جريدة الجرائد

استهدافُ المرشد تفكيرٌ مجنون

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

الأسبوعَ الماضي دارَ الحديثُ وتَكرَّرَ عن عزمِ إسرائيلَ على استهدافِ المرشد الأعلى في إيران، كمَا لو كان مجردَ هدفٍ عسكري هيّنٍ آخرَ في الحرب الضَّروس بين إسرائيلَ وإيران، التي قد تلتحق بهَا الولاياتُ المتحدة لاحقاً. وقد حرصَ الرئيس الأميركي على أن يباعدَ بينه وبين التخطيطِ الإسرائيلي، معلناً أنَّ القائدَ الإيراني الأعلى على رأسِ قائمة الأهداف الإسرائيلية، وقد أصبحَ على مرمى هدفِهم. وأوضحَ ترمب أنَّه ضد مسعى إسرائيل هذا، ويعارضُه.

القضيةُ أبعدُ من كونِه مجردَ هدف آخر، حيث قد يتحوَّل إلى قضيةٍ عقائديةٍ ويخلقُ ثاراتٍ عميقةً بالغة الخطورة.

كانت هناك حالاتٌ امتنعَ فيها المتحاربون عن استهدافِ القياداتِ والرُّموز لاعتباراتٍ تتجاوزُ الحساباتِ العسكريةَ المباشرة.

كانَ الإمبراطور الياباني هيروهيتو حاكماً ورمزاً مقدساً، وهناك وثائقُ تؤكّد أنَّه أذن لقادتِه العسكريين بدخولِ الحرب وغزوِ منشوريا وقصفِ «بيرل هاربر» التي تسبَّبت في دخولِ الولاياتِ المتحدةِ الأميركيةِ الحربَ العالميةَ الثانية. مع هذَا قرَّرتِ الحكومةُ الأميركية خلال الحربِ وبتوصيةٍ من الجنرال دوغلاس مكارثر عدمَ استهدافه. وكذلك امتنعتْ عن ضمِّه للقيادات اليابانيةِ التي تمَّت محاسبتهُا بعدَ انتصار أميركا ودخولِها طوكيو. وقد حقَّق ذلكَ القرارُ المصالحةَ الأميركيةَ اليابانية وتقبُّلَ الشعبِ الياباني للأميركيين، ودام هيرهيتو إمبراطوراً ومحلَّ احترام، وامتدَّ به العمرُ نحو 45 عاماً أخرى.

آيةُ الله علي خامنئي زعيمٌ روحيٌّ، وأيُّ إضرارٍ به سيتسبَّب في جروحٍ لن تندملَ مهمَا كانَ حجمُ الانتصار الإسرائيلي والأميركي على الأرض.

المرشدُ الأعلى هو سلطةٌ ثابتةٌ مدى الحياة وليسَ رئيسَ جمهورية. وسيكونُ له دورٌ مهمٌّ في التَّوصل إلى سلام، كمَا فعلَ آية الله الخميني عام 1988، عندما أعلنَ من جانبه وقفَ الحربِ مع العراق التي كنَّا نظنُّ أنَّها لن تتوقَّفَ أبداً إلا بدمارٍ كاملٍ لأحدِ البلدين أو البلدين معاً. نتذكَّر أنَّه لم يجرؤ أحدٌ في النظام الإيراني آنذاك على الدعوةِ لوقف الحرب مع الجارة العراق، إلا المرشدُ الأعلى الراحل آنذاك.

البعضُ ينجرفُ مع سكرةِ الحرب، وتغرُّهُ القدراتُ العسكريةُ الهائلة والانتصاراتُ المؤقتة، ويتسبَّب في خلقِ أحقادٍ قد لا تموتُ لعقودٍ وقرونٍ مقبلة، في حين يمكنُه تحقيقُ الانتصار من دون ذلك.

لا شكَّ أنَّ الإسرائيليين يملكون قدراتٍ معلوماتيةً وقوةً تدميرية متفوقةً تمكّنُهم من الوصولِ إلى عمقِ إيران ومخابئِ القيادةِ الإيرانية كمَا فعلوا في لبنانَ وغزة. لكنَّ المرشدَ الأعلى في إيران لا يمكنُ أن يُقارنَ بالأمينِ العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله الذي تمَّ اغتيالُه العام الماضي. الفارقُ في المعنَى كبيرٌ والخطأ فيه خطيرٌ.

وحتى لو كانتِ المقاربةُ ليست دقيقةً، فإنَّ إعدامَ صدام حسين، في يوم عيد الأضحى عام 2006، مع أنَّه بعثيٌّ وليسَ بالزَّعيم الدينيّ أو القبليّ، جاء ثمنُه مكلفاً، وقد حاولَ الجنرالاتُ الأميركيون لاحقاً إصلاحَ ذاتِ البين وتحقيقَ المصالحةِ مع القوى السُّنية ولم تنجحْ. ولا تزال تعاني واشنطن نتيجةَ ذلك مع نصفِ سكَّانِ العراق. كانَ بمقدورِهم تجنُّبُ ذلك الخطأ الشَّنيعِ وتجسيرُ الهوَّة ومعالجةُ الجروح التي نجمتْ عن الحرب بعد انتصارِهم العسكريّ.

