ما دور روسيا في "صفقة" لبنان؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
لا مصادر دقيقة في إسرائيل أو روسيا تستطيع أن تجزم بشأن ما يتمّ تداوله من أنباء بشأن محادثات تجري بينهما مرتبطة بصفقة لوقف إطلاق النار في لبنان. كُشف عن زيارة سرّية قام بها وزير التخطيط الاستراتيجي رون ديرمر، إلى موسكو الأسبوع الماضي. أشاعت وسائل إعلام إسرائيلية أنها جزء من تشاور لم يتوقف بين البلدين، لا سيما منذ اندلاع حرب غزّة، وأنها أتت بعد زيارة وفد روسي إلى إسرائيل في 24 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. بدت معلومات زيارة الوفد ركيكة. أُعلن أن وفد موسكو حمل رسالة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، دعاه فيها إلى الموافقة على مبادرات السلام التي تقترحها روسيا وتتبناها حالياً. لم يُعرف الكثير عن هوية أعضاء الوفد الذي يحمل رسالة رفيعة المستوى فيها تخاطب غير منطقي. توازى هذا الضجيج، "السري" دوماً، مع إعلان حركة "حماس" أن وفداً قيادياً، يترأسه رئيس مكتب العلاقات الدولية في الحركة موسى أبو مرزوق، التقى نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، في مقرّ وزارة الخارجية في موسكو، وسط ما قيل عن استياء روسي من مصير رهائن من أصول روسية. وفي ما عدا ديباجات الدعم، لم يتسرّب شيء يوحي بأن موسكو تحمل جديداً في مسألة الرهائن الإسرائيليين، أو خطّة، تتجاوز واشنطن والدوحة والقاهرة، لإنتاج صفقة لوقف إطلاق النار في غزة. مع ذلك، توجّه ديرمر إلى موسكو قبل أسبوع من زيارة بدأها قبل أيام إلى الولايات المتحدة التقى خلالها أركان إدارة الرئيس جو بايدن كما بالرئيس المنتخب دونالد ترامب. ولئن أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي الجديد جدعون ساعر، المُعيّن إثر "الانقلاب" الذي نفّذه نتنياهو على وزير الدفاع المُقال يوآف غالانت، أن "هناك تقدّماً في محادثات وقف إطلاق النار في لبنان"، فإنه يضيف أن "التحدي الرئيسي سيكون تطبيق ما يتم الاتفاق عليه". قام نتنياهو بـ"انقلابه" عشيّة انتخاب ترامب، وأرسل مستشاره إلى موسكو، ثم واشنطن، بعد انتخابه. بدا وكأنه يراهن على الثنائي بوتين-ترامب في رسم خططه، سواء تلك التي يعلنها ساعر بالنسبة إلى الحرب في لبنان، أو تلك التي سيقارب بها نتنياهو كل المنطقة. وبالرغم من أن الولايات المتحدة، التي بات لها موفدان اثنان إلى لبنان، آموس هوكشتاين "البايدني"، ومسعد بولس "الترامبي"، قد لا ترى في روسيا شريكاً منطقياً لتوفير ضمانات لتطبيق اتفاق في لبنان رآه ساعر تحدياً، فإن نتنياهو يتوسط في لعبة غامضة لتسويق دور لموسكو في الصفقة العتيدة. يمتلك نتنياهو تجربة موثوقة في التعامل مع بوتين في ملف سوريا. أبرم الرجلان تفاهمات لإدارة مصالحهما في سوريا قبل لقاء جمع الرئيس الروسي بنظيره الأميركي باراك أوباما في أيلول (سبتمبر) 2015 في نيويورك، وتوصلا خلاله إلى ما أتاح للمقاتلات الروسية تدخلها الناري في سوريا آخر ذلك الشهر. وبالرغم من تذبذب في علاقات نتنياهو-بوتين، وحتى توتّرها في تباين رؤى الرجلين للحرب في أوكرانيا، فإن تفاهمات سوريا بقيت فاعلة لم يشوّهها التصعيد الناري الإسرائيلي هناك، بما في ذلك قصف القنصلية الإيرانية. ووفق ما بات مسلّمة بأن نتنياهو مرتاح لعودة "صديقه" ترامب إلى البيت الأبيض، فإنه يعيد اكتشاف خصال روسيا في "الشدائد" لجعلها شريكة في تفاهمات لبنان. يتذكر نتنياهو، هذه الأيام أن يجدد، وفق تقارير روسية، تشكيل مجموعة عمل من الوزراء لمناقشة نقل أملاك كنسية في القدس إلى ملكية روسية، مما من شأنه تلبية مطالب بوتين. ولأن لموسكو نفوذاً واسعاً في سوريا، وعلاقات تحالف مع إيران وحزبها في لبنان، فإن إسرائيل تبحث عن ضمانات روسية تجبر دمشق وطهران على وقف مرور أسلحة من سوريا نحو "حزب الله" في لبنان. ويبدو أن تشاور روسيا وإسرائيل، في غموضه وتمسّك الطرفين بسرّيته، مهم إلى درجة الإيحاء بصفقةٍ ما يجري تسويقها لدى الإدارة في واشنطن، ومع ترامب بالذات. وفيما يعمل نتنياهو على إقحام روسيا في شأن هو من اختصاص أطراف اليونيفيل برعاية واشنطن، فإن في المداولات ما يتعلّق أيضاً بمخارج للحرب في أوكرانيا، والتي وعد ترامب بإنهائها؛ وقد يكون في عودة الأخير إلى التلويح بسحب القوات الأميركية من سوريا، ما بإمكان مقايضته داخل صفقة معقّدة تساهم في إنهاء حربين، واحدة في لبنان وأخرى في أوكرانيا يسعى بوتين مكابراً إلى الخلاص من كارثتها.