جريدة الجرائد

مشكلة الوزير مع «أبو تمام» الكبير

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
نلوم نوابنا السابقين، ويصفهم البعض بالنوائب، وكانوا في أغلبيتهم كذلك، وكان بعضهم بحجم الكارثة، لكن فشلهم لا يعني فشل الديموقراطية، ولا فشل التجربة، ولا يعني أيضاً خلوها من عيوب خطيرة، ولذا جاء القرار السامي بمراجعة المسيرة.

يقول المثل: «يتطلب الأمر وجود اثنين، لأداء رقصة التانغو It Takes Two To Tango، فـ90 في المئة أو أكثر من القرارات، التي نصفها اليوم بالسيئة والفاسدة والخربة، كان وراءها نواب، لكن كان هناك دائماً وأبداً مسؤول ما أرفع منهم يوافق لهم عليها، أو قد يكون المسؤول أقل رتبة أو مرتبة، لكنه يمتلك سلطة تمرير ما شاء من معاملات، كما حدث مع آلاف حالات التجنيس «غير المستحقة واللاقانونية»، وغيرها من قصص وحالات الفساد.

* * *

يقول الشاعر: «نقّل فؤادك حيث شئت من الهوى.. ما الحب إلا للحبيب الأول». وقال أيضاً: «كم منزل في الأرض يألفه الفتى.. وحنينه أبداً لأول منزل». وله أيضاً البيت التالي: «أظن دموعها سنن الفريد.. وهي سكان من نحر وجيد».

كما لشاعرنا قصائد وأبيات عظيمة أخرى، صمدت لأكثر من ألف ومئتي عام، منها:

السَّيْفُ أَصْدَقُ إِنْبَاءً مِنَ الكُتُبِ في حدّهِ الحدُّ بينَ الجدِّ واللَّعبِ

بيضُ الصَّفائحِ لاَ سودُ الصَّحائفِ في مُتُونِهنَّ جلاءُ الشَّك والريَبِ

هذا هو الشاعر أَبُوتَمَّام بن حَبِيب الحَارِث الطَّائِي (803–845م)، الذي ولد بمدينة جاسم، من قرى حوران السورية، سمع به الخليفة المعتصم فأتى به إلى بغداد، وقدّمه على شعراء وقته، فطاب له العيش، فقرّر الإقامة في العراق، لكن الموت عاجله، وهو لم يتجاوز الـ42 من عمره، كان أبوتمام أسمر البشرة، وسيماً وطويلاً، وفصيح اللسان وحلو الكلام، فيه تمتمة يسيرة، يحفظ أربعة عشر ألف أرجوزة، بخلاف القصائد والمقاطيع. يعتبر من فحول شعراء العصر العباسي، وله دواوين عدة. لكنه، بطريق الصدفة، كان أيضاً ضحية الفترة الغريبة السابقة، التي مررنا بها في الكويت، فقد سبق أن كُرِّم، قبل عقود، بإطلاق اسمه على مدرسة ثانوية شهيرة تقع في منطقة الرميثية، سبق أن تخرج فيها عشرات الآلاف من أبناء المنطقة، وما جاورها، وأصبحت تلك المدرسة، مع الوقت، جزءاً من ذاكرتهم وذكرياتهم، وتاريخهم، إلى أن قام أحد «فرسان تلك المرحلة الغريبة»، بالتوسُّط لدى وزير التربية حينها، وهو صديق عزيز، ليقوم بتغيير اسم المدرسة من «أبوتمام» إلى اسم أحد أفراد عائلته! رفض وزير التربية والتعليم العالي الطلب الغريب، فلجأ الوسيط، وكان نائباً ووزيراً محللاً، إلى رئيس الوزراء، وكان من المعروفين ببياض أثوابهم، فضغط الأخير على وزير التربية، وتم لزميله المحلل ما طلب!

نتمنى على الحكومة إعادة إطلاق اسم «أبوتمام» على تلك المدرسة، فهذا بمنزلة عودة الحق إلى أصحابه.


أحمد الصراف

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف