جريدة الجرائد

الصالات الرياضية الفاخرة

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

غيّرت الجائحة من شكل الأندية الرياضية حول العالم، وأجبرت الصالات الرياضية على الإغلاق في جميع أنحاء العالم، وأعادت تشكيل سلوك المستهلكين. ومع الحجر المنزلي آنذاك، لجأ العديد من الأشخاص إلى التمارين المنزلية، معتمدين على المنصات عبر الإنترنت والمعدات البديلة مثل زجاجات الماء أو الأدوات المنزلية للقيام بالتمارين. وقد ازدهرت شركات في بداية الجائحة مستفيدة من هذا الواقع الجديد، بل إن أجهزة التدريب المنزلية أصبحت شحيحة في الأسواق مع إقبال الناس على التمارين المنزلية. ولكن مع انتهاء الجائحة، حدث تحول مرة أخرى نحو الصالات الرياضية، مما أبرز قيمة التجارب الشخصية، وعزز من أهمية تجربة المستهلكين في الأندية الرياضية. ولكن أبرز ما استجد بعد الجائحة، هو النمو المطّرد للنوادي الصحية الفاخرة، فما الذي تقدمه هذه النوادي؟

مع انتقال صناعة اللياقة البدنية إلى مراحل جديدة، عملت الصالات الفاخرة على إعادة تعريف توقعات المستهلكين من تجربة اللياقة البدنية. لم يعد بعض الناس يكتفون بالمعدات الأساسية والتمارين التقليدية، بل باتوا يبحثون عن عروض شاملة للصحة تعتني بالصحة البدنية والعقلية، وحتى العاطفية. على سبيل المثال، تقدم بعض الصالات الفاخرة الآن مرافق مثل غرف العلاج بالتبريد، وغرف العلاج بالضوء الأحمر، ومساحات التعافي المتخصصة، كما يتوقع المستهلكون خدمات مخصصة مثل المدربين الشخصيين وخبراء التغذية والأجهزة القابلة للارتداء التي تراقب مؤشرات الصحة. أصبحت كلمة «العافية» هي الكلمة الدارجة في هذه الصناعة، مع التركيز على النهج الشامل للصحة الذي يتجاوز مجرد رفع الأثقال أو الجري على الأجهزة.

واحد من أبرز الاتجاهات بعد الجائحة هو تحول الصالات الرياضية من مجرد أماكن لممارسة اللياقة إلى «أماكن ثالثة»، وهي أماكن يمكن للأشخاص الاجتماع فيها وقضاء الوقت خارج نطاق المنزل والعمل. ويجدر بالذكر أن مفهوم «المكان الثالث» هو أحد أبرز أسباب نجاح مقاهي «ستاربكس». ويتماشى هذا التغيير مع الرغبة المتزايدة في المجتمع والتواصل، خاصة بين الأجيال الشابة التي تعاني من الوحدة التي تفرضها ساعات العمل الطويلة والإفراط في التمدّن. ومع تطور الصالات الرياضية لتصبح مراكز اجتماعية، لم تعد أماكن لممارسة الرياضة فقط، بل أصبحت أيضاً مساحات للاسترخاء والتعافي، وحتى للتواصل الاجتماعي. على سبيل المثال، اكتشفت سلسلة صالات «Equinox» أن مساء الجمعة أصبح من أوقات الذروة، مما جعل الصالة مكاناً جديداً للتعارف واللقاءات الاجتماعية، ويعكس هذا التطور تغييرات أوسع في نمط الحياة؛ إذ أصبحت الصالات الرياضية لا توفر فوائد صحية فحسب، بل إحساساً بالانتماء والتفاعل.

وتمثل سلسلة صالات «Equinox» الفاخرة مثالاً حياً على هذا التحول في توقعات المستهلكين؛ ففي مايو (أيار) الماضي، أطلقت الشركة عضوية فاخرة بتكلفة 40.000 دولار سنوياً (وهو ما يمثل تقريباً نصف متوسط دخل العائلة في الولايات المتحدة)، تتضمن خدمات مخصصة مثل تحاليل الدم ومدرب النوم والوصول إلى أندية المجموعة الفاخرة. وقد أوضحت الشركة أن الحفاظ على الصحة هو الرمز الأعلى للفخامة؛ إذ يرغب المستهلكون في استثمار مبالغ كبيرة في رفاههم، وصرحت بأن المستهلكين لا يمانعون بدفع مبلغ مماثل لحقيبة فاخرة، فما الذي يمنعهم من دفع هذا المبلغ للحفاظ على صحتهم؟

على المستوى العالمي، تستمر صناعة اللياقة البدنية في النمو؛ فوفقاً لمعهد «العافية» العالمي، من المتوقع أن تنمو السوق العالمية للنشاط البدني، التي تشمل كل شيء من عضويات الصالات الرياضية إلى معدات اللياقة البدنية... بمعدل سنوي قدره 8 في المائة بين عامَي 2023 و2027. هذا النمو يعكس التركيز المتزايد على الصحة والعافية، مدفوعاً بعوامل مثل ارتفاع الدخول المتاحة وزيادة الوعي الصحي. وليست المنطقة العربية بمنأى عن هذا التوجه؛ ففي المملكة العربية السعودية، تشهد سوق اللياقة البدنية أيضاً توسعاً سريعاً، ومن المتوقع أن يصل حجم سوق الصالات الرياضية واستوديوهات اللياقة في المملكة إلى 2.64 مليار دولار بحلول عام 2032، مرتفعاً من 968 مليون دولار في عام 2023، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 5.89 في المائة.

إن مستقبل صناعة اللياقة البدنية يبدو واعداً؛ إذ تواصل هذه الصناعة التكيّف مع تفضيلات المستهلكين المتغيرة، وأظهرت مرونة في التعامل مع الأزمات الاقتصادية. ويدعم هذا المستقبل المشرق التطورات التقنية التي أصبحت تلبي رغبات المستهلكين، وتقدم لهم خدمات مختلفة تمكّن من تكامل التجارب المادية والرقمية، وما نمو الصالات الرياضية الفاخرة إلا دليل على ازدهار هذه الصناعة التي تمكّن القائمون عليها من إقناع المستهلكين بأن الذهاب إلى النادي يمكن أن يكون تجربة مختلفة وممتعة، على عكس الانطباع السائد في السابق. وليس من المستغرب اليوم أن ترى بعض المشتركين في النوادي يمارسون أعمالهم في مناطق مخصصة لذلك في الأندية الرياضية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف