جريدة الجرائد

حارسُ الأسفار ... في رثاء أبي إسحاق الحويني

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

محمد ناصر العطوان

في غرفة حيث الأضواء خافتة كفتاة نهارية تخجل من مواجهة ظلام الليل، كانت كتبُ الحديث ورواتها تُنصت لصوتٍ لن يتردّدَ بعد اليوم.

كلّما مرّت رياح الفجر على مئذنة المسجد الذي كان يُدرس فيه، تعثر الأذانُ في حلق المؤذّن:

«أين الذي كان يُصلح سجّادتنا الباليةَ بنقاشهِ عن الإيمان؟».

كلّما فُتحت صفحةٌ من «سنن النسائي»، توقّفت الكلمات عند هامش كُتب عليه بخطّ يزداد خفوتاً:

«هنا مرَّ الشيخُ ذات ليلة مُثقلاً بأسئلة تلاميذه في الفقه والسياسة والعشق... وهنا ترك الجواب معلّقاً كشمعة لا تنطفئ».

في زوايا المكتبات القديمة وفي دروس ما بين المغرب والعشاء، يجلسُ رجالٌ بوجوه شاحبة يحاولون ترديدَ شرحهِ لـ«نيل الأوطار»، لكن أصواتهم تنكسر كسَرير طبيٍّ في مستشفى من مستشفيات غزة.

يا تُرى، من سيروي للنجوم قصّة ذلك الرجل الذي كان يصعدُ المنبر وهو يحمل معه كل الذين رووا حديث رسول الله، وكأنّه يحملُ جبالاً من وَرق؟ من سيُذكّر المطر أن يقرأَ «رسالة ابن أبي زيد» قبل أن يسقطَ على الأرض العطشى؟

يقولون: «رحلَ حارسُ الأسفار»... رحل أعلم أهل الأرض بالحديث ورواته.

لكنّ طلبة العلم تشهدُ أنَّ أقدامَ العابرين توقّفتْ كثيراً عند باب غرفته، تنتظر أن يُخرجَ لهم من جيوب عباءته فتوى تُحيي مواتَ القلوب.

الآن، يُغمضون المصاحفَ ويضعونها على الأرفف، ويُطفئون المصابيح واحداً بعد آخر في المسجد.

بينما ظلُّه لا يزالُ يُدوّي في الممرّات:

«لا تبكوا على الشيخ أبي اسحاق الحويني... ابكوا على علم صار غريباً في زمن الأجوبة الجاهزة». وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله.. أبتر.

دعاء:

اللهم ارحم الشيخ أبي إسحاق، ووسع له في قبره، ويسر له حسابه وأمره، وارزقه صحبة الصالحين، وارزقنا صحبتهم... اللهم آمين.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
ماذا استفادت الأمه من علمه ؟
فول على طول -

هو الجهبز وعبقرى زمانه الذى وجد حلا سهلا للمشاكل الاقتصاديه فى بلاد الذين أمنوا وهو العوده الى السبى والقتل والنهب ...هل بعد ذلك ترثيه أم ترثى لحالكم وترثى لعقولكم التى استولى عليها المشعوذون ؟ رحم الله المشعويذن والمخبولين . لا تنسى هو الذى أكد لكم أن رضاع الكبير لابد أن يكون ب لقم الثدى ..رحمة الله عليك يا ابا اسحق لأنك لم تخجل ولم ترقع مثل اغلب العلماء ...مع أن الدين ليس علم بل بضاعه راكده وقديمه ويعاد تدويرها منذ قرون سحيقه دون فائده واحده تذكر

حارس الابقار
كاميران محمود -

كما ولد ونما وترعرع بين الابقار والثيران لم تختلف طباعه لانفسا ولاروحاولاعقلا عن طباعها,لان ما لم يتم تناوله لحد اللحظة فيما يتعلق بسبب اختيارات امثاله(في رأيي) يمكن وصفه برعب الحواضربعدالصدمة التي تصيبهم بهابتنوعها وبتعقيداتها بعد انتقالهم اليهامن عوالم تسير فيها الاغلبية خلف الثيران والحمير والابقار حيث الحكمة تستنبط من يومياتهاماجعل من(خذالشورمن رأس الثور)مثلهم الاثيرحيث ان الفارق بين انتاج الرأسين محصور في الكم,ما تسهل ملاحظته في حالة الهالك بعد ان حط بين الحضروحالة الاكتئاب التي عجلت عملية هروبه منهاليعودبعدان اصبحت الارض مهيئة لامثاله ليتجرؤا ويجاهروا بالدعوة لفكرهم البهيمي بعد ظهورالنتائج المدمرة لحملة السادات ضد المدنية والثقافة,ليجدوا في القطعان,من غزاة المدن من لا يستغربون ولايستنكرون الدعوةلغزوالامم العاقلة وسبي نسائهم والاستيلاء على ثرواتهم بشكل مشابه لاساليب القطعان التي ترعرعوا بينها أولا,وثانيا لان اساليبهم الاجرامية منعت العقلاء من اطلاق كلمة ترهات(في احسن الاحوال)على ما يسمونه علما,وقوانين الجريمة الحلال في أسوأ الاحوال.