جريدة الجرائد

فيروز كالله يحلّ فينا تسعين مرّةً... لنتّعظ

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

تسعون فيروز (20 تشرين الثاني 1934-)! باطلٌ كلّ وصفٍ. لكنّي أصف. تسعونكَ، أيّها الصوت، كالله يحلّ فينا تسعين مرّةً، ولا نتّعظ.كوضوحٍ ينطلي علينا فنعجز عن إيضاحه. كالغموض. كالسرّ. كالمعجزة. كالمستحيل. كالواقع المستحيل.كلّما حاول أحدُنا أنْ يصف، وقع في الفجوة، في قلّة الحيلة. لا فائدة من الوصف. لا ينفع. في التسعين أو في غيرها، أكثر أو أقلّ. لا بدء لا انتهاء. ولا مساء. ولا صباح. كما لا وقت. ولا إقامة. كالأوقات حين كلّها دونه. والأزمنة.ممكنٌ أنّي أهذي. هذا صحيح. ممكنٌ أنّي أتهرّب جرّاءَ ارتباك الجهل، ولجنون العقل. كم هذا صحيح.ليت المرء يكون كلمةً، بعضَ كلمة، ليعبر في هذا الصوت. ليته نوطة، أيّ نوطة. نسمة، أيّ نسمة. وآهة. لينضمّ إلى الخليّة، إلى طريق النحل. ولا مكيال للحزن. للكآبة. وليس للغبطة مكيال. كحين يتبرّأ الانسان من الوحش الذي فيه. كحين، بتراب المغفرة، يتمرّغ الثأر. وكالحبّ، حين يفوز الحبّ بالنهر كلّه. من المصبّ إلى المنبع. وبالعكس. وكاللغة، حين تتخلّى اللغة عن الاستكبار. وكحين تربح شِعرها. كلّ الشعر. وكالعالم، حين يصير العالم رغيفَ خبزٍ وحلمٍ وحرّيّة. وكالمرض حين يختفي المرض. وكالسلاح حين يُسحَب من التداول. وكاليتم حين يلتئم في كنف عائلة.أليس هذا الصوت، كحين ينهار الموت. كحين لا يمتلك المرء شيئًا، ويؤمن بأنّه يمتلك كلّ شيء. كلّ شيءٍ تمامًا. كحين الحاجة إلى لا شيء. إلى لا شيء. كمثلِ وجع السعادة مطلقًا.كالغنى، هذا الصوت. كالفقر المحبوب. كالبحبوحة. كالاقتناع. كالرأفة. كاللين عن بكرة أبيه. كصخرةٍ هي الجبلُ كلّه. كهنيهةٍ هي الهنيهات. كالمطلق. كالنسبة. كالبَرَكة. كالنعمة. كالرفض. وكالرضا. ما أطيب الرضا!صوتكِ، يا فيروز. كالكلّ في الكلّ. كالعدم أوانَ يصير جسمًا وشكلًا وأسلوبًا وهيولى. كالفلسفة. كعيد الميلاد. كرأس السنة. كالجوع إلى المزيد من الجوع. كالشبع الذي لا يشبع. كالارتواء الذي لا يرتوي. كالنشوة التي تطالب. كالنشوة لا تعود تطالب. كيدين غريقتَين وتغرقان أكثر أكثر. وكالقيامة. وباطلٌ كلُّ وصفٍ. ولا فائدة. ولا ينفع.وإنّي عاجزٌ تمامًا. جاهلٌ تمامًا. كأنتَ، أيّها المرء، حين تصير هذا الصوت. كهذا الصوت حين يصير أنتِ وأنتَ. حين يصير أنا.كالله. أكرّر: كالله. حين، للسنة التسعين، يحلّ فينا... وليتنا نتّعظ.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف