مهاترات إيرانية للخروج من المأزق
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
أثارت التصريحات الأخيرة لوزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي حول اغتيال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب اهتماماً واسعاً، حين قال مستنكراً: "أيّ عقل سليم يمكنه تصديق أن هناك قاتلاً مفترضاً في إيران يجلس ويتحدث مع الـ FBI عبر الإنترنت؟". هذا النفي العلني من عراقجي يعكس بوضوح منهج الإنكار والتكذيب الذي يلجأ إليه النظام الإيراني عند انكشاف تورطه في أعمال إرهابية خارج الحدود. إلا أنَّ هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها؛ ففي عام 2018، تكررت هذه السياسة عندما واجه محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني آنذاك، أزمة دبلوماسية مشابهة بعد تورط أسد الله أسدي، الدبلوماسي الإيراني، في مؤامرة تفجير تجمّع للمعارضة الإيرانية في باريس. وآنذاك رد ظريف على هذه الاتهامات بعبارة مشابهة: "أيّ عقل سليم يمكن أن يصدق أن رئيسنا في النمسا ودبلوماسيينا يحملون القنابل؟".
قضية أسدي والموقف المتناقض
لكن، وبعد إجراءات قانونية محكمة، ثبتت التهم ضد أسدي في بلجيكا، حيث حُكم عليه بالسجن لمدة عشرين عاماً بتهمة التخطيط لعملية إرهابية. بالرغم من صدور هذا الحكم، انتهى المطاف بإطلاق سراح أسدي وإعادته إلى إيران تحت مظلة "سياسة المساومة" التي طبقتها بعض الدول الأوروبية في التعامل مع النظام الإيراني، مما أثار استياءً واسعاً، وأثار التساؤلات حول ما إذا كانت هذه السياسة تتيح للنظام الإفلات من تبعات أعماله الإرهابية. وبالرغم من أن الحادثة كانت واضحة بوقائعها وأدلتها، لم يقم أي مسؤول دولي بمساءلة ظريف أو غيره من المسؤولين الإيرانيين حول تصريحاتهم المنافية للحقائق، ما يدل على غياب المساءلة الحقيقية تجاه إيران في المحافل الدولية، وهو ما شجّع النظام على المضي في استراتيجيته الإرهابية بأريحية.
تصريحات الحرس الإرهابي
لم يقف الأمر عند هذا الحد، فقد كشفت وزارة العدل الأميركية مؤخراً عن مخطط إرهابي للنظام الإيراني يستهدف اغتيال الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومسؤولين آخرين. وأفاد بيان صادر عن المدعي العام الأميركي أن مسؤولين في الحرس الإيراني خططوا لاغتيال ترامب، ومايك بومبيو، وجنرال ماكنزي رداً على مقتل قاسم سليماني. وعلّق مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) كريستوفر راي قائلاً: "تعاون الحرس مع مجرمين لشنّ هجمات ضد الأميركيين على الأراضي الأميركية، وهذا غير مقبول على الإطلاق".
وقد سبق لقادة الحرس الملالي أن أعلنوا مراراً نيتهم استهداف شخصيات أميركية؛ فقد صرّح قائد وحدة الصواريخ في الحرس الإرهابي، أمير علي حاجي زاده، أن الهدف الأساسي للنظام هو اغتيال المسؤولين الذين شاركوا في عملية اغتيال سليماني، بمن فيهم الرئيس الأميركي ومسؤولين بارزين آخرين، مشيراً إلى أن الانتقام منهم يبقى على رأس أولويات النظام.
المسؤولية الدولية وتداعيات سياسة المساومة
إزاء هذا السلوك، تتضح خطورة سياسة المساومة التي تمارسها بعض الدول في تعاملها مع النظام الإيراني. إن إطلاق سراح أسد الله أسدي ضمن صفقة تبادل كان بمثابة رسالة واضحة للنظام الإيراني أن الممارسات الإرهابية يمكن التغاضي عنها وأن العقاب ليس محتوماً، ما شجّع النظام على الاستمرار في نهجه. ولا يمكن تبرير هذه السياسة في ضوء التهديدات المستمرة التي يمثلها النظام الإيراني على الأمن الدولي، خاصة مع تزايد نفوذه العسكري في دول المنطقة، من العراق إلى لبنان وسوريا وغزة واليمن. إن تجاهل ممارسات طهران الإرهابية يشجعها على تنفيذ المزيد من المخططات التي تهدد استقرار دول العالم، ويزيد من جرأتها على استهداف قادة دول أخرى على أراضيها.
وفي الختام، إن مواجهة النظام الإيراني ومخططاته الإرهابية تتطلب تحركاً دولياً حازماً يتجاوز سياسة المساومة، فلا بد من مساءلة إيران وإيقافها عند حدها، بدلاً من إعطائها المجال لتنفيذ مخططاتها الخطيرة دون عواقب حقيقية.