جريدة الجرائد

إشكالية الخبير العسكري

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

وأنت تتجول بين القنوات التلفزيونية الإخبارية يلفت نظرك كثرة الخبراء والمحللين العسكريين، لكن ما يلفت أكثر هو ذهاب الرأي من لدن هذا الخبير أو المحلل إلى ما يتوافق مع القناة.. الآن في أحداث غزة ولبنان ترى من العجائب التحليلية الكثير.. وكأنك في بازار تحليلي لا ينفك من التمرير ما هو متفق عليه؟

لدينا حب المعرفة والرغبة في فهم ما يدور في العالم والتطلعات ليست محدودة، وكثيرون يدفعهم فضولهم لمتابعة كل ما يجري ويستنجد بالخبراء لمعرفة ما يدور حوله، وأنا كذلك شخصياً لست خبيراً عسكرياً ولا حتى قادراً على استشراف ما يدور أو حتى قرأته.. لكن أنا مشاهد أُدرك ما يرمي إليه الخبير المحلل وهو يقول إن المقاومة تستدرج إسرائيل إلى الداخل اللبناني ثم ستفتك بها!؟ وأدرك أن نقيض ذلك ما يقدمه خبير آخر على قناة أخرى وخلال فترة الساعة الإخبارية نفسها.. وهو يشير إلى أن الأمور اتضحت، لبنان أصبح تحت السيطرة الكاملة لإسرائيل.. وهنا أعتقد أن أي مشاهد بسيط كحالي أنا يدرك أن هناك تلاعباً وتوجهات ملتوية لدى أولئك الخبراء.

مشكلة أخرى في إشكالية الخبير العسكري وهي التنبؤ.. وهو ما شاهدته لأحدهم تحت مسماه رئيس الدراسات العسكرية.. وهو يجزم بأن الحرب ستستمر لعدة سنوات؟ وأنا لا أعلم بذلك.. لكن لم يسعفنا بالأسس التي اعتمد عليها في تحليله، وهل هو صاحب نبوءات أم بيّاع كلام؟ أم أنه يتبع أيديولوجية ويريدنا أن نقتنع بها؟

في عالمنا العربي من هو ذلك الذي نقول عنه إنه محلل أو خبير عسكري.. أتمنى أن نجد تفسيراً لماهية هذه المهنة التي أصبحت جزءاً مهماً من النشرات الإخبارية والتقارير.. من يستطع وضع وصف.. وهل هي مهنة أم نتاج خبرة؟ والسؤال الأهم من الذي يستحق أن نطلق عليه هذا المسمى؟ غير ذلك هل هي مدارس تحليلية أم بازارات ولاء وتلميع وفقاً لما تريده المحطة التلفزيونية؟

من جهتي بحث عن إجابات وتنقلت في أروقة قرائية كثيرة لأجل ذلك.. وخلصت أن أهم نقطة في الأمر العسكري التحليلي أن يكون من أهل الخبرة الميدانية في مجاله حرباً ودبلوماسية.. ويا لسوء ما بحثت عنه حينما تتبعت السير الشخصية لبعضهم لنجد أنهم برتب أو مناصب.. لكن من أبناء المكاتب.. لا.. المواجهات.. هنا نستطيع أن نقول: إن هذه المهنة يتم تكييفها حسب المزاج والحاجة..

الأهم في القول إنه حق لي ألا أفرق بين المحللين العسكريين والمنجمين من حيث الوهم والمزاج واستخدام الأدوات الحاضرة كالتنبؤ بوفاة شخص هو في الأساس مريض ويربطها بالواقع، بل إن لدى خبراء العسكر خلطاً رهيباً يفرضه التوجه أكثر من جراء سيطرة متطلبات الربح وتحديات العصر الإعلامي المضطرب الذي نعيشه.. جعلت الفوضى التحليلية العسكرية تأخذ أبعاداً كبيرة..

المهم في القول إن مجال الإعلام التحليلي العسكري عربياً فيه كثير من الخلل ويفتقر للاحترافية المهنية في معالجة الأحداث، فهو ينقاد للعاطفة وبما جعل غير المؤهلين هم الحاضرون على منصات الإعلام.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف