فوضى «السناب والبودكاست» بين الهراء والمراء!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
عبده الأسمري
مع ثورة التقنية التي سيطرت على &"العالم&" منذ سنوات توسمنا النفع في دخولها على مسار &"الاستفادة&" من خلال &"عقل&" المتلقي ووعي المشاهد وفكر المتابع.. وتحول البشر في ذلك إلى مستفيد منها ومدمن عليها ومأجور لها، وتركزت الأساليب من ضعاف الأنفس ومحدودي التفكير إلى استغلالها في اتجاه &"المصالح&" الشخصية حتى وجهت سهام &"الأخطاء&" إلى كيان &"المجتمع&"؛ الأمر الذي انحرف عن مسار &"الانتفاع&" إلى هوة &"الضياع&"، بعد أن دخلت التطبيقات الحديثة التي تحولت إلى &"مسارح&" مفتوحة للهراء والمراء والغي والضلال والعداوة والاحتيال والشهرة المثيرة للسخرية، ووصل الأمر إلى تمرير &"الأفكار&" الدخيلة لهدم نسيج &"القيم&"، وتبارت وسط &"الميدان&" العشوائي نماذج اجتماعية &"غريبة مريبة&" في لهاث بائس ومخجل خلف &"المشاهدات&" ولو كان الأمر على حساب العقل والسمعة وحتى &"الكرامة&"!!
عندما تحولت تطبيقات &"السناب شات والتيك توك&" إلى وسيلة لجمع &"الأموال&" وغاية لجلب &"المشاهدات&" ارتفعت مساحة &"التفاهة&" إلى أعلى مستوياتها، وما أن تنفسنا &"الصعداء&" باستنكار &"العقلاء&" للسفه والعته الذي يقوم به &"جمع&" من مشاهير الإفلاس وزبانية &"الظهور حتى ظهرت علينا &"برامج&" البودكاست التي روجت ولا تزال للكثير من الأخطاء والإشاعات والموضوعات التي تستدعي الغرابة والدهشة، حيث يأتي المقدم وقد شمر عن سواعده وكأنه في &"مشاجرة&" على الهواء، ويقابله الضيف بذات &"الهيئة&" المستغربة، وما أن يبدأ المذيع &"الجهبذ&"!! بتوجيه أسئلته حتى تتعالى &"صيحات&" الحديث وطرائف الحلقة والقفشات المتبادلة والضحكات التي تتحول في بعض الحلقات إلى &"هيستيريا&" مرئية في &"مقاطع&" مستهجنة يخال إلى &"المشاهد&" عند رؤيتها والتمعن في جوانبها أنه أمام مشهد للكاميرا الخفية أو بروفة لأحد البرامج الكوميدية.
في أغلب برامج &"البودكاست&" لا مكان للمنطق ولا مساحة للترتيب ولا ارتهان للتنسيق ولا مجال للتنظيم، فالعشوائية سمة بارزة لا بد من توظيفها مع ضرورة طغيان&" الضحك&" وسيطرة &"النكات&" على المشهد، مع استعراض تلك &"العناوين&" المخجلة التي تركز على &"جذب&" المشاهد وتسيد &"الاثارة&" وترويج &"التمثيل&" وتوظيف &"الدراما&" في أغرب حالاتها، مع تلميع &"الذات&" وتصنع &"المكانة&" وتعميم &"التجارب&" وتنظير &"الرؤى&".
لا تتطلب برامج &"البودكاست&" سوى استوديو مجهز بالإيجار واسم غريب لافت وضيف من الأقارب أو الجيران أو الأصدقاء، ولا بد من دخول &"مشاهير&" السفه على الخط إما كمقدمين أو ضيوف للبحث عن تعليقات &"المتابعين&" من المراهقين والمراهقات والغارقين في موجات &"المتابعة&" المحزنة، حتى رأينا لاعب الكرة المعتزل وقد تحول إلى &"مذيع&" رياضي، وخرج إلينا الفنان الفارغ في دور &"المحاور&"، وشاهدنا أن الكل قد اقتحم هذه الاستوديوهات ولمسنا حجم &"الرعونة&" الكبرى في الاعداد والتقديم وإدارة الحوار، وتأكدنا ان هذه &"البرامج&" لا تختلف في مضمونها وإنتاجها ومخرجاتها عن جلسات الاستراحات وكشتات البر وأحاديث المجالس وسواليف السفر وخواطر النفس، بل إنها نسخة طبق الأصل بقالب تقني مصور.
نحن أمام موجات دخيلة في آفاق &"الفضاء الإعلامي&" وتحديات متزايدة تقتضي أن تتدخل جهات الرقابة وقطاعات &"الاختصاص &"لتنظيم هذه البرامج ومتابعتها ومراقبتها، مع ضرورة تحليل مخرجات بعض &"المقاطع&" ففي ثناياها بعض &"التجاوزات&" و&"الأخطاء&" وتصفية الحسابات الشخصية وإثارة الجدل وإشاعة الهراء والمراء، مع أهمية سن &"قوانين&" أو إصدار قرارات تسهم في تنظيف أجواء &"المحتوى &"وتوظيف جودة &"المستوى&" ومنع ووقف ومحاسبة كل ما يشوه الواقع ويخالف المهنية ويلوث الفكر ويسيء للقيم.