سيد... والملّا... والخاتون
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
عندما كان سيد درويش يلحن ويغني على مسامع القاهرة ودمشق وحلب، لم يكن عصر التسجيلات قد شاع بعد؛ لذلك، كان على الأجيال اللاحقة أن تتعرف إليه من خلال الذين أحيوا تراثه، ومنهم الرحابنة، الذين جمعوا بين تلك الموسيقى البلدية الهازجة وصوت فيروز. منها تمتعت الناس بتلك الرقائق الصباحية، مثل «طلعت يا محلا نورها».
بعد كل هذا العمر مع سيد درويش، وأبي الأغنية المصرية، قررت الزميلة إنعام كجه جي أن تحدث صدمة ثقافية في معرفتنا. قالت الخاتون الموصلية في ثأر واضح لابن بلدها وبلدتها إن عدة أغانيّ نسبت إلى السيد سيد درويش، هي في الحقيقة من ألحان المُلّا عثمان الموصلي، عبقري الموشحات، الذي تعرف إليه سيد درويش في أثناء عمله في سوريا، وتأثر به، كما تأثر به عدد كبير من شعراء وموسيقيي المرحلة.
ولكن لماذا طغت شهرة «سيد» في العالم العربي ولم تبلغها شهرة «الملا» الذي أغنى التراث العراقي؟ أعتقد أن السبب الرئيسي هو مصر. من أجل أن يعم، كان على كل شيء أن يكون مصرياً في تلك الأيام. الشعر، والصحافة، والفن. لو كان أحمد شوقي من أي بلد آخر لما شيدت باسمه الإمارة. ولو ظلت أسمهان في سوريا لما غارت منها أم كلثوم. ولو صدرت «الأهرام» في بيروت لما تصدرت الصحافة العربية طوال عقود.
فيروز كانت استثناء، هي والرحبانيان. ثلاثي فريد من الشعر واللحن والصوت، أضيف إليه المسرح، وإبداع في كل شيء. وبدل أن يذهبوا إلى مصر جاء الموسيقار محمد عبد الوهاب يلحن لفيروز «سهار، بعد سهار/ ت يحرز المشوار».
لماذا ظلت الحركة الفنية العابرة للأمة ضمن إطار القاهرة وبيروت؟ الأرجح أن السبب الرئيسي هو المجتمعات المحافظة. في العراق، كانت هناك مطربة واحدة هي «عفيفة إسكندر»، وهي مسيحية. وكان لا بد من الانتظار طويلاً حتى تخرج «وردة» من الجزائر. لكن هنا أيضاً، كان سطوعها من القاهرة على أنغام بليغ حمدي.
من باريس، تأتينا الروائية إنعام كجه جي، كل أسبوع، باللطائف الثقافية، وتعثر دائماً على ما لا ينتبه إليه الزملاء، ودائماً تجعل من الشأن العراقي شأناً عربياً عاماً. كما حدث في مقالها عن «الملا عثمان»، الذي كان كردي الأب والأم. وهذا يزيد في أهميته.
التعليقات
اضاءات الخاتون
كاميران محمود -الرحلة الدرويشية للشام ونتيجتها الاهم اي اغناء معارف وامكانيات السيد درويش الموسيقية(الموهوب اصلا)معروف في أوساط الموسيقيين.امامااعقب ذلك بعد عودته أي الانطلاقة التجديدية للموسيقى المصرية فلها سببان واولهما يمثله جين الإبداع المصري الذي شيد عبقريات موسيقية جديدة بناء على ماتعلمه سيد درويش من الملا مضافا إليه الجو الفني السائد حينها في مصر بسبب النشاط الفني الكبيرللجاليات الاوربية فيها وتأثيره على تنشيط الحركة الفنية في مصر وبالذات من ناحية التفاعل والاستنباط في مجال الموسيقى وفي هذه الناحية كان القصبجي رائدا باوبرالياته ودرويش نفسه كان يرافق في بداياته(تروبادور)إيطالي أثناء تجواله في شوارع الاسكندرية. اما النقطة المثيرة في مقال انعام خاتون فتتمثل في كون شيوع سماع رنة العيدان من البيوت أثناء المرور أمامها أي أن العود (الموسيقى)كان جزءا من الحياة وتقاليدها مقابل الظلام الذي تفرضه الاسلمة اليوم في مصر على كل ماله علاقة بالثقافة والفنون وقد لمست شخصيا جزءا من ذلك بحكم تعلمي العزف في عاصمتيها، في انحسار ظاهرتين تمثلتافي كون العزف على العود ملازما لمجاميع من أطباء الاسكندرية مقابل الكمانجة لأطباء القاهرة،انحسرتا لصالح أطباء تتدلى من جباههم براقيق الشعوذة. ولخص الشاعرأحمد حجازي تلك الظاهرة بالانحدار من زمن طه حسين إلى زمن الامي الشيخ الشعراوي . ومحاولات القضاء على ثقافة مصر مستمرة وهذه المرة من قبل المؤسسة الدينية فبعد أن دفنت مشروع تجديد الخطاب الديني(الاعتراف باللاديني)هاهي توأد مشروع السيسي الجديد الطموح في بناء الإنسان المصري،بدفن الجانب الثقافي وهو الأهم فيه لتجعله خطة لبناء انسان داعشي أي أسلمة المجتمع المصري وان كان هناك من يدعي ان هناك فرقا بين الاسلمة الداعشية وبين اسلمة المؤسسة الدينية غير استبدال القتل مباشرة،بالتكفير سابقالقتل ناقد الدين وتاريخه،فلينورنا. وآخر مظاهره كان الدعوةلاجبار الاطفال للتوجه الجوامع ايام الجمع لملأ ادمغتهم بالفكر الداعشي ومنعهم من التوجه لقصور الثقافة.