جريدة الجرائد

القارئ العربي في الأجنحة الأجنبية

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

..عنوان مثل &"القارئ العربي في الأجنحة الأجنبية&" يرتبط مباشرة بمعرض الشارقة الدولي للكتاب، أي أن العنوان هنا هو ملاحظة يومية للمتجوّل البانورامي في المعرض وهو يتنقل من قاعة إلى أخرى، ومن جناح عرض إلى آخر، ولقد لاحظت جمهوراً عربياً حيوي الحركة في أجنحة الكتب الأجنبية التي تعرض ثقافات عديدة بلغات عالمية واسعة القراءة والانتشار: الإنجليزية، الفرنسية، الهندية، الألمانية، الروسية، الصيّنية، وفي الإمارات قارئ قارّي إن جازت العبارة من آسيا، وإفريقيا، وأوروبا، وأمريكا اللّاتينية.
هذه تركيبة ثقافية عالمية نعاينها بكل وضوح في أروقة وممّرات الكتب العالمية وهي في الآداب، والفنون، والعلوم، والتكنولوجيا، وثقافة الطفل، والاقتصاد، والحضارات واللغة، وهي بذلك توازي الكتب العربية التي يتوجه إليها القارئ المتخصص.
تزدحم الأجنحة الأجنبية بجمهور عربي قارئ يبحث عن الكتب بلغاتها العالمية، ولكن في المقابل، لا نرى أحداً من الآسيويين أو الأوروبيين أو الأفارقة يتجوّل في أجنحتنا العربية، والاستنتاج سهل وبسيط هنا، وهو أن العربي يقرأ بلغات العالم، فيما يقرأ الأجنبي بلغته هو وحده. لغة ثقافته ولغة كتبه، وبالطبع، لا ننسى أن هناك من الأجانب غير العرب يقرؤون بالعربية، ولكنها حالات نادرة، فيما هناك عرب يقرؤون بالإنجليزية والفرنسية، مثلاً، أكثر ممّا يقرؤون بالعربية.
في الحالتين هي ظاهرة قرائية صحية وجميلة، ففي ثقافة القراءة ليس المهم أن توجّهك اللغة، بل المهم أن توجّهك القراءة إلى اللغة، ومن يقرأ بالعربية يتوازى حضارياً ومدنياً وَرُقيّاً مع من يقرأ بأي لغة أخرى في العالم.
في كل دورة من دورات معرض الشارقة الدولي للكتاب نتعرف إلى أنفسنا وإلى (الآخر) الثقافي والعالمي والإنساني عبر الكتاب، هذا الحامل الورقي التاريخي للغة والفكر والمعرفة والثقافة، والمعرض أيضاً بهذا المعنى هو معرض ظواهر ثقافية أو حالات ثقافية، كأن يذهب القارئ العربي للبحث عن الكتب في أجنحة البلدان الأجنبية وهو مطمئن إلى كتبه العربية قبل ذلك.
إلى جانب هذه الملاحظة أو هذه الظاهرة يتاح للقارئ العربي بغير لغته الأم، ومن ناحية فنية هذه المرة أن يقارن بين الكتاب الأجنبي وبين الكتاب العربي من حيث الصناعة ومهنية النشر: الطباعة، الغلاف، الورق، الإخراج، وغير ذلك من تفاصيل حرفية أو إنتاجية، وبالطبع، تعود كل هذه التفاصيل إلى دور النشر المنتجة للكتاب.. سواءً الكتاب العربي أو غير العربي.
القارئ العربي في الأجنحة الأجنبية وهو يتجوّل ببطء وتركيز يخرج بحصيلة وافرة من الانطباعات والمقارنات بين كتابين.. كتاب يقرؤه بلغته العربية، وكتاب آخر يقرؤه بلغة أجنبية، وبين اللغتين وبين الصناعتين.. القارئ هو الحكم.
القارئ بوصلة ومؤشر وضمير. إنه هو وحده من يعطي حكم القيمة، وهو من يمنح الرتبة الأدبية، والقارئ هو من يشتري كتبك، أو يتجاهلها، وهو أدرى بسحر الورق والحبر والقلم أكثر من المؤلف.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف