فلسطين.. صراع ديني وليس حضارياً
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
عبد الله سليمان الطليان
أقلام غربية تتبعها أقلام عربية تصور الصراع في فلسطين الآن على أنه صراع حضاري وأن تلك العصابات التي تعيش على أرض فلسطين استطاعت إيجاد تطور حضاري في محيط متخلف، وهذه الدعاية هي الغالبة في كثير من وسائل الإعلام الغربية الداعمة لتلك العصابات المشتتة، الغريب أن تجد من يساير هذه الدعاية من قبل أقلام عربية مع الأسف والتي سوف أعطيها مثالا واضحا على مدى انحياز الغرب من الناحية الدينية وهو تقسيم يوغسلافيا السابقة على أساس ديني بحت بين الصرب والمسلمين وتدخل روسيا وألمانيا واليونان في مساندة طرف على حساب الطرف الآخر بحسب انتمائه الديني ونعرف ما حصل للمسلمين في البوسنة والهرسك من مذابح على يد الصرب، سارعت الدول الأوروبية إلى احتواء الصراع وتدخل الناتو بقوة في ذلك لأن الصراع هذا كان في داخل الدول الأوروبية وتم التقسيم على أساس ديني وما زال هناك مناوشات تحدث بين فترة وأخرى داخل بعض الدول المقسمة بسبب أقلية دينية، الإعلام الغربي ركز على الخلفية الدينية والانتماءات المختلفة وتصارع الدول الأوروبية ومعها روسيا في مساعدة طرف على حساب طرف آخر ولكن في النهاية انتهى الصراع، لم يكن الإعلام الغربي يركز على التطور الحضاري بين تلك الشعوب أبدا.
فلسطين منذ عام 1948 وهي تعيش صراعا دينيا ووجوديا (قام هذا الكيان) بفعل وعد بلفور المشؤوم وأعطى تلك (العصابات) حق تملك على حساب الشعب الفلسطيني صاحب الأرض، وكان هذا بداية الصراع الذي لم ينته إلى الآن. نجد أن العصابات الموجودة حاليا وهي امتداد لعصابات سابقة ذات طابع ديني عنصري متعصب، هي المتحكمة من المستوطنين على أرض فلسطين، وهي تقوم بأعمال استفزازية وعنصرية دينية متعصبة، السؤال الذي يطرح نفسة: لماذا يغض الطرف عن أعمال تلك العصابات في الإعلام الغربي والإشارة إلى ذلك بشكل ضعيف جدا؟
لقد قدم الغرب لتلك العصابات الدعم العسكري والاقتصادي والإعلامي منذ بداية هذا (الكيان) وإلى الآن يأتي من أكبر الدول الغربية وهي أمريكا التي لو أرادت حل هذا الصراع فإنها تسطيع ذلك ومنذ بدايته، ولكنها وقعت تحت (الهيمنة الصهيونية الإنجيلية)، كم قرار من مجلس الأمن استخدمت فيه الفيتو، ولعل وقف القتال في غزة هو المثال الصارخ والفاضح في الانحياز لتلك (العصابات) على أرض فلسطين، سوف أعرض تقريرا عن مقدار الدعم المادي الذي يقدم لإسرائيل وهو ليس حديثا، كتبه ريتشارد كورتيس - متقاعد من وزارة الخارجية رئيس تحرير (تقرير واشنطن عن شؤون الشرق الأوسط) يقول: نحن - دافعي الضرائب - نقدم إلى دولة إسرائيل الصغيرة أكثر من مليار دولار مساعدات خارجية وعسكرية في العام، إضافة إلى الملايين من دولارات دافعي الضرائب ترسل إلى إسرائيل عبر أجزاء أخرى من الموازنة الاتحادية.
كانت المساعدات الأمريكية لإسرائيل على الدوام موضوعا حساسا، فأعضاء الكونجرس لا يذكرون أبدا حجمها الكامل. إذا فعلوا ذلك، ربما تتساءل الدوائر الانتخابية لماذا تتلقى إسرائيل من المساعدات الاتحادية أكثر مما تحصل عليه الولايات الأمريكية، التي تقاربها في عدد السكان الذين يدفعون الضريبة إلى الحكومة الاتحادية.
وخلال 16 سنة خلت - من عام 1949 حتى عام 1995 - قدم دافعو الضرائب في الولايات المتحدة إلى إسرائيل ما مجموعه 62.5 مليار دولار. هذا يعني أننا أعطينا واحدة من أصغر دول العالم - حيث يقل عدد سكانها عن عدد سكان هونج كونج - من المساعدات المالية بقدر ما قدمناه إلى دول جنوب الصحراء الإفريقية وأمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي مجتمعة. إن مجموع المساعدات إلى هذه الدول تقدر بنحو 40 دولارا عن الشخص الواحد. فيما تساوي المساعدات إلى إسرائيل 10775 دولارا عن الشخص الواحد.
هذه المساعدة هي مساعدة خارجية رسمية.. ولكن خارج هذه الموازنة هناك كمية كبيرة من المساعدات الأمريكية الإضافية التي تتدفق من دافعي الضرائب إلى إسرائيل، ولا تظهر هذه المساعدات الإضافية على جداول المساعدات الأمريكية أو على جداول الدعم الخارجي.
فالهبات التي تقدم إلى إسرائيل تسرب عبر موازنات عدد من الوكالات الأمريكية، من وزارة الزراعة إلى وكالة المعلومات. وتظهر معظمها في وزارة الدفاع، فإذا أضفنا هذه الهبات الإضافية نكون نحن - دافعي الضرائب - قد قدمنا لإسرائيل أكثر من 83 مليار دولار، أي ما يعادل أكثر من 14 ألف دولار سنويا لكل إسرائيلي.
نحن الآن نشهد في خضم هذا الصراع الحربي تعاظم هذا الدعم وارتفاع وتيرته على نحو غير مسبوق، فتلك العصابات تحارب بعتاد أمريكي وخاصة الطيران الحربي، فيأتي بعد هذا بعض الأقلام العربية لتصور الصراع على أنه حضاري وهو متجذر على أساس ديني، لو حل هذا الصراع منذ زمن كان بمقدور الدول العربية أن تسعى إلى البناء والتطوير بدلا من استنزاف الأموال في الحروب التي فرضت عليها في مواجهة تلك (العصابات) التي أوجدها الغرب.