لا تكريس لتقسيم سوريا... ولا إنهاء لحروبها
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
تعود سوريا لتتصدّر واجهة الأحداث في المنطقة بعد وقف النار في لبنان. والوضع السوري أشد خطورة من حرب إسرائيل على لبنان، إذ تتداخل فيه صراعات الدول والمحاور، وهو الصراع المتفجر على رزمة مصالح متداخلة ومتضاربة، إضافة إلى تصفية حسابات إقليمية، وحروب آخرين تخاض على حساب الشعب السوري.
الأوضاع في سوريا لم تتبدل منذ عام 2012، بل ازدادت سوءاً، بعدما انهار الوضع الاقتصادي والمالي على نحو غير مسبوق، دفع الرئيس السوري قبل يومين إلى إعطاء زيادات على الرواتب للجنود المتعبين والمهزومين نفسياً واجتماعياً. بعد مرور 12 عاماً على تحذير الرئيس السوري بشار الأسد من أن بلاده تواجه خطر التقسيم، ورغم محاولات الانفتاح على دنيا العرب، وخصوصاً على دول الخليج، والانخراط مجدداً في جامعة الدول العربية، عادت الأمور إلى الوضع المتفجّر الذي ينذر بتداعيات أشد خطورة دفعت روسيا إلى التدخل بقوة، وإيران إلى التأهب وتحريك أذرعها من العراق ولبنان، لإسناد النظام المترجّح في السياسة والأمن، لا إسناد قطاع غزة هذه المرة، بعدما استنفدت حرب الإسناد هدفها، وأدت إلى دمار لبنان، واغتيال أصحابها ومطلقيها ومحركيها.
وإذا كان الخطر لا يتهدد النظام السوري فحسب، بل الشعب والدولة، فان التقسيم ليس أمراً عارضاً لسوريا أو لدول الجوار، وللمنطقة كلها، لأن تداعياته ستتوسع إلى كل نتائج اتفاق سايكس - بيكو الذي وزع الإقليم على دول وكيانات عدة لم تنضج ظروف تحولها دولا ديموقراطية حقيقية، بل عانت الانقلابات والحروب الداخلية العبثية، وصراعات في ما بينها.
واتفاقية سايكس - بيكو لعام 1916 هي معاهدة سرية بين فرنسا والمملكة المتحدة بمصادقة من الإمبراطورية الروسية وإيطاليا على اقتسام منطقة "الهلال الخصيب"، لتحديد مناطق النفوذ في غرب آسيا وتقسيم الدولة العثمانية التي كانت مسيطرة على المنطقة في الحرب العالمية الأولى، وقد استمرت مفاعيلها منذ ذلك الحين، رغم تبدلات ومتغيرات طرأت تكراراً من دون أن تمسّ أصل الاتفاق.
إن أي تلاعب حالي بأي من الخرائط، سيستدعي إعادة النظر في مجملها، ما يعني تقسيماً جديداً لا يمكن قيامه جغرافياً بسبب توزع جديد للقوى، ودخول أطراف جديدة على الخط، وتداعيات لا يمكن أن تقتصر على الجغرافيا السورية. لكن المؤكد أن الحرب لن تتوقف قبل توزع جديد للقوى والنفوذ. وإلى ذلك الحين، ستستمر الحروب، وسيسقط مزيد من الضحايا.