هل يضع عون الجيش اللبناني و"حزب الله" في خندق واحد؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
على أهمية موقف رئيس الجمهورية جوزف عون وطلبه من الجيش التصدي لأي توغل إسرائيلي، غداة التوغل في بلدة بليدا، لما يمكن أن يعكسه من استعادة الدولة قرار الحرب والسلم، فإن هذا الموقف يحمل في طياته أخطارا كبيرة على لبنان، من شأنها أن تستدرج البلاد إلى مرحلة خطيرة بسبب عاملين أساسيين: أولهما أن هذا الطلب يأتي فيما لا تزال الدولة عاجزة عن تنفيذ قرارها حصر السلاح، واستطراداً نزع سلاح "حزب الله". وعليه، فإذا لم يأت طلب الرئيس مقروناً بتنفيذ مسبق لنزع السلاح، فهو سيعني حتماً أن الجيش سيصبح إلى جانب الحزب في سلة واحدة وخندق واحد، وهذا سيؤدي إلى فتح باب المواجهة المباشرة بين إسرائيل ولبنان الرسمي ومعه الحزب. وقد تلقف الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم هذا الموقف معبراً عن ارتياحه إلى مشهد أركان الدولة والمقاومة والشعب في موقف واحد ضد العدو الإسرائيلي، واصفاً موقف عون بـ"المسؤول". وهذا الكلام سيعطي إسرائيل الذريعة مجدداً لعدم حصر استهدافاتها بالمواقع العسكرية الخاصة بالحزب أو قياداته وكوادره، بل ستتجاوز ذلك إلى استهداف أوسع يشمل كل لبنان ربما أو مرافق وبنى تحتية وخدماتية، على غرار ما فعلت في عدوان تموز. وهي اليوم تتذرع بأن الحزب أعاد بناء ترسانته. نقطة حدودية للجيش اللبناني في بلدة العديسة (أرشيفية، أحمد منتش). هذا المشهد يقود إلى العامل الثاني المقلق في حال دخول الجيش في مواجهة علنية مع إسرائيل، إذ إن مواجهة كهذه ستكرس الصراع العسكري مع إسرائيل وتسقط المفاعيل الهشة لاتفاقية الهدنة الموقعة عام ١٩٤٩، ويخالف لبنان بذلك مسار السلام الذي انطلق في قمة شرم الشيخ الأخيرة، على نحو قد يؤدي إلى عزل البلاد وخروجها عن منطق التسويات الذي سبق أن تحدث عنه رئيس الجمهورية عندما قال إن زمن التسويات قد بدأ ولبنان لن يكون خارجه، مطلقاً مسار الحوار والتفاوض. لم يكن التلقف الأميركي لقرار عون بعيدا من هذه القراءة، إذ أعلن السيناتور ليندسي غراهام القريب جدا من الرئيس دونالد ترامب أن انضمام الجيش إلى الحزب في قتال إسرائيل يعرقل جهود مساعدة لبنان، معتبراً أن التوغل الإسرائيلي يهدف إلى قمع عودة ظهور الحزب، وكاشفاً أنه لو نزع السلاح لتوقفت العمليات الإسرائيلية في لبنان. ولعلّ المستوى العالي للتصعيد الذي بلغه الضغط الأميركي عبر الموفدين من جهة، والإسرائيلي من جهة أخرى، هو ما دفع لبنان الرسمي إلى الكشف، وإن في شكل غير رسمي، عن الاستعداد للموافقة على وجود مدنيين في لجنة "الميكانيزم"، وهو بمثابة تفاوض مباشر وإنما برعاية أميركية وفرنسية وأممية عبر الأعضاء في اللجنة التي تترأسها الولايات المتحدة. ومن شأن قرار مماثل أن يبعد شبح الحرب والمواجهة ويكسب لبنان مزيدا من الوقت على طريق النزع التدريجي لسلاح الحزب، من خلال بدء المرحلة الثانية من الخطة التنفيذية للجيش بعد جنوب الليطاني.