جريدة الجرائد

البنوك المركزية بين الاستقلالية والتدخل الحكومي

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

علي محمد الحازمي

شاهدنا العديد من الحكومات في خضم الأزمات التي عصفت بالعالم -على الأقل- في القرن الواحد والعشرين أقحمت نفسها في السياسات النقدية للسيطرة المباشرة على تحديد أسعار الفائدة، وهذا يتعارض مع الاتجاهات التاريخية الراسخة والمعايير المالية الدولية، بما في ذلك استقلال البنك المركزي. فمن أين أتت فكرة استقلال البنوك المركزية؟

إن فكرة استقلال البنك المركزي لها تاريخ طويل. وقد أكد على ذلك، تحذير عالم الاقتصاد السياسي الكلاسيكي ديفيد ريكاردو في وقت مبكر من العام 1824 من عدم العهد للحكومات بسلطة إصدار النقود الورقية؛ لأنه من المؤكد أنها ستسيء استخدامها. حتى الإمبراطور الفرنسي الاستبدادي نابليون بونابرت ادعى عند إنشاء بنك فرنسا أنه يريد أن يكون البنك في أيدي الحكومة، ولكن ليس بشكل مبالغ فيه. في القرن العشرين كان الرأي السائد هو أن السياسة النقدية تشكّل أداة مهمة لإدارة الحكومة للاقتصاد. ووفقاً للنظرة الكينزية في ذلك الوقت التي ترى أنه من السخف أن تتخلى الحكومات عن رافعة اقتصادية مهمة مثل السيطرة على أسعار الفائدة.

بدأت الفكرة السائدة تتغير في أعقاب أزمة الركود التضخمي في سبعينيات القرن الماضي، حيث زعم خبراء الاقتصاد الكلاسيكيون الجدد مثل ميلتون فريدمان أن الزيادات المتكررة وطويلة الأجل في أسعار الفائدة فقط هي القادرة على إنهاء أزمة الركود التضخمي. ومع ذلك، فريدمان يرى أنه لا يمكن الوثوق بالحكومات في الحفاظ على أسعار الفائدة المرتفعة لأنها ستتسبب أيضاً في البطالة، وبالتالي كانت هناك حاجة إلى بنك مركزي مستقل معزول عن السيطرة السياسية الحزبية يمكنه القيام بما هو ضروري لاستقرار الاقتصاد.

على الرغم من أن استقلال البنوك المركزية يرتبط عموماً بانخفاض التضخم، فإن الأداء التاريخي للبنوك المركزية المستقلة ليس خالياً من العيوب. وإذا عدنا قليلاً للعقد السابق، سنكتشف أن البنوك المركزية المستقلة كانت مسؤولة جزئياً عن اندلاع الأزمة المالية العالمية في عام 2007-2008. كان قرار محافظ بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي آنذاك الآن جرينسبان بالإبقاء على أسعار الفائدة عند مستويات منخفضة مصطنعة، مسؤولاً عن فقاعة الإسكان في الولايات المتحدة والتي تحولت في النهاية إلى ركود عالمي.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف