جريدة الجرائد

حرب غير ضرورية ومخرج لائق للحزب

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

هل ذهبت التوقعات بعيداً في تكليف السفير السابق سيمون كرم رئاسة الوفد اللبناني في لجنة رقابة وقف النار في الجنوب لجهة الاطمئنان إلى وقف حرب وشيكة تقوم بها إسرائيل والأهم الانتقال إلى مسار سلمي بات حتمياً بين البلدين؟ما خرج به البطريرك الماروني بشارة الراعي من قصر بعبدا بعد لقائه رئيس الجمهورية العماد جوزف عون أوحى بانطباعات مماثلة معطوفة على الزخم الإيجابي الذي خلفته زيارة البابا لاوون الرابع عشر للبنان. وتفيد معلومات ديبلوماسية أن خطر التصعيد العسكري لم يزل فعلياً وتستمر المخاوف في هذا الإطار فيما تكشف هذه المعلومات عن مساعٍ جدية متواصلة لتجنبه في ظل عنوانين كبيرين إذا صح التعبير. أحدهما هو تجنيب لبنان حرباً غير ضرورية ويمكن تفاديها إذا تحرّك مسؤولوه وفق ما ينبغي، والثاني هو محاولة تقديم مخرج لائق إلى "حزب الله" لا يشعر من خلاله بأنه يتم إنهاؤه أو إضعاف الطائفة، مع تحذيره من مخاطر الاستمرار في تعنته أو عدم قراءته بدقة مسار التطورات، إذ يخشى البعض أن أحد أبرز الأسباب التي قد تحول دون ممارسة الولايات المتحدة ضغطاً كافياً على إسرائيل لوقف اعتداءاتها على لبنان على رغم الخطوة التي أقدم عليها بتكليف السفير السابق سيمون كرم رئاسة الوفد اللبناني إلى لجنة رقابة وقف النار، أن واشنطن لا تزال تحتاج إلى "المطرقة" الإسرائيلية لكي تضغط على لبنان للسير قدماً في تنفيذ نزع سلاح "حزب الله". تقول مصادر ديبلوماسية إن لبنان الرسمي الذي أظهر عجزاً عن التقدّم في التزاماته وأثار استياءً لدى الدول الصديقة والداعمة في الأشهر القليلة الماضية ولا سيما على أثر اتخاذه قراراً بحصرية السلاح في 5 آب الماضي، ساهمت التهديدات الإسرائيلية في تحفيز خطواته الأخيرة جنباً إلى جنب مع تحفيز تحرّك إقليمي وغربي من أجل تشجيعه على تفعيل هذه الخطوات في اتجاه التفاوض وعدم الاكتفاء بحصولها المبدئي لئلا تفرغ من مضمونها لاحقاً. وأسهمت هذه التهديدات في "إقناع" إيران بتخفيف قبضتها على الخناق اللبناني الذي تمارسه عبر تشدد الحزب في معارضته الحكومة حول سلاحه، لكي لا تخاطر بإضعاف نفوذها أكثر مما حصل حتى الآن أو تخاطر بإنهاء "حزب الله" عبر الضربات العسكرية الإسرائيلية. فالرهانات التي يبنيها البعض لجهة محافظة إسرائيل على مستوى العمليات الحالي لاعتبارات إسرائيلية داخلية كما لاعتبارات خارجية بحيث لا تخسر إسرائيل استمرار التفهّم الدولي لاعتداءاتها أو استهدافاتها في لبنان قد لا ينطبق مع واقع الأمور خصوصاً أن الرهانات السابقة على التزام إسرائيل ما اعتبرته إيران والحزب معها "قواعد الاشتباك" كانت فاشلة كلياً. وهناك صمت دولي وإقليمي إن لم يكن أكثر من أجل تعطيل إعادة بناء "حزب الله " عسكرياً لكن من دون التصعيد إلى حدود حرب شاملة لا تريدها دول عدة، ولذلك عند وصول الأمور إلى درجة الخطر الداهم، تتحرك الدوائر الصديقة والمؤثرة منعاً للانزلاق إلى الأخطر بالنسبة إلى لبنان وتأثيره على المنطقة على حد سواء.كان الكلام في الأشهر التي تلت انتخاب رئيس الجمهورية وتأليف الحكومة على فرصة ضئيلة يستفيد منها لبنان لاستعادة الدولة، وفيما بدا أنها تضاءلت جداً في الآونة الاخيرة، أعادت التهديدات بحرب وشيكة الاهتمام بلبنان مجدداً مع الضغط للاستفادة من فرصة هذا الاهتمام الذي لن يدوم. ولذلك تسارعت الزيارات الديبلوماسية للبنان وكذلك التشجيع القوي لخطوة التفاوض وتعزيز قدرات الجيش لا سيما مع القلق الذي بات يظهره لبنان إزاء بدء قوات اليونيفيل سحب قواتها استعداداً لإنهاء مهمتها مع نهاية السنة المقبلة في 2026. وفي هذه النقطة تثير المواقف الرسمية التباساً وغموضاً إزاء المطالبة بإعادة النظر في تمديد إضافي لقوات اليونيفيل أو الطموح لقوات أممية. فالموضوع يتناقض من حيث المبدأ مع إعلان لبنان القدرة والرغبة في الانتشار حتى الحدود وحمايتها كما يثير تساؤلات إزاء احتمالات استغراق التفاوض بين لبنان وإسرائيل وقتاً طويلاً ما يؤخر كثيراً العودة إلى العمل باتفاق الهدنة الموقع بين البلدين في عام 1949 فيما العمل بهذا الاتفاق يغني عن الاستعانة بقوات دولية باعتبار أنه يترجم عودة الدولة وسيادتها على كامل أراضيها.وليس سهلاً على لبنان الذي عايش وجود قوات دولية على الحدود ساعدته في تشكيل منطقة عازلة بينه وبين إسرائيل لما يقترب من نصف قرن لوجود هذه القوات منذ 1978. ولكن العرض الأوروبي لتقوية قوى الأمن الداخلي من أجل إتاحة المجال لتتولى عن الجيش مهمات داخلية كثيرة فيما يتفرغ للمهام الأصلية له بحماية البلد وحدوده وأمنه يراه مراقبون كثر خياراً أفضل من الكلام المتعثر على وجوب الاستعانة بشكل من أشكال القوى الخارجية في الجنوب مهما تكن طبيعتها، علماً بأن الولايات المتحدة سبق أن أعلنت تخصيص دعم مالي لقوى الأمن الداخلي إلى جانب دعمها للجيش لهذا الغرض.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف