تراكمات
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
سهوب بغدادي
قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} وفي آية أخرى {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا}، فتأتي الآيات كرسائل طمأنة للمؤمن بأن الله لا يكلّف عباده بما يفوق طاقاتهم وتحمّلهم حتى وإن كان الحمل عبارة عن مشاعر، ففي الحياة هناك تراكمات إيجابية، مثل تراكم الخبرات، فنقول هذا الشخص لديه خبرة تراكمية، وهناك تراكم الذكريات العطرة والسعيدة التي نحنُّ إليها في أوقاتنا العصيبة وتبقى كرصيد ثمين في بنك المشاعر، ويكون التراكم إيجابيًا عندما يصب في إطار الجهود المبذولة والمهارات المكتسبة، في المقابل، إن الأغلبية يعرفون تمامًا معنى تراكم المشاعر السلبية والضغوطات -حمانا الله وإياكم- وهو أمر شائع، بل يكاد يواجهه الكثير من الأشخاص في حياتهم اليومية، فتتراكم وتتراكب الضغوطات النفسية والجسدية لأسباب متعددة من أبرزها: الضغوطات والتحديات اليومية، كالعمل، والعلاقات الشخصية، والمشاكل المادية، فضلاً عن عدم التعبير عن الذات والكبت، والأسوأ من ذلك الآمال والتوقعات غير المنطقية أو المنافية للواقع في ظل الانفتاح الحاصل والمقارنات المحققة في عصر الثورة الرقمية، مما يؤدي لا محالة إلى ارتباط التراكمات بالقلق، والتوتر، والاكتئاب، والعزلة، والمشاكل التي تلحق بمختلف أجزاء الجسد، كالصداع، والأرق، ومشاكل الجهاز الهضمي، وارتفاع ضغط الدم، وما إلى ذلك من العوارض والأعراض الصحية -متعكم الله بالصحة وأتم عليكم العافية- إنه لمن الصعب التعامل مع تلك المشاعر الغامرة في حينها، ويبقى كل ما يُقال نظريات وفرضيات إلى أن تُطبَّق على أرض الواقع، إلا أن الشخص يحاول ويسعى إلى الطريق الصحيح ما أمكن، ولعل أبسط ما يمكن فعله هو التعبير عن المشاعر «الفضفضة»، كم هو محظوظ من وجد في شخص آخر ملجأً آمنًا ومستودعًا لأسراره! كذلك تعد الكتابة أحد أوجه التعبير عن النفس، أيضًا، قد يشكِّل الانخراط في الأنشطة الفنية والرياضية وسيلةً ناجعة لتفريغ الطاقات السلبية، وبالطبع الاسترخاء، وممارسة التأمل، وتمارين التنفس، ففي حال لم تنجح كل هذه الأمور، إذن، فالاستشارة لأهل الاختصاص تعد ضرورية ولازمة، كي يتمكَّن الفرد من التعامل مع مشاعره وإدارة الضغوطات. في الختام، كلنا نتعرَّض لسيل من المشاعر والضغوطا، فالأهم هنا التحلِّي بالصبر والجلد والإيمان بالله، فما تراكمت إلا لتمطر.