مجزرة سوق الميلاد
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
خالد بن حمد المالك
كان يمكن تفادي واقعة جريمة سوق الميلاد في ألمانيا، والحيلولة دون وصول المخمور طالب عبدالمحسن إلى تحقيق ما سعى إليه، لو أن ألمانيا تجاوبت مع التحذيرات المتكررة من أن هذا الفاعل يخطط لجريمة يقتل فيها أبرياء، وهو ما لم يلق الاهتمام من المسؤولين الألمان.
* *
وعلى مدى أكثر من عشرين عاماً ظل طالب عبدالمحسن في رعاية ألمانيا، على أنه معارض يقيم في الدولة الألمانية، تماشياً مع سياستها في احتضان المعارضين في عدد من الدول، دون تفريق بين من هم قتلة وأولئك الذين لهم وجهات نظر سلمية، وليس من بينهم هذا القاتل.
* *
إن حادث الدهس الذي ارتكبه طالب عبدالمحسن سبقه تحذير من سيدة سعودية ثلاث مرات، لكن الألمان تجاهلوا التحذير، ولم يتوقعوا أنه سوف يقدم على مثل هذه الجريمة بحق أبرياء لا ناقة لهم ولا جمل -كما يُقال- في السياسة الألمانية.
* *
لم تسمع السلطات الألمانية التحذيرات، حتى والمملكة بأجهزتها المتطورة، ومعلوماتها الدقيقة، تحذِّر من خطورة هذا الرجل، وأن لديه نوايا عدوانية، وأنه يخطِّط لمثل هذه المذبحة، يؤكد ذلك تهديداته على منصة (X) دون أن تلقي السلطات الأمنية اهتماماً بذلك.
* *
تتحدث وسائل الإعلام عن أنه معادٍ للإسلام، وأن الفحوصات الطبية أثبتت بأنه كان مخموراً، والألمان يقولون إنه لم تتضح لهم دوافع وسبب قيامه بهذه المجزرة، وفي كل الأحوال لا خلاف على وجود تقصير من الأمن في تحييده قبل إقدامه على ما فعل.
* *
لقد نددت دول وشعوب العالم بهذا الفعل المشين، والعمل الإرهابي غير المبرر، وتعاطفت مع القتلى والمصابين وذويهم، ورأت في هذه الواقعة دليلاً على أن إيواء المجرمين باعتبارهم من المعارضين لدولهم، إنما يصب في إيذاء شعوب الدول التي تتعاطف معهم، وتكون ملاذاً لإقامتهم.
* *
لقد سارعت المملكة إلى إدانة هذا الفعل الشنيع، وتجريمه، معبرة عن تضامنها وتعاطفها مع ألمانيا وشعبها، ومذكرة بمسؤولية الدول في ضرورة تضييق الخناق على الإرهابيين، وأنها حذَّرت ألمانيا من خطورة طالب عبدالمحسن، ونواياه الإرهابية المبيّتة، بحسب ما تناقلته وسائل الإعلام من معلومات.
* *
إن ما نتمناه أن يكون فيما حدث درساً تتعلَّم منه الدول، فلا تقدم مستقبلاً على احتضان الإرهابيين على أساس أنهم معارضون لدولهم، فيما هم معارضون للحياة، وللشعوب، وللدول على حد سواء.
* *
لقد كان تكرار التحذيرات عن خطورته على أمن ألمانيا أولاً كافياً لوضعه تحت المراقبة، للحيلولة دون وقوع ما وقع، لكن تجاهل ذلك، أدى إلى ما أدى إليه، وراح ضحيته أبرياء في يوم من الأيام العصيبة على شعب ألمانيا وشعوب العالم.
* *
كان لطف الله كبيرا، فقد اقتصر عدد القتلى والمصابين في حدود 80 شخصاً، مع أنه كان يمكن أن يكون العدد أكبر من ذلك بكثير، وفقاً لمشهد السيارة وهي تنطلق بهذه السرعة، وأمام هذا الحشد من المتسوِّقين، حيث كان مشهد الدهس يشير إلى نية القاتل في قتل أكبر عدد من المشاة في سوق الميلاد.