جريدة الجرائد

العراق والخطأ الذي كان صواباً!

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

أتذكّرُ كتاباً من أسهل وأعمق كتب العالِم الاجتماعي السعودي سعد الصويّان جاء تحت عنوان «مقالات فُسحت سهواً» اشتمل على قراءات صريحة عميقة جديدة حول الذات والبيئة في الجزيرة العربية، في وسطها وشمالها بصورة خاصّة.

طاف بخاطري هذا الكتاب الشفيف اللذيذ الصادق، وأنا أقرأُ تعليق البنك المركزي العراقي حول البيان الرسمي العراقي بإدراج «حزب الله» اللبناني وميليشيا الحوثي اليمنية ضِمن الكيانات الإرهابية المفروض عليها حظراً مالياً، حين قال البنك المركزي العراقي إن إدراج الجماعتين جاء «سهواً».

خلاصة الحكاية أن لجنة تجميد أموال الإرهابيين الرسمية اعتمدت نشرة حول تصنيف الجماعات الإرهابية المحظورة، كان فيها «حزب الله» اللبناني والجماعة الحوثية اليمنية ضمن 24 كياناً آخر، وفق ما أفادت «الوقائع»، الجريدة العراقية الرسمية.

ذُهل العراقيون بل كل من علم بالخبر من خارج العراق: هل تحرّر القرارُ العراقي من الهيمنة الإيرانية، ليُقدم على هذا الإجراء؟!

الجماعات والميليشيات العراقية التابعة لإيران - أو الموالية في أحسن أحوالها حتى لا يتحسّس القوم - سارعت لقصف الحكومة العراقية ورئيسها، محمد شياع السوداني، الفائزة مجموعته للتوّ بأكبر تصويت في البرلمان العراقي... فمثلاً:

علي الأسدي، رئيس المجلس السياسي لحركة «النجباء» الميليشيا الموالية لإيران، قال إن هذا التصنيف «خيانة»، وإن الحكومة «لا تمثّل الشعب العراقي».

لكن مكتب السوداني سارع للتبرّؤ من البيان، وأن التحقيق في الأمر قد صدر، وذكرت اللجنة التي أصدرت القائمة ونشرتها في الجريدة الرسمية أن البيان صدر من دون «تنقيح».

«حزب الله» اللبناني، كما أفادت مصادر «العربية/الحدث» مستاءٌ من الضجة التي أثيرت بالعراق حيال تصنيفه على لائحة الإرهاب، وطالب بغداد بمحاسبة المسؤولين عن ذلك.

هذه «اللخبطة» أتت بعد يوم واحد من دعوة مايكل ريغاس مساعد وزير الخارجية الأميركي، «الشركاء العراقيين» إلى «تقويض الميليشيات الإيرانية ومنعها من تهديد العراقيين والأميركيين».

كل ما جرى يكشف عن ضِيق الهامش الذي يملكه رئيس الحكومة العراقية - السوداني أو غيره - في اللعب بين القطب الأميركي والقطب الإيراني، وأنّ لحظة الاختيار النهائي آتية، اليوم أو غداً، بالنظر إلى أن وتيرة الصدام الكبير بين إيران وأميركا، ستزيد في المراحل المقبلة، وما صار في غارات المقاتلات الأميركية الاستراتيجية على المفاعلات النووية الإيرانية في أثناء حرب الـ12 يوماً بين إسرائيل وإيران، ليس إلا فصلاً من كتاب وليس الكتاب كُلّه.

يلفتُ الانتباه أن الغضب من القرار أتى من «حزب الله» اللبناني، والتخاطب مع الطرف العراقي للتعبير عن هذا الاحتجاج والمطالبة بتغيير الموقف ومحاسبة المسؤول... حسناً، ماذا عن الحوثي أليس من حقه الغضب والمطالبة بالمحاسبة هو الآخر؟!

تكشف هذه المفارقة عن أن «حزب الله» اللبناني هو جزء «أصيلٌ» عضوي من الجسد الأصولي السياسي من عراق العرب لعراق العجم، «حزب الله» قطعة من «المتن» في هذا النصّ... الحوثي هامشٌ عليه.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف