جريدة الجرائد

متى نفيق من الأوهام؟

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
عماد الدين حسين

متى نفيق كعرب ومسلمين من الأوهام، ونحتكم إلى العقل والعلم، ونتوقف عن الخرافات والخزعبلات، التي ثبت أنها السلاح السري، الذي يستخدمه كل الأعداء بمهارة ضدنا؟

قبل أسابيع قليلة خرجت تظاهرة حاشدة في إحدى المدن العربية تنديداً باغتيال إسرائيل لزعيم «حزب الله» اللبناني حسن نصر الله بغارة على مقر الحزب المركزي في حارة حريك بالضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت مساء 27 سبتمبر الماضي.

من الطبيعي أن تخرج تظاهرات تنديد بإسرائيل وأمريكا في العراق أو في إيران أو في صنعاء أو دمشق لاغتيالها حسن نصر الله، لكن ليس هذا هو موضوعي بل أحد الهتافات التي رددها متظاهرون في إحدى المدن العربية.هؤلاء، وكما سمعت صوتهم في الفيديو، كانوا يهتفون قائلين «ما يقدرون نقابل.. ودوا طيارات»، والمعنى الذي يقصدونه بطبيعة الحال أن إسرائيل جبانة، وتخاف من المواجهة المباشرة، وبالتالي تضطر إلى استخدام الطائرات المسيرة أو المقاتلات والقصف من بعيد جداً بدلاً من أن تأتي للمواجهة المباشرة في ساحة المعركة المفتوحة!

هذا الهتاف هو أحد أخطر الأمراض، التي تعاني منها قطاعات كثيرة في الأمة العربية والإسلامية.

المشكلة للموضوعية لم تكن في مسيرة هذه المدينة العربية وحدها، بل تتكرر في مسيرات وندوات ومؤتمرات وفاعليات في مدن متعددة من المحيط إلى الخليج.

والأخطر من رفع هذه الشعارات هي أنها مترسخة في الأذهان والعقليات، ويصدقها كثيرون.

حينما تجلس مع بعض هؤلاء يقولون لك إن إسرائيل وكذلك أمريكا، والعديد من دول الغرب جبانة، ولا تستطيع مواجهة العرب الشجعان بصورة مباشرة، وبالتالي فهم يقومون بقصف المدن والقرى والمناطق العربية، بدلاً من المواجهة المباشرة.

عقلية هؤلاء أن الحرب ينبغي أن تخاض بالطريقة التي كانت سائدة قبل قرون حينما كان المتحاربون يتواجهون رجلاً لرجل بالخيول والسيوف والرماح والنبال.

اليوم تقدم علينا الغرب.

الغرب شهد تقدماً كبيراً في كل شيء خصوصاً السلاح، وهذا الأمر ليس وليد اليوم، بل منذ عقود وقرون، وبسبب ذلك تمكن من استعمار أغلبية بلدان العالم الثالث، ومنها البلاد العربية.

الآن هذا التفوق صار كاسحاً للأسف، وصار معظم العرب يعتمد في أغلبية مجالات حياته على الغرب والشرق في كل شيء من أول الإبرة إلى الصاروخ، مروراً بالسبحة وسجادة الصلاة.

حينما يواجهنا الغرب فإنه يتفوق علينا، لأنه هو الذي يصنع الأسلحة، وبالتالي لن يقدم لنا أي سلاح فتاك يمكننا أن نحاربه به، وهو أمر طبيعي ومنطقي، ولا يمكننا أن نلومهم على ذلك.

وطوال المعارك والحروب الماضية فإن هذا الغرب، وفي القلب منه إسرائيل، يقصفون مدننا وبلادنا العربية بمقاتلات وصواريخ من مئات وآلاف الأميال، دون أن نتمكن من رؤيتهم، وبالتالي فالأهم أن ننشغل بكيفية أن نكون متقدمين في كل شيء، من أول إنتاج الغذاء والدواء والسلاح المتقدم مروراً بأي سلعة حتى لو كانت السبحة!

السؤال الذي يفترض أن يشغل أي عربي غيور على أمته وعروبته هو: متى نتوقف عن الشعارات والعنترية، ونفكر كيف يمكننا أن نواجه إسرائيل وكل من يدعمها بالصورة الصحيحة؟

الشعارات الفارغة انتهى زمنها منذ عقود، ولن ننتصر على إسرائيل سواء كنا متفرقين أو موحدين إلا حينما نكون قادرين على إنتاج سلاحنا وغذائنا ودوائنا، ومعظم حاجاتنا الأساسية.

ما فعلته إسرائيل حينما فخخت وفجرت أجهزة «البيجر» و«التووكي توكي» في أجساد عناصر «حزب الله» يفترض أن يجعل كل الأمة العربية تفيق من سباتها وغفلتها وجهلها وتخلفها.

لكن بداية المواجهة أن نفيق من الأوهام والخزعبلات وعقلية التفكير المتخلفة، التي تعتبر أحد أخطر الأسلحة التي تستخدمها إسرائيل ضدنا.

عصر المواجهة رجلاً لرجل انتهى منذ قرون، وموجود فقط في معلقات الشعر الجاهلي. الآن هناك أسلحة تدار بالذكاء الاصطناعي، وحروب تحسم سيبرانياً دون أن تتواجه الجيوش أساساً.. فمتى نفيق من الأوهام؟

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف