لماذا مشاركة النساء لم تجعل العالم أفضل ؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
بشرى فيصل السباعي
أبرز تحليل لأسباب الحرب الروسية على أوكرانيا كان لرئيس الوزراء البريطاني &"بوريس جونسون&" أثناء اجتماع قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، حيث قال: &"لو كان بوتين امرأة.. فأنا لا أعتقد أنه كان سيشن حرباً مجنونة عنترية -macho والغزو والعنف بالطريقة التي فعلها.. إذا كانوا يريدون نموذجاً كاملاً للذكورية السامة، فإن هذا النموذج موجود أمامنا في شخصه&"، وقال إن هذا &"يبيّن أهمية تعليم البنات حول العالم ومشاركة المزيد من النساء بمناصب السلطة&". وهذا التصريح يبيّن سبب ضغط الغرب على بلدان العالم العربي والإسلامي الغارقة في الحروب والإرهاب لإشراك المرأة في الشأن العام وصناعة القرار، فالسبب ليس كما تصف نظريات المؤامرة أنه التآمر على عفة وفضيلة المسلمات وإرادة الضعف للمسلمين إنما هو من نتائج الدراسات العلمية النفسية والاجتماعية عن طبيعة الجنسين؛ فجنس الذكور في الحيوانات والبشر في حال صراعات دائمة على السلطة والغزو والحروب على مناطق النفوذ التي تحددها ذكور الحيوانات بواسطة نشر إفرازات الجسد على حدودها، بينما إناث الحيوانات حتى في الفصائل المفترسة لا تشارك في الحروب والصراعات على السلطة داخل الجماعة ولا الحروب على مناطق النفوذ، فالمسالمة صفة القطبية المؤنثة في البشر والحيوانات، بينما الذكورية هي دافع الحروب والصراعات، لكن لماذا رغم دخول النساء في المناصب القيادية في الدول التي تخوض باستمرار حروباً عدوانية مثل أمريكا لم تصبح أكثر سلمية؟ السبب أن المنظومة السائدة تمنع النساء من أن يكون لهن رأي مخالف لأنماط الذكورية، فمشاركة النساء يمكنها جعل العالم أكثر سلماً وسعادة فقط إن كانت المنظومة السائدة تسمح لهن بالتعبير الحر عن منظور القطبية المؤنثة التي تميل لحل المشاكل والصراعات عبر الدبلوماسية والحوار، كما فعلت الملكة بلقيس مع النبي سليمان، ولا تؤيد خوض حروب عدوانية لأجل النفوذ، وتفضل بدلاً عنها سياسات الحوار والتعاون، ولذا ما سيصلح العالم ويجعله أفضل وينهي همجية الحروب والإرهاب ليس فقط مشاركة النساء في الشأن العام وصناعة القرار إنما السماح لمنظور القطبية المؤنثة بأن تكون له مواقف مخالفة للأنماط الذكورية، والدول الاسكندنافية التي تتصدر قوائم السعادة والرفاه والأمان والنزاهة مثال لحال الدول عندما تسودها القطبية المؤنثة التي تتمثل في صفات المسالمة والديمقراطية/الشورية والدبلوماسية والمرونة وحس الرعاية والرفاه والحياة الطيبة والتعاون، بينما القطبية المذكرة تتمثل في صفات حب السلطوية وفرض الهيمنة والصراع والمنافسة والاستبداد والتصلب والتعصب والتفرد، والحال المثالي هو حضور القطبيتين المذكرة والمؤنثة في الشأن العام وصناعة القرار بشكل متساوٍ وحر، وغياب القطبية المؤنثة أو بالأصح تغييبها يؤدي تلقائياً للغلو والتطرف الذكوري السام والضار بالجميع، وهناك دول تسودها الثقافة الذكورية مثل اليابان لكن القوانين التي وضعت لها في أعقاب الحرب العالمية الثانية منعتها من أنماط الذكورية السامة، مثل منع مشاركتها بالحروب الخارجية، وفرض الديمقراطية، وهذا أجبرهم على أن تصبح لهم أنماط القطبية المؤنثة، أي توجيه مواردهم لرفاه الإنسان والحياة الطيبة بدل الحروب وصراعات السلطة والهيمنة التي كانت اليابان مهووسة بها، ولذا لن تتحسّن أوضاع العالم العربي والإسلامي من كل وجه وبخاصة لجهة إطفاء نيران الحروب والإرهاب إلا بمشاركة النساء بالشأن العام وصنع القرار مع حرية كاملة لهن باتخاذ قرارات نابعة من القطبية المؤنثة ومعارضة للتوجهات السلبية للذكورية، مع العلم أن النساء يمكن قولبتهن على قالب الذكورية المتطرفة حتى يصبحن ذكوريات/مسترجلات لهن موقف مضاد لبنات جنسهن وحقوقهن وضد مبادئ القطبية المؤنثة بحيث أن دورهن لن يختلف عن الرجال، وبذلك لا تكون هناك فائدة من مشاركتهن بالشأن العام وصنع القرار.