جريدة الجرائد

الصراحة بالكِياسة

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

سهوب بغدادي

«ما رأيك في ...؟» قد تكون جملة معتادة ويومية وتحل في مواضع متعددة، من الأمور الحياتية والمنزلية وصولاً إلى القرارات المفصلية والمصيرية، إن كل شخص له سماته وصفاته وطرقه في التعامل مع هذه الأسئلة والإشكاليات، سواءً باتباع منهجية المجاملة أم الصراحة، بالنسبة لغالبية الأشخاص يعتبر الأسلوب الأخير جارحًا أو ثقيلاً، فاعتدنا على مقولة «كلمة الحق تزعل» أو «الصراحة الموجعة» إلا أن استثارة المشاعر السلبية لدى الطرف المقابل ليست ضرورية على كل حال وأي وجه، إذ تؤخذ الصراحة من ضمن النقد البناء لدى البعض، على غرار ما نشاهد في لجان التحكيم للبرامج، فهناك شخص يتصف بالصراحة الجارحة على الدوام، إلا أنّ ذلك ليس نافعًا بالضرورة أو يصب في إطار التحسين والتطوير المستمرين، فيما ذكر المتحدث التحفيزي والمؤلف سيمون سينك في أحد اللقاءات قصة تعرض لها مع صديقة مقرَّبة، عندما طلبت منه حضور المسرحية التي تمثِّل فيها أحد الأدوار، ففعل ولبى دعوتها بكل سرور وحماس، ومنذ بدء اللحظات الأولى من المسرحية شعر الحضور بالملل، ثم هم عدد كبير منهم بالخروج، بالطبع لم يتمكَّن سينك من الرحيل وتحلَّى بالصبر حتى انتهاء العرض، عندها أقبلت الصديقة والبسمة تعلو محيَّاها لتسأله: «ما رأيك في المسرحية؟» ولسان حاله يقول إنها أسوأ مسرحية حضرها في حياته، إلا أنه قال: «أنا فخور بك، ومن الجميل أن أراكِ تفعلين شيئًا تحبينه، إنه شرف لي»، وانصرفا تلك الليلة، في اليوم التالي، قام بالاتصال بها وناقشها في وجهة نظره، وذكر لها ملاحظاته خلال العرض، فكانت ردة فعلها إيجابية وشكرته على ما فعل، بل كانت ممتنة!

من خلال القصة، يتبيَّن أن الحل الأمثل يكمن في الصراحة مع التحلِّي بالكياسة، ومقابلة العاطفة بالعاطفة والعقلانية بالعقلانية، فعندما سألته الصديقة عن رأيه في المسرحية لم يقم بإدلاء أقواله جملةً واحدةً خاصةً عند رؤيتها مبتسمة وسعيدة، فقابل المشاعر بالمشاعر، بالتأكيد يستلزم الأمر ذكاءً عاطفيًا واجتماعيًا من خلال وضع الشخص نفسه موضع الآخرين، ومحاولة معرفة مشاعرهم في تلك اللحظة والموقف، فما فعله سينك في اليوم الأول جميل إلا أنه لن يكون مجديًا إذا لم يقم بذلك الاتصال في اليوم التالي، فاليوم الأول عبارة عن «مجاملة» أو مراعاة للشعور الطاغي والغامر، واليوم الثاني يتلَّخص في «الصراحة» و»النقد البنَّاء»، فعلى الشخص أن يحلِّل الموقف بدايةً قبل تحليل السؤال المطروح، إن بعض الإجابات الصحيحة قد تكون خاطئة في موطن ما، والعكس صحيح.

«لا تبالغ في المجاملة حتى لا تقع في بئر النفاق، ولا تبالغ في الصراحة حتى لا تسقط في وحل الوقاحة».

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف