سوريا من منظور آخر!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
خالد بن حمد المالك
عبّرت الدول العربية قياداتٍ وحكوماتٍ وشعوباً عن سعادتها وفرحها بسقوط نظام بشار الأسد، وانتهاء حقبة مظلمة لحاكم مستبد، ونظام دموي، ورئيس قاتل لا يرحم امرأة أو طفلاً أو رجلاً طاعناً في السن.
* *
وخرج هذا القاتل مذعوراً، وخائفاً، بحثاً عن ملجأ حتى وإن أبقاه ذليلاً، لكي لا يكون مصيره كما هم أسلافه من القتلة ممن ابتليت بهم دولنا العربية، فأذاقوا شعوبهم الويل والثبور، بين من قتلوا، أو عذّبوا في سراديب السجون المظلمة، أو هجِّروا قسراً من بلدانهم.
* *
هرب بشار الأسد، محتمياً بروسيا التي وجد فيها ملاذاً آمناً من قبضة الشعب، ومن محاسبته على ما اقترفه من جرائم على مدى 25 عاماً من الحكم الدموي المستبد الذي كشفت السجون عن بعض ما حاول أن يخفيه من الممارسات العدوانية ضد معارضيه.
* *
وبانتهاء هذا النظام البغيض، وسقوط آخر ما بقي من نظام البعث، تأتي القراءة للاستقبال الثاني غير العربي للنظام الجديد، بما لا يمكن تفسيره إلا أن الدول الاستعمارية لم يرضها أن يغيب بشار الأسد ونظامه عن المشهد، وعن حكمه الدموي ضد الشعب طالما كان ينفذ أجندتهم، ولا يخرج عن سياساتهم.
* *
تقول أمريكا بأنها ستتعامل مع كل المجموعات، أي أنها لن تقصر تعاملها وتفاهماتها مع النظام الجديد فقط، في محاولة لشق وحدة الموقف بين فصائل المقاومة، وتهميش القيادة السورية الجديدة، ومحاولة خلق خلافات بين الكيانات السورية التي شاركت في الثورة ضد بشار الأسد ونظامه.
* *
بينما تتحدث بريطانيا بأنها سوف تبقي على تصنيف هيئة تحرير الشام بوصفها منظمة إرهابية، إلى أن تتأكد لندن بأنها غير ذلك، حتى وهذه الهيئة لم يصدر عنها بعد نجاحها في الإطاحة ببشار الأسد ونظامه، ما يشكك في أجندتها، أو يعبر عن سياسة إرهابية تستدعي مثل هذا التصريح.
* *
أما إسرائيل، فقد واصلت هجومها بطائراتها على ما تقول: إنها مستودعات ومواقع لأسلحة وذخيرة ومطارات وأسراب طائرات ورادارات ومحطات إشارة عسكرية ومراكز أبحاث علمية وأنظمة دفاعات جوية، فضلاً عن منشأة دفاع جوي وسفن حربية في ميناء اللاذقية في شمال غربي البلاد تعود للجيش السوري، متزامناً هجومها مع الإعلان عن نجاح الإطاحة ببشار الأسد، وحجتها أنها لا تريد للنظام الجديد أن يمتلك سلاح الجيش، في تبرير وقح.
* *
هذه بعض ردود الفعل غير المرحبة بنجاح إزالة بشار الأسد ونظام البعث من حكم سوريا بعد أكثر من خمسين عاماً، شهدت فيها سوريا ما شهدت من إذلال للشعب، وقتل لكل من يبدي معارضته، أو يعبر عن احتجاج، بل إن جرائم سوريا لاحقت حتى القادة والرموز اللبنانية، فكان مصيرهم القتل بدم بارد.
* *
هذا النظام الذي سقط، وأُذل، وأُهين، وظهر بائساً وضعيفاً، وغير قادر على الصمود، وتبيَّن أن الجيش خذله في أيام محدودة، كما خذلته روسيا وإيران والميليشيات والشبيحة، بما يؤكد أن الشعب السوري كان المعادلة الصعبة في هذا الكفاح المشروع.
* *
ولا بأس أن يكون تعامل أمريكا وبريطانيا وإسرائيل وغيرها مع هذه الثورة على نحو ما أشرنا إليه، فهذه قوى لا تريد لسوريا ولدولنا الخير، ولا تعبر مواقفها تاريخياً عن أنها تصطف إلى جانب الشعوب ضد بعض حكام العرب الذين ابتليت بهم شعوبهم في غفلة من الزمن، بانتخابات مزيَّفة.
* *
ومع هذه التطورات التي عبَّر السوريون عن فرحهم بها، وتجاوبهم معها، فإن ما يجب التأكيد عليه مرة أخرى، أن على النظام الجديد أن ينأى بسوريا عن أي تحالفات لا تخدم سوريا وشعبها الأبي، وأن تكون الوحدة الوطنية، واستقلال سوريا، وتفريغها من التنظيمات العسكرية للدول والمليشيات عناوين بارزة، وخريطة طريق حتى تعود سوريا إلى سنوات مجدها وحضنها العربي قبل سقوطها في أيدي حافظ الأسد وبشار الأسد.