سقطت الأوهام فهل تسقط الوظيفة؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
انتهت "حرب الإسناد" التي تورط فيها "حزب الله" وورط معه بيئته الحاضنة، وسائر البيئات اللبنانية الأخرى، وسقطت معها كل الأوهام والبروباغاندا التي واظب الحزب من خلالها على تخدير جمهوره طوال عقود من الزمن.
أولا، سقط وهم أن الحزب لا يجلب سوى الانتصارات فقد لحقت به هزيمة تاريخية، إلى حد لم تعد سرديات الانتصار تقنع أحدًا اللهم سوى النواة الصلبة المحيطة به.
ثانيًا، سقط وهم المقاومة فلا هو مقاومة، ولا هو قوة تحرير بعدما استسلم عبر تفاهمات وقف إطلاق النار التي يتضمنها القرار 1701، والورقة الأميركية - الفرنسية التي تسلمها الحزب ورئيسا مجلس النواب والحكومة ووافقوا عليها، فضلاً عن ورقة الضمانات الأميركية التي سُلِّمَت للإسرائيليين بمعرفة المفاوضين اللبنانيين والإيرانيين وبطبيعة الحال "حزب الله" وأهم عناصرها إنهاء وظيفة السلاح لبنانيًا وإقليميًا.
وثالثًا، انهار وهم أن ميليشيا مسلحة يمكن أن تكون جزءًا من عقد وطني في بلد متنوع وتعددي مثل لبنان. بهذا المعنى، أثبتت مرحلة الأشهر الأربعة عشر التي مرت وانتهت يوم أمس أن لا قيامة للبنان بوجود حالة ميليشية شاذة أيًا تكن الاعتبارات الطائفية والمذهبية. فالسيطرة على جمهور من طائفة معينة لا يشكل إجازة لتحميل الطوائف الأخرى وزرًا ترفضه، ولا تشكل مدخلاً لهيمنة على الآخرين. والتمسك بوحدة البلد لا يعلو على حرية خيارات المكونات الأخرى. وبكلام أوضح، إن فئة قررت أن تبايع الحزب المذكور في حياتها ومماتها لا يعني حكمًا أن تبايعه الفئات الأخرى. وبالتالي، ما تقرره فئة من اللبنانيين ليس بالضرورة ما تقرره فئات. والمرحلة السابقة اتسمت بهيمنة ثقيلة مارسها "حزب الله" على لبنان واللبنانيين. ولا نبالغ إن قلنا إن طريق ترسيخ هذه المهيمنة كان معبدًا بالاغتيالات والغزوات والاعتداءات على الحريات وعلى أحرار هذا البلد تارة بالمباشر وطورًا بواسطة مؤسسات أمنية قضائية كانت جزءًا من ماكينة القهر التي أقامها الحزب لترويض اللبنانيين.
هذا الواقع يجب أن يكون انتهى مع سقوط شعارات الأحزاب وسردياته، وأوهامه. ولعل دخول الأميركيين على خط تقاسم النفوذ في لبنان مع إيران سيغير من ديناميكية اللعبة في الداخل. ومن هنا يفترض ألا يكون هناك رئيس للجمهورية شغّال عند "حزب الله"، وأيضًا أن تتحرر رئاسة الحكومة من الاختراق الكبير الذي نجح الحزب بتحقيقه في الأعوام الماضية. أكثر من ذلك، سيكون من المهم أن يفتح نقاش راقٍ حول المرحلة التي مررنا بها، يهنئ مرحلة تفرد فيها "حزب الله" باتخاذ قرارات مصيرية فرضت على لبنان وانتهت إلى كارثة. ولعل الضربة الكبيرة التي تلقاها تفعل فعلها من أجل أن تدفع من بقي من قادته على قيد الحياة أو من حلوا مكان الذين قضوا إلى التواضع والنزول من شجرة المكابرة والاستكبار.
لا بد لنا جميعًا في لبنان من التفكير بعمق في البلد الذي نريد أن نعيش فيه. فلبنان كما كان في العقدين الماضيين تحت الاحتلال المقنع مرفوض وسينتهي باللبنانيين إلى الاقتتال فيما بينهم، لا سيما إن كثيرين يشككون بنوايا "حزب الله" فيما يتعلق بالامتثال للشرعيتين الوطنية والدولية. فهل يعقل قادة الحزب ومرجعيتهم في إيران ويتخذوا القرار التاريخي بتسليم السلاح وإنهاء الوظيفة الأمينة العسكرية، والانتقال إلى العمل السياسي السلمي؟