الإسرائيليون يستطيعون تحقيقَ انتصاراتٍ عسكريةً مذهلة كمَا فعلوا عام 1967، والعامَ المنصرم، إنَّما هذا لا يعني أبداً كسبَ الحربِ الكبيرة. ونحن حقاً على وشكِ أن ندخلَ فصلاً جديداً ومهمّاً من التاريخ يغيّر ما عرفناه وعايشناه في نصفِ قرن مضى. وهذا يحتاج إلى استخدامِ التهديد بالقوة من دون استخدامِها أو حدودها القصوى، من أجل تحقيقِ التغيير بالتوافق بقدر ما أمكن. وهذا لصالحِ الجميع بمَا في ذلك إسرائيلُ والولايات المتحدة وإيرانُ ودول المنطقة. فالجميعُ، المنتصرون والمهزومون، لهم مصلحةٌ في تخفيضِ التَّوتر والتَّوصل إلى سلامٍ جماعي.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
إسرائيل مغرورة
abulhuda -

كثير ما كتبتم عن إيران ولا زلتم بطريقة ظالمة ! إيران لم تتقدم شبر واحد منذ ٥٠٠ سنة ولم تحارب وتتعدى على أي دولة من دول ألجوار ، صدام هو من اعتدى على إيران باعترافه هو ( موثق بفيديو ) ، إسرائيل في حالة انتصارها ستتحول وستذل دول أالمنطقة ومعها تركيا فإيران حقيقة هي الرادع حاليا أمامهما ويريدون ألخلاص منها ، يجب عليكم إن تقفوا معها قبل فوات الأوان .

مقارنة متعجلة
كاميران محمود -

تقييم نتيجةمقارنة الحالة اليابانية بالإيرانية وبالعراقيةخلال حروبها مع الاميركان قد يحمل اوجها أخرى يا أستاذ عبد الرحمن،لان هيروهيتوعند اليابانيين كان(الها) والشعب الياباني كان مؤمنا بحروبه مع إدراكه لكم الفظاعة التي كانت تشكل عقيدتهم العسكرية والتفاصيل تلخصها استسلامهم(فقط)بعد الدمارالذري. اماالحالةالعراقيةفيمكن تلخيصها بتصريح لاحد ضباط الجيش العراقي حينها لقناةالعربية ولايزال معتقلا في ذاكرتي حيث قال بعد قرار حل الجيش العراقي:أن ما سهل الاجتياح الأميركي كان رفضنا القتال،أي أن الشعب العراقي لم يكن باغلبيته مؤمنا بخيارات صدام, وما تلا إعدامه لا يشكل بأي حال من الأحوال دليلا على الانتقام لاعدامه, بل تسبب فيه موجات الإرهابيين الذين كان الأسد يرسلهم خوفا على نفسه،ومحاولات إصلاح ذات البين من قبل الاميركان كانت ساذجة لانهم لم يتصوروا ولاتقبلواأن الخطأكان كامنا في برنامجهم الذي تلا إسقاط صدام،والذي تصور ان مشكلة العراق الرئيسية كانت تنحصر في الغبن القومي والطائفي بسبب ما اعتقدوه خيارا طائفيا لصدام ,وليس في الاستبداد المطلق, ولم يتصوروا للحظة أن الحل الطائفي الذي جاؤوا به هو أم وأبو الكوارث حيث صرح بريمر حينها:لأول مرة منذ الف سنة يتمكن الشيعة من حكم العراق.وما تلا ذلك من اهداء العراق كاملا لايران من قبل أوباما موضوع اخر .والحالة الإيرانية موضوع المقال فهي الأخرى لا مجال لمقارنتها بالحالة اليابانية، لان هناك قطاعا عريضا من الشعب الايراني يعتبرالملاعلي ونظامه الاسلامي عارا على التأريخ الايراني وليس مقابلا لهيروهيتو،ويظهرون معارضتهم للنظام من خلال التعاون مع كل من يوفر لهم إمكانية اضعافه الى اسقاطه وما رأيناه من خلال دقة ضربات الخزر دليلنا. ملخص ومخلص الكلام:قتل الملاعلي لن يشكل جرحاعقائدياداخل أيران,فاضافة إلى ماسبق فأن القدسية(المذهبية) التي يحيط الملاعلي نفسه بهاهوموضوع تهكم وتندرمن قبل غالبيةالشعب الايراني اللاديني اي المتحضراجتماعيا على الرغم من أنه يظهرعرض الاعاقة السياسية الاقبح, التعصب القومي(على فاشوش). وختاما,واذاوردك خبرالقضاءعلى الملاعلي ليلا,أطمأن يا استاذ عبدالرحمن,فلن يحدث ما يقلقك و(لف رأسك)وتمتع بأحلى نومة.