عبدالله فؤاد.. التاجر المثابر والمستثمر المثمر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
عبده الأسمري
حول «المال» إلى وسيلة لصناعة «السمعة» القائمة على المبادئ والقيم والأصول بعد أن جبر «عثرات» العوائق وسبر «أغوار» التجارب متخذاً من «الصبر» عنواناً بنى منه «تفاصيل» الثراء المعتمد على الأمانة والمتعامد على المكانة..
وظف «العقبات المبكرة» في تقوية «النفس» وتهيئة «الذات» رافعاً راية «المصابرة» ومترافعاً عن غاية «المثابرة» حتى كتب جملته الفعلية بأفعال «اليقين» في منظومة من الدوافع والمنافع التي شكلت له دهرين من الثبات أحدهما للعمر والآخر للجبر.
ما بين «شظف» العيش و«قوت» الرضا و»غنى» النفس بدأ خطواته الأولى في «واقع» مكتظ بوقائع كانت مزيجا من «المتاجرة» المسجوعة بالطموح و»المخاطرة المشفوعة بالتحدي محولاً «الخسائر» المحتملة إلى «بصائر» مؤكدة أنتجت «المصائر» المبشرة.
أنه رجل الأعمال عبدالله فؤاد - رحمه الله- أحد كبار التجار العصاميين في الوطن والخليج.
بوجه ذو سحنة «حنطية» وتقاسيم «شرقاوية» يسكنها الوقار والاعتبار وملامح ودودة زاهية الحضور باهية التواجد وعينان تسطعان بنظرات التروي والانصات، وأناقة تعتمر «البياض» المتوائم مع صفاء نيته ونقاء سريرته وصوت خليط من لهجة وطنية ولغة استثمارية قوامها «نتائج الأرقام» ومقامها «واقع المهام» وشخصية نبيلة المبدأ أصيلة الفعل وكاريزما تتقاطر رقياً وتهذيباَ. قضى فؤاد من عمره عقودا طويلة وهو يؤسس اسمه التجاري ويؤكد وقعه الاستثماري.
في مدينة «الدمام» عروس الساحل الشرقي المشهورة بتخريج البارزين والمؤثرين ولد عام 1925 في منزل جده المتواضع ووسط بيئة متماسكة ومتعاضدة في المشاركة والمباركة، وقد اقترن قدومه بعواصف بحرية عصفت بمراكب الصيد وسببت الحزن على شواطئ الخليج مما حول خبر ولادته إلى فرحة صنعت «السلوان» لجيران المكان وشهود الزمان.
ووسط هذه الأحداث المتلاطمة في الظروف الاقتصادية والأوضاع المعيشية لم يكمل سنواته الثلاث الأولى بين أسرته حتى تجلى مشهد جديد للمرارة تضمن انفصال والديه وهو طفل صغير لم يتعلم من الحياة سوى المشي بخطوات متسارعة بحثاً عن حس أبيه وحنان أمه.
بعد الطلاق انتقل «الطفل» للعيش في قرية الجسرة بالبحرين في بيت جده لأمه يوسف أبو بشيت الذي حرص على تعليمه فبدأ بتعلم القرآن الكريم وبعض علوم الدين على يد «مطوع» البلدة.
وفي التاسعة من عمره دخل إلى مسار حياتي آخر، حيث انتقل للسكن في مكان جديد بعد أن تزوجت والدته في عام 1943 من عبد الله بن جاسم أبو بشيت الملقب بعبد الله فؤاد، فانتقل للسكن معهما وكانت هذه المحطة بمثابة نقلة نوعية في حياة الطفل المكافح بعد أن عوضه عمه «زوج والدته» عن الكثير من المتاعب والتنقلات الأولى التي جعلته في دوامة من «التوجس».
بدأ عبدالله فؤاد الطفل صاحب الابتسامة التي تخفي وراءها مخزون من الحيرة عمله في الخدمة لدى إحدى «العائلات الأمريكية» مقابل أن يعلماه اللغة الإنجليزية.
ثم انتقل إلى عمل جديد حيث التحق بشركة «أرامكو» العملاقة في بداياتها على وظيفة «مراسل» وظل خلالها في «سباق» مع بعد نظره و»انعتاق» من عوائق مرحلته ولكنه لم يلبث إلا أشهراً حيث تم فصله من العمل بعد وقوعه في خطأ فني غير «مقصود» بعد أن داست يده على «صافرات الإنذار» في الشركة حين غلبه «النعاس» مما سبب ارتباكا وخوفا بين الموظفين حيث حزم حقيبته «الصغيرة» التي تحتوي على كشكوله الخاص المسجوع بأمنيات التجارة والجدارة وذكريات الاغتراب وقصص الحنين وسافر إلى والده في البحرين وفي العام 1944 توفي عمه عبد الله فؤاد، وعاد إلى الخبر للبقاء مع والدته التي أسمته «عبد الله فؤاد» وفاء منها لزوجها الراحل.
بدأت علامات الطموح ترتسم عل محياه وظل ينصت إلى «أقوال» السائرين على عتبات السفر و»نصائح» القادمين على «اجنحة» الرزق» موثقاً في ذاكرته الغضة «مناهج» أولى للركض في عوالم المغامرة التي كان يراها «واقعاً» فرضته ضروريات «العيش» وسبل «التعايش «. حيث بدأ فتح أول مشروع له عام 1947 من خلال عقد لغسيل سيارات تابعة لشركة أرامكو في منطقة رحيمة ثم اشتهر اسمه حتى حصل على عقود أعمال التابلاين.
وفي أواخر عام 1950 افتتح مكتبا للترجمة في الدمام، وفي العام 1954 حصل على عقد مع شركة أميركية مسؤولة عن بعض المشاريع في مطار الظهران، ونفذ المشروع بشراكة مع الأخوين عبد العزيز وسعد المعجل.
وفي عام 1955 ظفر باتفاقية مع المؤسسة العامة للخطوط الحديدية بمساعدة شركة إيطالية لتجهيز بعض الأبراج بتكلفة 35 ألف ريال للبرج الواحد، وحقق منها أرباحا وصلت إلى 50 الف ريال، وفي عام 1960 حصل على عقد مقاولات لبناء ثلاث مدارس في الخبر، الدمام، ورحيمة لصالح أرامكو.
ثم توسعت تجارته وأسس مشروعه المشترك مع رجل الأعمال علي التميمي عرف باسم (تميمي وفؤاد)، وهي شراكة امتدت ما يزيد على 24 عامًا. وتنوعت استثماراتها ما بين شراء العقارات والاستثمار في أسهم البنوك، كما أسسا شركات ومصانع وفنادق وفازا بوكالات عالمية كبرى، وساهم التميمي وفؤاد في تأسيس بنك إنفستكورب.
في عام 1979 افتتحا أول سوق مركزي في الخبر بمزايا الأسواق المركزية الحديثة، ثم عقب ذلك تم افتتاح ست أسواق أخرى أحدها في الدمام، إضافة إلى ثلاثة أخرى في الرياض واثنين في جدة.
في عام 1971 قام عبدالله فؤاد بتأسيس مؤسسة فؤاد عبد الله فؤاد (فافكو) بماله الخاص وبمفرده والتي تخصصت في مجال المقاولات، حيث نفذت مشروعات ضخمة لصالح أرامكو وشركات سعودية كبرى وعدد من المصانع والمجمعات التجارية، وقامت بإنشاء مبنى مستشفى عبد الله فؤاد والمقر الرئيسي للمجموعة وعدد من المصانع والمجمعات السكنية، وبعد التوسع والانتشار تم تحويل كل الشركات إلى «مجموعة شركات عبد الله فؤاد».
وقد أسس فؤاد مع عبد الله النعيمي شركة الصناعات الوطنية، التي تخصصت بأمداد وتموين شركات أرامكو وبترومين، والإسمنت السعودي البحريني. كما اشترك مع عبد الله بوسبيت في تأسيس شركة «فابكو» لصناعة الورق والبلاستيك.
وفي عام 1980 افتتح عبدالله فؤاد مستشفى باسمه في الدمام بسعة 310 سرير وتم إطلاق اسم عبد الله فؤاد على الحي الذي يقع فيه المستشفى
تعرض عبدالله فؤاد للكثير من العقبات في حياته التجارية ولكنه واجهها بالتفاؤل ومواصلة الطموح والعمل الدؤوب وعدم النظر إلى الخسارة بأنها نهاية المطاف بل حولها إلى «خرائط» رسم من خلالها فرص التعويض ومعاني التغير واتجاهات الربح. حيث تعرض في عام 1981 لخسارة قدرت بنحو 800 مليون ريال ولكنه تمكن من تجاوزها والبدء من جديد
وفي نوفمبر من العام 2015 انتقل عبدالله فؤاد إلى رحمة الله عن عمر 90 عاماً ونعته الأوساط التجارية والإعلامية والثقافية على كل المستويات والأصعدة وتم وصفه بالعصامي وقاهر العثرات وغيرها من «الوصوف» التي عكست مسيرته الحافلة التي امتدت لحوالي 70 عاماً.
عبدالله فؤاد «التاجر والمستثمر والموجه الوجيه الذي كتب للأجيال ملاحم من «الاحتذاء» وأبقى للتجار مطامح من «الاقتداء» تاركاً سيرته تتردد في شؤون التذكر وتترسخ في متون الذاكرة.