جريدة الجرائد

لونا الشبل والفيلم الذي خرج عن السيناريو.!

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

كانت احترافية لونا الشبل الإعلامية، والعلاقة الخاصة التي جمعتها ببشار الأسد، عاملين لا يمكن فصلهما عن طبيعة حضورها في القصر، فهي لم تكن مجرد مستشارة، بل كانت الشخص الذي سمح له اقترابها العاطفي من بشار أن يخفّف صوته لها، ويقول ما لا يقوله أمام أحد، ليتحوّل هذا القرب إلى سيناريو مُخجل في مسيرة إعلام النظام، سيناريو كشف حقيقة الرجل أكثر مما كشفها سقوطه السياسي، لونا كانت تعرف اللحظة، وتعرف الكاميرا، والأهم أنها تعرف ماذا تقول الصورة حين يخرج الحاكم من دور “الرئيس” إلى دور “الرجل” الهائم..!!

ولعل هذا ما جعل تسريبات قناة العربية صادمة، ففي المقاطع، ظهر الأسد مجرداً من الرسميات، يشتم الغوطة، ويستخف بالصور التي تُعلّق له، ويسخر من أحد قادته العسكريين، لم يكن ذلك تسريباً سياسياً، بل لحظة حقيقية تُرى لأول مرة بلا تجميل أو بروتوكول..!!

جلست لونا الشبل بسيارة بشار ليست مرافقة للرئيس، بل الشخص الوحيد الذي يتحدث أمامها بلا قناع، كانت تحفظ نبرته، وتلتقط تعليقاته، وتوثّق تلك اللحظة التي تسقط فيها الرسمية وتظهر الحقيقة.

هذا النوع من العلاقات بصورة مباشرة يذكرنا بفيلم (الكاتب الشبح) إذ تقف “روث لانغ” الأقرب لرئيس الوزراء: ليست صاحبة قرار، لكنها تعرف ما يحدث في الغرف المغلقة قبل خروج القرار للعلن، وتسمع ما لا يُقال أمام أحد، فكانت لونا تشبهها داخل النظام فلم يكن موقعها سياسياً بقدر ما كان “موقع الحقيقة”، حقيقة المرأة القريبة من الرجل الذي يطمئن لوجوده. ومثال آخر يعزّز خطورة هذا الدور يأتي من التاريخ الأميركي عبر شخصية «مارثا ميتشل» في فضيحة ووترغيت، امرأة واحدة كانت كافية لزعزعة إدارة كاملة، فقط لأنها سمعت ما لا ينبغي سماعه، وكانت الأقرب للأسرار، والأقدر على فضح ما حاول الرئيس الأمريكي «نيكسون» إخفاءه، وهذا النموذج يثبت أن أخطر مَن يجاور الحاكم ليس خصومه، بل الشخص الذي يقف بجانبه خصوصاً إذا كانت امرأة ..!!

فمع هذه التسريبات التي ظهرت والتي لم تظهر ، يصعب تجاهل أن الاحترافية الإعلامية التي امتلكتها لونا (وتسجيل ما لا يقوله الأسد للعلن) قد تكون الثمن الذي دفعته، عند اغتيالها في ظروف غامضة عام 2024 بما يشبه سيناريوهات في الأفلام.

فالفيديوهات التي شاهدناها كانت أخطر من الكثير من الروايات، رغم أن ما ظهر في التسريبات من وجهة نظري ليس سوى جزء صغير من أرشيف واسع،أرشيف كان ثمنه حياة لونا..!!. التسريبات كشفت ما لم تكشفه أعوامٌ من المراحل السياسية للنظام السابق، شاهدنا بألم لغة رجل تسقط هيبته أمام ضحكات لونا الشبل (وغنجها) الذي حطّم ما تبقّى من صورته المصطنعة، حيث بدا الأسد في تلك اللحظات وكأنه ينسى منصبه، ويتحدث بالطريقة التي لا يجرؤ على استخدامها أمام أحد سواها..!! التسريبات القصيرة كانت مثال متكرر وحي ومستمر تاريخياً للحاكم المغُرم الهائم، عندما ينسى نفسه لاشعورياً، ويسقط أمام امرأة ذكية تعرفه أكثر من نفسه وتغدر به ..!!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف