ميقاتي... هل له من اسمه نصيب؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
مع الترحيب بخطاب دولة رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية السيد نجيب ميقاتي الذي ظهر على وسائل الإعلام يوم الجمعة الماضي، وخاصة في نقطتين: الأولى الإعلان عن أن كل المساعدات الآتية إلى لبنان عينية أو نقدية، سوف يوضع لها موقع إلكتروني يدلل على ما وصل إلى لبنان من مساعدات، وكيف صرفت، مفتوح للجميع لمراقبته، وهذا تصرف حضاري يشكر عليه، والثانية أنه طلب علناً بأن يطبق القرار الأممي 1701 وإرسال الجيش إلى الجنوب، لكن ما قصر عنه هو أن القرار الأممي 1701 ينص على انسحاب العدة والعديد لـ"حزب الله" إلى ما بعد نهر الليطاني، وهو أمر لم يتطرق إليه دولة الرئيس، أما الثاني فإن العقدة هي "سلاح الحزب" والذي نصّت على نزعه قرارات أممية سابقة، و هو عقدة المنشار الحقيقية والكبرى في لبنان. مطالبة الحزب بوقف إطلاق النار هي محاولة من أجل بقاء بعض قوته المسلحة بعيدة من التصفية، وذلك أمر يجعل دورة العنف تتكرر في وقت لاحق، وربما سنوات قصيرة، كما يحقق استمرار الهيمنة على الدولة. يعرف الرئيس أن الدولة اللبنانية قد توارت، وربما دخلت في غيبوبة، وتحمل التناقض، أي أنها مسؤولة أمام دول العالم، ولكن ليس لديها سلطة على الأرض، السلطة كاملة لحزب غير مسؤول ولكنه مسيطر على كل مقدرات الدولة اللبنانية، اقتصاداً وسلاحاً وقضاء، فمن يملك السلاح هو الذي يفرض إرادته. ومع أن اسم ميقاتي يعني في جزء منه كناية عن "ضبط التوقيت" إلا أن دولة الرئيس لم يحسن ضبط التوقيت للجهر بما يتوجب الجهر به، و هو أفضل من يعرف الوضع الذي وصل إليه لبنان، ويعرف نبض شعبه الذي أخذ إلى مكان لا يرضاه ولا يفيده، فالاقتصاد اللبناني قد تدهور، وزادت نسبة الفقر، وتعطلت السياحة، وفر رأس المال، والأكثر من ذلك فقد الأمان والأمل. دون نزع سلاح الميليشيات لن يستقر لبنان مهما كانت نيات بعض اللبنانيين طيبة. التوقيت لرفع شعار السلاح فقط للجيش هو اليوم، وأي تأخير في رفع الشعار ذاك وحشد الجماعات المختلفة خلفه، هو إتاحة الفرصة لإعادة تخريب لبنان من جديد. ومن الواضح أن ذلك لا يناسب قيادة الحزب، وأيضاً لا يناسب قيادة حليفه، لأن هناك مصالح كبرى قد تحققت على حساب بقية الشعب اللبناني. الحزب يناور الآن، وحليفه أيضاً هو زعيم المناورة، وفي الغالب السيد ميقاتي وسياسيون لبنانيون آخرون يعرفون ذلك حق المعرفة. حتى الساعة فرض الحزب وحلفاؤه أجندة الحديث، لا صوت يعلو فوق صوت وقف إطلاق النار، مع عدم الاستعداد لسحب العديد والعدة من الجنوب، ومع عدم الاستعداد للتفكير في السماح لبناء مؤسسات الدولة، لقد صاحب إطلاق النار في لبنان إطلاق الإرهاب الفكري، في الغالب خوفاً من زعران الحزب المسلحين القادرين حتى الآن على شن موجة من الاغتيالات، إما المعنوية أو حتى الشخصية.لقد خُدع المرحوم رفيق الحريري بكلام معسول فاطمأن ثم أُخذ على غرة، وتبعته كوكبة من السياسيين اللبنانيين على مذبح الحزب، أما اليوم فإن أصوات مخلصة بدأت تظهر في لبنان مطالبة بجيش واحد وسلاح واحد، ورغم التنمر عليها، كما فعل المتحدث الصحافي باسم الحزب، إلا أنها مستمرة في رفع الصوت والمطالبة بالحق، فلبنان يجب ألا يكون صندوق رسائل دموية لقوى متصارعة في الشرق الأوسط، حتى لو غطي ذلك بشعارات كثيفة من تاريخ عفا عليه الزمن في الصراع التاريخي الإسلامي. الدول ترتب أمورها وبوصلتها على مصالح الأكثرية، ولا انجرار وراء أقلية تابعة، جزء منها رتب له مصالح وآخرون غرر بهم. فالمطلوب من دولة الرئيس القائم بالأعمال أن يستخدم بحزم ما يعنيه اسمه، ويقرر الميقات الصحيح لاستعادة لبنان، أما الخيار الآخر فهو استمرار دوامة العنف واضمحلال الدولة.