جريدة الجرائد

لبنان....بالنسبة لبكرا شو!؟

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

عندما زرت لبنان لآخر مرة سنة 2011 استغليت الفرصة لزيارة مناطق الشمال الساحرة وجلت في بشري وزغرتا والأرز. ولفت نظري الانحسار الهائل لمساحات غابات أشجار الأرز رمز لبنان الأشهر. وبدا لي ذلك علامة ورمزية مهمة لما آلت إليه الأوضاع على الأرض بعد ذلك. وكما يفتخر لبنان بأرزه يفتخر أيضاً بكل سنتيمتر من كامل مساحته الوطنية البالغة 10452 كيلومتراً مربعاً والتي باتت مهددة اليوم وأكثر من أي وقت مضى بالاستقطاع والاحتلال من قبل إسرائيل. يشبهون لبنان بأنه مثل طائر الفينيق والذي تصفه الأسطورة الشهيرة بأنه عاد للحياة بعد أن تم حرقه بالنار، وهذه الاسطورة يستشهد بها محبو لبنان بعد كل أزمة أو حرب تحل به. ولكن اليوم لبنان على مفصل طرق هائل وكبير يتعلق بهويته ومرجعيته التي بناء  عليها سيتم تقرير إمكانية العيش المشترك من عدمه. لبنان اليوم لا يشبه لبنان يوم ولادته في بدايات القرن الميلادي الماضي، اختلفت الظروف واختلفت النفوس. تماماً مثلما ولد لبنان قيصرياً من رحم الجغرافيا، يبدو أن الجغرافيا تعيد الكرة مجدداً لولادة حرجة من الخصر يعاد فيها رسم خريطة لبنان على الهوية. صورة لبنان الخيالية التي لحنها جبران خليل جبران في مخيلته أو صورة لبنان العاطفية والتي جسدها بابداع استثنائي مسرح الرحابنة ولم يصل لبنان الحقيقي على أرض الواقع إلى أي من الصورتين باستثناء لحظات عابرة من ملامح الزمن الجميل في حقب كميل شمعون وفؤاد شهاب وشارل الحلو. مكانة لبنان في قلب العالم العربي تغيرت وأدواره تبدلت ملأت فراغه دول عديدة ومختلفة وظهرت أوجه لجيل جديد من القادة لا توجد لديه روابط عاطفية ولا ذكرى تولد الحنين وهذا يفسر الابتعاد المحسوب بمسافة ما عن لبنان ومشاكله ولكن بقي لدى لبنان ميزة تنافسية مهمة واستثنائية وهي طبيعته الجميلة ومناخه البديع ومهارة شعبه في مجالات السياحة والخدمات.خيارات مصيرية أمام لبنان في مفترق طرق حاسم بين الدولة المدنية والدولة الطائفية وخيار بين الدولة الوطنية أو التبعية الإقليمية. قرارات سيتحدد معها شكل لبنان وهويته وبالتالي مسار حاضره ودرب مستقبله وهذا سيرسم إما عودة لبنانيي المهجر والمستثمرين أو هجرة جديدة لابناء لبنان إلى اصقاع العالم مجدداً. هل لبنان أصغر من أحلام شعبه ام أنه يخبئ الخلاص للمتمسكين به، أسئلة صعبة ومعقدة تفرض نفسها لأن حجم الخوف والقلق على لبنان أصبح أشبه بالكابوس الذي لا ينتهي ولكن يبقى لدى كل محب للبنان أمل بغد أجمل وبجيل آخر يقدر نعمة لبنان ويعمل على الحفاظ على البلد بثقة ويقين وأمانة. قد يكون ذلك الحلم أشبه بمعجزة منتظرة من السماء في زمن لم يعد يقدم المعجزات ولكنه حسن ظن لا ينتهي لعل وعسى. ولو بقيت أرزة واحدة في الأفق مطلة بين الغيوم سيتعلق كل محب للبنان بفكرة أن "حبة من ترابك بكنوز الدني" .. و"راجع يتعمر". لا توجد إجابات قطعية عن شكل لبنان في الغد القريب ولكنها أسئلة تفرض نفسها وبقوة وبناء على الإجابات سيتم رسم التوجه والمسار المستقبلي. انها ولادة جديدة لاستقلال من نوع مختلف.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف