جريدة الجرائد

التقييم.. بين التمكين والتوسع

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

برعاية معالي وزير المالية ورئيس مجلس إدارة الهيئة السعودية للمقيّمين المعتمدين (تقييم)، الأستاذ محمد بن عبدالله الجدعان، وبتنظيم اتحاد الغرف السعودية ممثّلًا باللجنة الوطنية للتقييم، احتضنت العاصمة السعودية الرياض المؤتمر السعودي الدولي للتقييم خلال الفترة من 7 إلى 8 ديسمبر 2025.

شارك في المؤتمر ممثلين عن عدد من الجهات ذات العلاقة، من بينها الهيئة السعودية للمقيّمين المعتمدين "تقييم" بصفتها الراعي الاستراتيجي، إضافة إلى الهيئة العامة للعقار، وممثلين عن جهات حكومية أخرى، إلى جانب عدد من المنظمات الدولية والمحلية.

يأتي تنظيم هذا المؤتمر في إطار جهود تطوير مهنة التقييم وتعزيز حضورها بما يواكب أفضل المعايير والممارسات العالمية، نظرًا لأهميتها المحورية في دعم النمو الاقتصادي وتعزيز الثقة في الأسواق والأنظمة الاقتصادية. كما وهَدف المؤتمر إلى إبراز الدور الاستراتيجي لمهنة التقييم في تحسين بيئة الأعمال وترسيخ مبادئ الشفافية والعدالة في مختلف القطاعات.

شكّل المؤتمر منصة حوارية مهنية رائعة، جَمعت نخبة من الخبراء والمختصين وصنّاع القرار، استعرضوا من خلالها أبرز التوجهات الحديثة في مختلف مجالات التقييم، بما في ذلك مناقشة سبل رفع جاذبية بيئة الأعمال في القطاع، وآليات التمكين والدعم المؤسسي للمهنة. كما واستعرض المشاركون التجارب المحلية والدولية الرائدة في تطوير الممارسات المهنية، إضافة إلى استلهام أفضل النماذج العالمية من خلال المعرض المصاحب.

شرف المؤتمرَ حضورُ معالي وزير المالية، إلى جانب رئيس وأمين اتحاد الغرف السعودية، إضافة إلى ممثلين عن عدد من الجهات الحكومية، من بينها وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان، وعدد من الهيئات ذات الارتباط بمهنة التقييم، مثل الهيئة العامة للعقار، والهيئة العامة للأوقاف، والهيئة العامة لعقارات الدولة، وغيرها.

كما شهد المؤتمر حضور عدد من الشخصيات الدولية المرموقة، من أبرزهم رئيس مجلس المعايير الدولية للتقييم، الذي أشاد في كلمته بالتقدم الكبير الذي حققته المملكة في مجال التقييم خلال السنوات القليلة الماضية على مستوى المنطقة، ولا سيّما في تبنّيها وتطبيقها للمعايير الدولية للتقييم International Valuation Standards (IVS).

لقد حقق المؤتمر أبرز مستهدفاته بحضور لافت تجاوز الـ4000 مشارك، وبالذات فيما يتعلق بتعزيز الوعي بأهمية مهنة التقييم وتوسيع المعرفة بآخر مستجداتها.

يٌذكر أن مهنة التقييم شَهدت خلال السنوات القليلة في المملكة، تطورًا ملحوظًا غير مسبوق، متحولاً من التقييم التقليدي الذي كان يعتمد بشكل كبير على الخبرة بأكثر من اعتماده على أسس علمية ومهنية احترافية ومعايير دولية.

ومن منطلق تطوير مهنة التقييم في المملكة العربية السعودية، انسجامًا مع مستهدفات الرؤية السعودية 2030، تم إنشاء الهيئة السعودية للمقيّمين المعتمدين، الجهة المنظّمة لمهنة التقييم في المملكة، التي تعمل على وضع الأنظمة والتشريعات التي تتيح للمقيّمين ممارسة أعمالهم وفقًا لمعايير التقييم الدولية. كما ونُقدم الهيئة البرامج التأهيلية لاعتماد الممارسين لهذه المهنة بناءً على أسس علمية وممارسات معتمدة، إيمانًا منها بمساهمة مهنة التقييم في حفظ الحقوق وتحقيق العدالة بين المستفيدين، وتعزيز الثقة والشفافية في السوق، وخلق بيئة جاذبة للاستثمار بما يتماشى مع رؤية 2030.

لقد تشرفتُ من قِبل منظمي المؤتمر بإدارة جلستين رئيسيتين؛ الأولى بعنوان "زيادة جاذبية بيئة الأعمال في التقييم"، والثانية بعنوان "التمكين والدعم المؤسسي لمهنة التقييم"، شارك في كلتا الجلستين نخبة من الخبراء والمتخصصين في مجال التقييم.

وقد ركز المشاركون خلال الجلستين على أهمية مهنة التقييم ودورها الحيوي، مؤكدين ضرورة التعامل معها بوصفها ضرورة ملحّة لا خيارًا، بما يضمن جودة التقييم للأصول العقارية وغير العقارية، ويحقق العدالة المنشودة، ويحفظ الحقوق، ويعزز الثقة في الأسواق.

لا شكّ أن المؤتمر قد نجح في تسليط الضوء على أهمية التقييم بمختلف فروعه، سواء للأصول العقارية أو للمنقولات، إذ تشير الإحصائيات إلى ارتفاع عدد منشآت التقييم في المملكة ليصل إلى 451 منشأة، فيما بلغ عدد المقيمين المعتمدين 2395 مقيمًا، وهو ما يعكس النمو المتسارع الذي يشهده هذا القطاع الحيوي.

رغم التقدم الملحوظ الذي تحقق خلال السنوات القليلة الماضية، إلا أن التطلعات لا تزال تتجه نحو مزيد من التطوير، خاصة في ظل الحركة الاقتصادية النشطة التي تعيشها المملكة منذ إطلاق رؤيتها الطموحة، وما صاحبها من انفتاح واسع على استقطاب وجذب الاستثمارات الأجنبية.

وتبرز من بين أبرز التحديات أمام مهنة التقييم في المملكة ارتفاع التركّز على الفرع العقاري بنسبة 75.5%، مقابل نسب أقل في فروع أخرى، مثل: تقييم الآلات والمعدات والممتلكات المنقولة بنسبة 8.5%، وأضرار المركبات بنسبة 8.1%، والمنشآت الاقتصادية بنسبة 6%.

كما يتمثل أحد التحديات في عدم توازن توزيع فروع التقييم جغرافيًا، إذ تستحوذ منطقة الرياض على نسبة التركّز الأعلى 44.2%، بينما لا تتجاوز النسب في مناطق مثل القصيم وعسير 4.5% و3.22% على التوالي.

وأخيرًا، فإن المهنة بحاجة إلى دعم أكبر من مؤسسات التعليم، خصوصًا الجامعات، من خلال استحداث تخصصات علمية في المجال العقاري ومجال التقييم، إلى جانب تطوير البرامج الأكاديمية والتدريبية. كما يتطلب الأمر تطوير المهنة مواكبة للتحولات التقنية الحديثة، والاستفادة من أدوات التكنولوجيا المتقدمة، مثل تقنيات الذكاء الاصطناعي وغيرها، لتعزيز كفاءة عمليات التقييم ودقتها.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف