القصبي «طال عمره»..
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
الفنان ناصر القصبي يعد واحداً من أهم أعمدة المسرح الاجتماعي الجماهيري لدينا، استطاع عبر مسيرته الطويلة أن يرسّخ حضوره بوصفه الكوميديان الأول القادر على طرح قضايا المجتمع على خشبة المسرح بذكاء واقتدار، ما يميزه عن غيره من الممثلين -الكوميديان- ليس فقط قدرته على الإضحاك بل امتلاكه لرؤية اجتماعية واعية تجعله يلتقط مشكلات الناس اليومية ويحوّلها إلى أعمال مسرحية تعكس نبض الشارع وتثير النقاش حول قضاياه الحقيقية، ومنذ دخوله عالم الفن منذ بداية الثمانينات الميلادية، ظل ناصر وفيًا لفكرة المسرح الجماهيري الذي يخاطب الناس مباشرة دون تجميل أو تصنّع، أتذكر عندما كنت في الصحافة الفنية بهذه الجريدة الغراء وبقسم الفن. كتبت مقالًا عن بداياته المسرحية والتلفزيونية تحت عنوان «ناصر القصبي عادل أمام الدراما السعودية» وكنت مؤمنًا آنذاك بأن لديه قدرة خاصة على أن يصبح أيقونة فنية في المملكة، وها هو اليوم يحقق تلك التوقعات بجدارة، فخلال السنوات الست الأخيرة، قدّم القصبي سلسلة من المسرحيات الناجحة التي حظيت بإقبال جماهيري غير مسبوق، تلك هي مسرحيات: الذيب في القليب 2019، بخصوص بعض الناس 2021، الشنطة 2024، وأخيراً وليس آخراً مسرحيته «طال عمره» لموسم الرياض بالبوليفارد على مسرح بكر الشدي 2025، هذه الأعمال أثبتت أن المسرح الاجتماعي هو القادر على الجذب الجماهيري والتأثير عليه، ناصر فنان حمل على عاتقه همّ المسرح الاجتماعي لأنه مؤمن أن المسرح للجمهور، لذلك استمر في تقديم مسرحه من أجل الناس محققاً أعلى نسب حضور وأوسع قاعدة جماهيرية، فأصبح رمزاً من رموز الفن السعودي وواحداً من أكثر الأسماء حضوراً وتأثيراً في تاريخ المسرح السعودي، كيف لا وهو صاحب إرث مسرحي حقيقي تشكَّل عبر سنوات طويلة من العمل والتجربة والاحتكاك المباشر بالخشبة والجمهور، بدأ مسيرته المسرحية مبكراً من خلال مسرح جامعة الملك سعود، ففيه تشكلت أولى ملامح موهبته وظهرت قدرته على فهم طبيعة المسرح ومعرفة لغة الجمهور، والإحساس بطبيعة الموضوعات التي تستحق أن تُقدَّم على الخشبة، ولم يتوقف عطاؤه عند حدود الجامعة، بل امتد إلى فضاء واسع عبر مسرح جمعية الثقافة والفنون بالرياض، حيث قدم أعمالًا أسهمت في بناء وعي مسرحي جديد في المملكة، وجعلت من المسرح منصة حقيقية لمناقشة القضايا الاجتماعية والإنسانية، هذا الإرث المتراكم بين مسرح الجامعة ومسرح الجمعية، جعل منه فناناً مختلفًا عن بقية زملائه، يستحق أن يُخلّد اسمه على أحد المسارح أو يُبنى له مسرح باسمه، شأنه شأن محمد العلي وبكر الشدي -رحمهما الله-، فهذا أقل ما يمكن تقديمه لفنان كرّس عمره في خدمة المسرح الاجتماعي الجماهيري، ورسم البهجة على وجوه الملايين، وفتح الباب واسعاً أمام جيل جديد من الممثلين، شكرًا أبا راكان على هذه الاستمرارية المسرحية الاجتماعية، واصل ولا تتوقف فجمهورك دائمًا في انتظارك، والمسرح السعودي يفخر بك وبعطائك الذي لا ينضب.