غير مرئي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
سهوب بغدادي
فيما نسعى طوال حياتنا لأن نكون مرئيين، بمعنى أن نبرز ونزهو في مواطن عدة، ابتداءً من مقاعد الدراسة وصولًا إلى التميز في العمل، من ثم يندرج هذا المبدأ في جميع نواحي الحياة، كما زاد العيار بشكل أكبر في عصرنا الحالي مع الفورة الرقمية، وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي وما بها من محتويات ومفاهيم استهلاكية بحتة، وتسطيح بعض القيم، وتفخيم بعضها الآخر، حين تضحى الشهرة والأضواء غاية لا وسيلة، ويظل الإسفاف متصدرًا أروقة «الترند» بغض النظر عن هذه الأمور، فإن هناك جانبًا يعاكس كل ما سبق، إطارٌ غير مرئي، إلا أنه الأقوى تأثيرًا وبقاءً في حياة كل شخص، على غرار النعم الخفية.
هناك أشياء غير مرئية لدى الشخص يسعى إلى تحصيلها أو الاستزادة منها، كالمشاعر، على سبيل المثال لا الحصر: الحب، والمتعة، والامتنان، والحلم، والأمل، والحكمة، والتعاطف، والإبداع، والفخر، وراحة البال، في المقابل، وهناك مشاعر سلبية غير مرئية، كالخوف، والتوتر، والكره، والغيرة، والإحباط، والحزن - حمانا الله وإياكم - على غرار المشاعر هناك أشياء غير مرئية إلا أنها متأصلة في تكوين الشخص، كالنسب والأصل الطيب والأمجاد، والحالة الاجتماعية وغيرها من المعطيات التي تتداخل في تكويننا شئنا أم أبينا، لذا يلجأ البعض احتمالًا إلى الأمور المرئية لكي يعكس على غير المرئية منها صبغة مغايرة للحقيقة، إن شطراً كبيراً مما نفعل ونختار وليد تلك المعطيات غير المرئية سواء كانت مشاعر أم أشياء، فكلما كنت راضياً ومتوازناً ومتصالحاً داخليًا معها ستعكس ذلك على النواحي المرئية في حياتك.
ختامًا، إن أجمل الأشياء لا ترى، وأغلاها لا تشترى، فالدموع المنهمرة خلفها شعور وصور غفيرة وذكريات دفينة، والزمن يقطع طريقنا بلا هوادة آخذًا معه جزءاً منا وأيامنا.