«سايكس - بيكو» القديمة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
من الواضح والجلي أن هناك محاولات متعددة للوصول إلى اتفاقية «سايكس - بيكو» جديدة في منطقة الشرق الأوسط، ونتمنى ألا تكون الضحية الأساسية للاتفاقية الجديدة هي بعض الدول العربية، مثلما كان الحال في الاتفاقية الأولى عام 1916.كثير من الشعوب العربية لا تعرف شيئاً عن الاتفاقية القديمة لأنها تمت قبل أكثر من 108 سنوات.
في السطور التالية أبرز المحطات في الاتفاقية القديمة، وهي بطبيعة الحال مواد وبنود موجودة بكثرة في أرشيف العديد من المواقع الإلكترونية، والموسوعات التاريخية.
اتفاقية سايكس بيكو في 1916 هي معاهدة سرية بين فرنسا والمملكة المتحدة بمصادقة من الإمبراطورية الروسية وإيطاليا على اقتسام منطقة الهلال الخصيب بين فرنسا وبريطانيا، ولتحديد مناطق النفوذ في غرب آسيا، وتقسيم الدولة العثمانية، التي كانت مسيطرة على تلك المنطقة في الحرب العالمية الأولى، وكان يطلق عليها لقب «الرجل المريض».
اعتمدت الاتفاقية على فرضية أن الوفاق الثلاثي سينجح في هزيمة الدولة العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى، التي بدأت عام 1914، وانتهت عام 1918. الحرب كانت بين دول الوفاق الثلاثي وهي:
المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا والجمهورية الفرنسية الثالثة والإمبراطورية الروسية) ضد دول المركز (الإمبراطورية الألمانية والإمبراطورية النمساوية المجرية، والدولة العثمانية، ومملكة بلغاريا).
ولاحقاً انضمت أمريكا ثم إيطاليا وأمريكا للطرف الأول رغم أن الأخيرة كانت مع ألمانيا في البداية، ونعلم أن الحرب انتهت بانتصار دول الوفاق الثلاثي على دول المركز.
وما حدث خلال الحرب أن دول الوفاق وقعت سلسلة من الاتفاقات السرية لتنفيذها بعد الحرب، وقد جرت المفاوضات الأولية التي أدت إلى الاتفاق بين 23 نوفمبر 1915، و3 يناير 1916.
وهو التاريخ الذي وقع فيه الدبلوماسي الفرنسي فرانسوا جورج بيكو، والبريطاني مارك سايكس على وثائق مذكرات تفاهم بين وزارات خارجية فرنسا وبريطانيا وروسيا القيصرية آنذاك، وصادقت حكومات تلك البلدان على الاتفاقية في 9 و 16 مايو 1916.
قسمت الاتفاقية فعلياً الولايات العربية العثمانية خارج شبه الجزيرة العربية إلى مناطق تسيطر عليها بريطانيا وفرنسا أو تحت نفوذها، فخصصت الاتفاقية لبريطانيا ما هو اليوم فلسطين والأردن وجنوب العراق، ومنطقة صغيرة.
إضافية تشمل موانئ حيفا وعكا، للسماح بالوصول إلى البحر الأبيض المتوسط، أما فرنسا فتسيطر على جنوب شرق تركيا وشمال العراق وسوريا ولبنان، ونتيجة اتفاق سازونوف - باليولوج المشمول فإن روسيا ستحصل على أرمينيا الغربية، بالإضافة إلى القسطنطينية والمضائق التركية الموعودة بالفعل بموجب اتفاقية القسطنطينية (1915).
وقد وافقت إيطاليا على هذا الاتفاق سنة 1917 عبر اتفاقية «سانت جان دي مورين»، بحيث يكون لها جنوب الأناضول، أما منطقة فلسطين ذات الحدود الأصغر من فلسطين المنتدبة اللاحقة فإنها ستكون تحت «إدارة دولية».
استخدمت الاتفاقية مبدئياً لتكون الأساس المباشر للتسوية الأنجلو- فرنسية المؤقتة 1918، والتي وافقت على إطار عمل لإدارة أراضي العدو المحتلة في بلاد الشام، وعلى نطاق أوسع كان من المفترض أن تقود بصورة غير مباشرة إلى تقسيم الدولة العثمانية بعد هزيمتها سنة 1918.
بعد فترة وجيزة من الحرب تنازل الفرنسيون عن فلسطين والموصل إلى البريطانيين، ووضعت بلاد الشام وما بين النهرين تحت الانتداب في مؤتمر سان ريمو في أبريل 1920، وحسب إطار سايكس بيكو استمر الانتداب البريطاني على فلسطين حتى 1948.
واستعيض عن الانتداب البريطاني على العراق بمعاهدة مماثلة مع العراق المنتدب، واستمر الانتداب الفرنسي على سوريا ولبنان حتى سنة 1946.
وحُددت الأجزاء الأناضولية حسب معاهدة سيفر بحلول أغسطس 1920؛ لكن هذه الطموحات أحبطتها حرب الاستقلال التركية عام 1919- بزعامة مصطفى كمال أتاتورك، والتي تكللت بالنجاح عام 1923.
ينظر الكثيرون إلى الاتفاقية على أنها نقطة تحول في العلاقات الغربية العربية، فقد ألغت المملكة المتحدة وعودها للعرب فيما يتعلق بوطن قومى عربي في منطقة سوريا الكبرى مقابل دعمهم لبريطانيا ضد الدولة العثمانية خلال الحرب العالمية، وانكشفت بنود الاتفاقية بوصول البلاشفة إلى سدة الحكم في روسيا في 23 نوفمبر 1917.
ومن التعبيرات ذات الدلالة وقتها عما حدث ما في صحيفة الجارديان البريطانية في 26 نوفمبر 1917، «كان البريطانيون محرجين، والعرب مستائين، والأتراك مسرورين»، ولا يزال إرث الاتفاقية يلقي بظلاله على النزاعات الحالية في المنطقة.
ما سبق كان عن الاتفاق القديم، والسؤال ماذا عن سايكس بيكو الجديدة، التي يراد أن يتم تنفيذها في منطقة الشام أي أن المكان لم يتغير بين الماضي والحاضر؟
رئيس تحرير جريدة الشروق المصري