عدة، وكان عدد أعضاء الحزب النازي في ذروة قوته، لم يكن كبيراً، وقلة منهم كانوا حزبيين حقيقيين. ولكن نسبة كبيرة من الشعب الألماني استمتعت بقدرة هؤلاء على استعادة كرامة بلادهم التي فقدتها في الحرب الأولى، أما الغالبية فكانت أكثر انشغالاً بمجريات حياتها من الاهتمام بأمر هؤلاء النازيين وأهدافهم. وأنه كان أحد أولئك الذين اعتقدوا أن النازيين ليسوا أكثر من مجموعة من المغفلين! وأن الشعب الالماني بمجمله فضل الاسترخاء وترك الحكم لهم. وفجأة وبغير ان يشعر احد بحقيقة الامر، سيطروا على كل المانيا وفقد الشعب كامل سيطرته على مجرى حياته، وفقدوا تالياً حرية التفكير والقول والحركة.

يستطرد كارل قائلاً: إنه، وبعد تلك المأساة، الأقسى في تاريخ البشرية، يأتي الخبراء والسياسيون ليطمئنوه وغيره، المرة تلو الأخرى، بأن الجماعات والأحزاب الاسلامية في أوروبا تدعو للمحبة، وغالبيتهم يودون العيش بسلام مع البقية. لكن على الرغم من وضوح بياناتهم وصحة محتواها، لكنها لا تعني الكثير له، فقد مر بتلك التجربة وكانت النتائج كارثية، وأن الغالبية، وسط كل ذلك، والتي توصف بأنها محبة للآخر، اختارت السكوت، أو تم إسكاتها من قبل المتشددين أنفسهم. فالاتحاد السوفيتي كان مسؤولا عن اختفاء 20 مليون مواطن روسي، ومع هذا التزمت الاغلبية المسالمة الصمت ولم يعن لها الامر شيئا وقتها. وجرى مثل ذلك في الصين، مع بداية الحكم الشيوعي. كما لم يعرف عن الياباني، قبل الحرب الثانية، ميله لسفك الدماء، ومع ذلك سفكوا دماء 12 مليون إنسان غالبيتهم من المدنيين، ولم يحتج أحدُ.

ان دروس التاريخ عادة ما تكون صريحة وبسيطة الى درجة مؤلمة احيانا ومع هذا فانه من الممكن جدا الا نرى الحقيقة العارية. واكثر الامور بديهية ان العزيزة سعاد، والغالبية المحبة للسلام، تطالب بالتآخي مع الإخوان والتعاون معهم، وإن حدث ذلك فستفيق يوما لتجد أن مصيرها، هي ومثيلاتها، بالذات، اصبح بيد فئة متطرفة، كما حدث مع غيرهم ممن اعتقدوا أنه من الممكن التحالف والتعايش مع القوى الدينية والعسكرية المتطرفة.


أحمد الصراف

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف