سقوط حلب أو الحرب التي لا تنتهي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
كشفت الأحداث التي تعصف منذ بضعة أيام بسوريا عن هشاشة الوضع الذي كان قائماً فيها منذ أن توقف القتال بمعظمه قبل أربع سنوات. فالأرض السورية تعاني من أربعة احتلالات على الأرض: إيراني، وتركي، وروسي، وأميركي، تتقاسم الجغرافيا السياسية للبلاد فضلاً عن "احتلال جوي" إسرائيلي يحتل السماء كلها. وعلى رغم أن الرئيس بشار الأسد أعلن أكثر من مرة أنه انتصر في الحرب التي اشتعلت في 2011، فإن مسار الحل السياسي لم ينطلق. فقد اكتفى الأسد بتثبيت الوضع لمصلحة بقائه، ومعه الدعم الروسي والإيراني، ولم يحاول أن يخطو خطوة واحدة في اتجاه الحل الشامل الذي تحددت أطره بوضوح منذ أكثر من ما يقارب العقد من الزمن. فالقرار الدولي رقم 2254 بقي أساساً متيناً لحل شامل. ومنصة أستانا التي أكدت وحدة الأراضي السورية، والحل السياسي السلمي للأزمة السورية، لم تغير من حقيقة أن الحل الشامل يحتاج، إضافة لخريطة طريق لإنهاء الاحتلالات الخمسة، إلى الاستناد إلى القرار 2254 لإدارة مرحلة التغيير السياسي الذي تحتاجه سوريا كضامن لأي مسار أمني يعيد الاستقرار الى البلاد، ومسار إعماري ملازم لمشروع إعادة النازحين واللاجئين الى أرضهم. وقد كانت الورقة العربية التي سلمها وزراء الخارجية العرب بنهاية 2023 إلى القيادة السورية متضمنة مجموعة شروط بديهية اعتبرتها الأسرة العربية لازمة من أجل استكمال تطبيع العلاقات، وأيضا من أجل إخراج دمشق من الحروب التي لا تنتهي. وقد كان اجتياح محافظتي حلب وإدلب وصولاً إلى حدود مدينة حماة بالشكل الذي رأيناه نتيجة لعوامل عدة تقاطعت وراوحت بين انعكاسات ضربة "حزب الله" في لبنان، والضغط الشديد على التمدد الإيراني في سوريا ولبنان، وانشغال روسيا بحربها في أوكرانيا، وبين تردي علاقات حكومة دمشق بتركيا، وتفاقم أزمة النازحين بين إدلب وتركيا، وانسداد كل المسارات السياسية وسط عجز دمشق أو امتناعها عن إطلاق مبادرات جدية نحو الداخل أو الخارج. قد تتوقف هذه الجولة من القتال وتدخل ضمن تصنيف الحروب الموسمية أو التذكيرية في حرب قد تمتد لعقود طويلة، لكن ستبقى المشكلة قائمة بما يؤكد أن سوريا باقية ساحة خصبة لحروب الآخرين ولانعدام الحلول السياسية الداخلية.