جريدة الجرائد

المقال بين الخلود والنسيان

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
علي عبيد الهاملي

شاركت خلال الأيام الماضية في جلستين حواريتين حول المقال الإماراتي. كانت الأولى في مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية بدبي وبتنظيم من المؤسسة، والثانية في «مردف سيتي سنتر» بتنظيم من إدارة المكتبات العامة في هيئة دبي للثقافة والفنون.

المقال، هذا الفنّ الذي يُولد من رحم اللحظة، ويتغذّى على اليوميّ من الأحداث، والعميق من الأفكار، ليُعبّر عن رأي أو فكرة أو موقف يراه الكاتب جديراً بالتأمل، يطرح البعض اليوم حوله سؤالاً يقول: هل يخلّد المقال كاتبه، أم أنّه كلامٌ يُقرأ ثم يُطوى في أدراج النسيان؟

يذهب فريق إلى أن المقال لا يملك عُمق الخلود الذي تملكه الرواية أو القصيدة أو الكتاب. فالمقال، في نظرهم، ابنُ وقته، مرتبطٌ بحدث أو مناسبة، ما إن ينقضيا حتى يفقد المقال وهجه. يقرأه الناس في الصحف والمواقع الإلكترونية، ثم ينتقلون إلى غيره في اليوم التالي.

ثمة فريق ثان يرى في المقال فناً قائماً بذاته، لا يقل أهمية عن أيّ نوع أدبيّ آخر. فالمقال، وإن وُلد من رحم اللحظة، إلا أنه حين يُكتب بصدق وعمق وفكر مستنير، يتجاوز زمانه ومكانه.

الخلود لا يرتبط بشكل النص، بل بروحه. فالمقال الذي يُكتب بعمق التجربة وصدق الموقف، يعيش كما تعيش الكلمة الصادقة في وجدان الناس. أما المقال السطحيّ فلا يخلّد كاتبه، حتى لو تصدّر الصفحات الأولى.

المقال، في جوهره، موقف من الحياة. والكلمة الصادقة لا تموت، لأنها تسكن ضمير القارئ.

من الذي يستطيع أن يقول مثلاً إن الملايين لم تكن تنتظر مقال محمد حسنين هيكل «بصراحة» في جريدة «الأهرام» المصرية كل أسبوع خلال فترة المد القومي العربي؟ من يستطيع أن يقول إن هذه المقالات، التي كتبها هيكل على مدى 17 عاماً، سواء اتفقنا معه أو اختلفنا، لم تعد مرجعاً أساسيّاً لمن يريد أن يدرس مرحلة مهمة من تاريخ الأمة العربية؟

المقال يبقى من أكثر الفنون قدرة على ملامسة الإنسان، ومن أصدقها تعبيراً عن نبض الحياة. وإذا كان الشعر ديوان العرب، فإن المقال هو مرآة عقولهم وضمائرهم.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف