لماذا نتذكر السادات هذه الأيام؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
ذكّرنا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالرئيس الراحل أنور السادات، حيث قال في حديث عنه إنه فعل أشياء لم تُفهم حينها. والحقيقة أننا نتذكر السادات هذه الأيام التي انهارت فيها دول عربية، وضعف بعضها وتوسعت الفوضى واستعرت الحروب، وشُرِّد الآلاف من مواطنيها ودُمرت بيوتهم. ولكن لماذا السادات الآن؟ وما الدروس التي يجب أن نتعلّمها من هذا القائد الاستثنائي؟
الإجابة واضحة؛ وهي أن الخيار الذي اتخذه هو الخيار الذي أثبت أنه الصحيح والصائب رغم حملة التخوين والهجوم المكثفة عليه حتى بعد اغتياله. وقد تعرض لحملات تشكيك وحفلات شتم حتى من أعضاء في حكومته، وقد كان مصيباً عندما أبعدهم تماماً عن مفاوضات «كامب ديفيد»، وحصر النقاشات بشخصه وبأسامة الباز. لقد كان يرى ما لا يرون ولديه أحلام أكبر وأبعد. ويتذكر بطرس غالي أن الرئيس السادات لديه هدف واحد وهو استعادة السيادة الوطنية لمصر عبر إعادة أرضه المحتلة واعتبار السلام خياراً استراتيجياً.
هنري كيسنجر يصف السادات بأنه من أهم القادة السياسيين الذين عرفهم، ويعدّه من أهم رجال الدولة في التاريخ الحديث. ويعرّف رجل الدولة الحقيقي بهذا التعريف المعبّر: «رجل الدولة هو الذي ينقل شعبه من المكان الذي هو فيه إلى مكان آخر مختلف لم يكن فيه. مهمة صعبة يقوم بها وحيداً». أي الذي ينقله من الماضي إلى المستقبل، من التأخر إلى التقدم، من الفوضى إلى الاستقرار والازدهار، ومن الحروب إلى السلام. والتاريخ يعلمنا أن شخصيات مثل مصطفى كمال أتاتورك ولي كوان يو ومارغريت ثاتشر نقلت مجتمعاتها من مرحلة إلى مرحلة مختلفة تماماً.
ويفرق كيسنجر بين حافظ الأسد والسادات. الأسد ماهر في تقطيع المفاوضات إلى شرائح؛ حيث يتخذ مواقف متشددة في البداية ويفاوض بعد ذلك لفترة طويلة في اجتماعات مطولة مع مجموعات مختلفة من العسكر والمدنيين، في الوقت الذي يحدد فيه السادات أهدافه الكبيرة بوضوح منذ البداية، ولا يهتم بالتفاصيل الأخرى ولا يطيل الوقوف عندها. الفرق أن السادات أيضاً لم يكن يهتم بما يقوله عنه خصومه وناقدوه. لم يكن يهمه ما يقول عنه المثقفون المعارضون والساسة الغاضبون والطامحون والجماهير العاطفية، بل ما يحقق مصلحة بلده وما يدوّنه عنه التاريخ. وإذا ألقينا نظرة على زعماء كانوا يهاجمونه فرطوا في دولهم حتى انهارت أو أصبحت تحت الوصاية، ومجتمعاتهم التي أصبحت في مهب الريح وتحت رحمة الميليشيات، نعرف جيداً ما دوّنه عنه التاريخ. رجل دولة استثنائي قرأ الواقع بشكل صحيح واتخذ قرارات شجاعة في وقت حساس من أجل مصلحة وطنه، وكما قال الرئيس السيسي: «هزم خصومه وهو غير موجود!».