محمد بن سلمان والبعد العالمي للقضية الفلسطينية
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
عبدالله الزازان
شهد العالم حراكًا دبلوماسيًا وسياسيًا مكثفًا وغير مسبوق بقيادة الأمير محمد بن سلمان ــ حفظه الله ــ لإعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية وإيجاد حل دائم لها، ورفع مستوى القضية الفلسطينية إلى قضية عالمية وإنسانية، وتقوية الموقف الفلسطيني سياسيًا ومعنويًا. حيث قام ــ حفظه الله ــ بدور محوري في حشد موقف دولي موحد للاعتراف بدولة فلسطين، وتحويل القضية الفلسطينية إلى أولوية عالمية، وقد اعترفت دول كبرى رسميًا بدولة فلسطين، مما يعكس نجاحًا باهرًا للدبلوماسية السعودية يضع القضية الفلسطينية وسط دوائر صنع القرار في العالم، ويقوي الموقف الفلسطيني في الساحة الدولية، ويحول القضية الفلسطينية من مجرد شعارات سياسية إلى مشروع إستراتيجي دولي وقضية عالمية في المحافل الدولية. وقد نجحت الدبلوماسية السعودية في تبني خطاب عالمي معاصر يقوم على الحق التاريخي، والعدالة، ومبادئ حقوق الإنسان، والقرارات الدولية، ومبادرة السلام العربية، وإيصال رسالة إلى العالم تقوم على أن السلام المستدام في المنطقة لا يمكن أن يتحقق إلا بإعطاء الشعب الفلسطيني حقه في إقامة دولته المستقلة. واليوم لا أعتقد أنه يوجد على الإطلاق حاكم عربي أو إسلامي يقف مع القضية الفلسطينية وقفة حقيقية صادقة كوقفة الأمير محمد بن سلمان، حيث ينطلق من موقف ثابت من القضية الفلسطينية، ومن ثقة بعدالتها، واستنادها إلى حجج قوية راسخة، ووعي بالحقائق على أرض الواقع، لقضية تقوم على الحق والعدل والمنطق، وهذا الوعي الإيماني بالقضية الفلسطينية متجذر في التراث السعودي. فقد أشارت مصادر كثيرة واتفقت على الاهتمام الحقيقي والمخلص الذي كان الملك سلمان بن عبدالعزيز ــ حفظه الله ــ يعطيه للقضية الفلسطينية، معتبرًا إياها القضية المحورية التي تدور حولها اهتماماته، حيث يعتبر أكبر نصير للقضية الفلسطينية، كقضية شعب انتزع من جذوره في ظروف مأساوية ومحاولة ترويض هذا الشعب لكي ينسى بيئته وثقافته ووطنه. لقد كان ارتباط المملكة بالقضية الفلسطينية منذ مرحلة الملك عبدالعزيز والذي يتمثل في هذا الموقف التاريخي للملك عبدالعزيز: يقول وليم باول مؤلف كتاب المملكة العربية السعودية وأسرتها الحاكمة: إن الهدف الرئيس من اجتماع الملك عبدالعزيز بالرئيس الأمريكي روزفلت عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية كان هو العمل على تلافي الوضع المتردي في فلسطين الذي كان ينذر بأن اليهود سوف يحولون هجرتهم الفردية إلى استيطان جماعي واحتلال دائم. ويضيف باول: إن الملك عبدالعزيز أقنع روزفلت بأن يلتزم له شخصيًا بألا يتخذ قرارًا بشأن فلسطين إلا بعد التشاور معه شخصيًا. وكان رأي الملك عبدالعزيز الواضح والصريح والذي شرحه للرئيس روزفلت هو أننا كعرب نشعر بالأسف لما ألمّ باليهود من اضطهاد في أوروبا، غير أننا نشعر بأنه من غير العدل أن يصحح هذا الوضع على حساب عرب فلسطين، وأن العرب ليسوا ملزمين بالتعويض عن أخطاء النازية وجرائمها، وأنه إذا كان لا بد من دولة يهودية فلتقم هذه الدولة في الأراضي الألمانية. يقول هاري هاوبكنز: لا ريب أن روزفلت كان يجهل تمامًا حقيقة الملك عبدالعزيز، فهو ملك مهيب وعربي شجاع. لقد طلب إليه روزفلت أن يوافق على مجيء مهاجرين من اليهود إلى فلسطين، فرفض الملك عبدالعزيز رفضًا قاطعًا قائلًا له: إنني بصفتي الدينية والسياسية سوف أكون في طليعة المحاربين إلى جانب إخواني في فلسطين. وكان الملك عبدالعزيز كتب في 10 مارس 1945 رسالة إلى فرانكلين روزفلت يذكره ويؤكد له أن العرب الفلسطينيين هم سكان فلسطين وسادتها منذ أقدم عصور التاريخ والأكثرية الساحقة فيها في كل العصور، وأن حق العرب الفلسطينيين في فلسطين واضح وصريح وقائم منذ عرف التاريخ، ويراد الآن القضاء على هذا الحق التاريخي بظلم لم يسجل له التاريخ مثيلًا ولا نظيرًا. فقد كانت تلك الفترة تشهد الغزوة الصهيونية التي استهدفت فلسطين، حيث بدأت جماعات اليهود بالهجرة المنظمة إلى فلسطين. وفي ذلك الوقت كان الكثيرون غافلين عن حجم وأبعاد هذه الغزوة الصهيونية، ولكن كان أحد الزعماء العرب يفكر بطريقة أخرى ويرى في تلك التحركات المريبة بداية لحركة استيطانية كبيرة تنذر باضطرابات واسعة تهدد المنطقة بأكملها. كان هذا الزعيم هو الملك عبدالعزيز، فقد كان الملك عبدالعزيز يؤمن بأن الخطر الذي يتهدد فلسطين إنما هو بادرة ونذير خطر أكبر يمكن أن يمتد إلى بقية الوطن العربي الكبير، وهذه رؤية بعيدة ومستوعبة في وقت لم يكن الخطر الصهيوني قد تبدّت جميع جوانبه بعد.التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف