جريدة الجرائد

ذكرى هروب الأسد... هل وجد فيها الحزب عنواناً للتمسك بسلاحه؟

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

شهدت ساحات لبنانية، تظاهرات شعبية احتفالاً بالذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام بشار الأسد في سوريا، أو بعبارة هي الأحب إلى مسمع الكثيرين ذكرى "هروب المجرم بشار الأسد". كانت تلك التعبيرات الشعبية لتكون طبيعية وتحمل الكثير من الدلالات العفوية والشعبية، في تعبير صادق عن مشاعر كره لذلك النظام الذي لم يوفّر السوريين كما اللبنانيين مدى أكثر من أربعة عقود من التعذيب والقتل والسحق، لولا تلك الإشكالات الأمنية التي حصلت في بعض المناطق المؤيدة للثنائي الشيعي مع المتظاهرين، كما حصل في منطقة حارة صيدا، في الجنوب، أو غيرها ما أنذر بوجود "تضخم" طائفي قابل لأن يشتعل في أي لحظة إلى حرب بين الأفرقاء في الداخل، أو على الحدود مع النظام السوري، إذ إن العبارات التي خرجت من مناصري "حزب الله" وحركة "أمل" كانت نافرة في ما خصّ التطاول على الرئيس أحمد الشرع. لهذا، لم يكن مستغرباً أن تشهد ساحات لبنان، هذه التظاهرات التي تشكلت للتعبير عن هذه الذكرى والاحتفال بها، وتحديداً في عاصمة لبنان الشمالي، طرابلس، التي عانت ما عانته في أوقات سابقة من هذا النظام، وفي بيروت تحديداً منطقة الروشة، التي شكلّت بالأمس القريب تحدياً من "حزب الله" للدولة وللبنانيين في التعبير عن تمسك الحزب بسلاحه وبوجوده رغم الدعوات الى حصرية السلاح. يعيش "حزب الله" بعد السابع والعشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2024، هاجس الدفاع عن سلاحه، ويعمل بشكل دؤوب على إقناع اللبناني المختلف عنه بماهية سلاحه ودفاعه عن لبنان. إذ لطالما يخرج أكثر من مسؤول في الحزب بتأكيدات لا جدال فيها، أن وظيفة هذا السلاح لم تزل قائمة وأن تسليمه غير وارد، رغم صدور قرار مجلس الوزراء في 5 آب/ أغسطس الماضي واستكمل في 7 آب الطلب من الجيش اللبناني وضع خطة لتحديد آلية حصره بيد المؤسسات الرسمية. لا يوفر الأفرقاء في الداخل اللبناني فرصة للمطالبة بتسليم سلاح الحزب على اعتبار أن بناء الدولة لا يجوز أن يكون على قاعدة وجود جيشين، وأنّ إعادة الثقة للعالمين العربي والغربي لا تكون بالإبقاء على تنظيم مسلح خارج إطار الدولة، لا بل يعمل على أجندات خارجية مرتبطة بمصالح طهران، رغم التأكيدات التي صدرت عن أكثر من مسؤول إيراني عن ضرورة حصر قرار السلاح في يد القيادات في بيروت ولا شأن لطهران بذلك. أطلق رئيس الحكومة نواف سلام، جدلية تثير النقاش في مقال نشرته صحيفة "الفايننشال تايمز" يرتبط بمن سيطبق أولاً بنود القرار 1701، "حزب الله" وتسليم السلاح أم إسرائيل ووقف الاعتداءات والانسحاب من لبنان وتحرير الرهائن؟ هي عناوين المرحلة التي تشهد فيها الساحة اللبنانية حركة ديبلوماسية نشطة تدعو إلى ضرورة حصرية السلاح خطوة أساسية نحو بناء البلد. لقد أنهى الموفد الفرنسي، جان إيف لودريان، زيارة إلى بيروت وسط معلومات عن دعوته إلى تسريع موضوعي الإصلاحات وحصرية السلاح جنوب الليطاني وشماله، وهما أمران يعوقان عقد مؤتمر دعم الجيش اللبناني. الأمر لا يتوقف عند الجانب الأميركي الرافض أي تسوية في ضوء وجود السلاح، ولا حتى الفرنسي الذي يصبّ في التوجه الأميركي ذاته، بل في الموقف العربي الرافض إعادة إعمار لبنان في ظلّ الحديث عن سلاح لم يحصر. فالإشكالية تتعقد عند الحزب، والتهديدات الإسرائيلية ترتفع وتيرتها، إذ نقلت صحيفة "يديعوت احرونوت" الإسرائيلية، أن رئيس شعبة الاستخبارات "أمان" شلومي بيندر، التقى المبعوثة الأميركية، مورغان أورتاغوس، في زيارتها الأخيرة إلى إسرائيل قبل حضورها إلى لبنان للمشاركة في اجتماع الميكانيزم، وقدم إليها المعلومات بشأن "تعاظم قوة حزب الله وعجز الجيش اللبناني في مواجهته". لا يبدو أن الحزب الذي يعيد تموضعه، والذي يعمل على التعافي بعد الحرب الأخيرة، يتّجه نحو تسليم السلاح، بقدر ما يفتّش عن تبريرات لبقائه والاحتفاظ به. لهذا يعتبر البعض أن تلك التظاهرات التي حصلت في لبنان والمؤيدة للشرع، إتخذت منحنى بطريقة عفوية أو غير مقصودة لدعم عقيدة التمسك بالسلاح وترسيخها، تحت شعار إن الخطر الوجودي للشيعة قد لا يأتي من إسرائيل بل من شرق لبنان وشماله، وتحديداً من النظام السوري ومؤيديه في لبنان، بدلالة تلك التظاهرات. لا نقاش إن كانت التظاهرات انحرفت عن المسار المطلوب، أم بحسب بعض المصادر هناك طابور خامس على طريقة النظام الأسدي، اخترق المحتجين وذهب نحو افتعال المشاكل مع تلك المناطق، بهدف ترسيخ الوعي بأن هناك من هو قادم لإلغائهم، فهذا ما يبرر فرضية التمسك بالسلاح. لم يكن مجرد كلام ما قاله وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، أمام نظيره الفرنسي، أن سحب سلاح الحزب قد يؤدي إلى حرب أهلية وتدمير الطائفة الشيعية. فهذا إن دل على شيء، فعلى إن الحزب ليس بوارد تسليم السلاح، لهذا سيبقى لبنان بانتظار حرب ليس المهم مصدرها بقدر ما سيكون عليه عنوانها من سلاح "حزب الله" وآلية سحبه. -المقاربة الواردة لا تعكس بالضرورة رأي مجموعة "النهار" الإعلامية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف