لا تلعبوا بالنار!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
خالد بن حمد المالك
يُخطئ المجلس الانتقالي اليمني إذا ما تصوَّر أن تحركه العسكري الأخير الذي قام به في محافظتي (حضرموت، والمهرة) بشكل أحادي سوف يمر دون ردود فعل غاضبة من مجلس القيادة الرئاسي، ومن الحكومة الشرعية، وأن ما قام به من تصعيد، دون موافقة قيادة التحالف، والحكومة، وكذلك مجلس القيادة الرئاسي، هو إجراء يمكن قبوله، والتسامح معه، فيما هو يضر بمصالح الشعب اليمني بمختلف فئاته، وبالقضية الجنوبية، وجهود التحالف.
* *
المملكة لم تلتزم الصمت أمام هذه التطورات الخطيرة، وظلت طيلة الفترة الماضية ولا تزال تركِّز على وحدة الصف، وتحذِّر من مخاطر ما أقدم عليه المجلس الانتقالي، وتعمل مع دولة الإمارات العربية المتحدة على تطويق هذه الأزمة، بمشاركة رئيس مجلس القيادة الرئيسي، والحكومة اليمنية، وهدفها احتواء الموقف، والحيلولة دون تطورات خطيرة قد تحدث.
* *
كان تركيز المملكة على الحلول السلمية بعد بدء هذا التصعيد مباشرة، بهدف معالجة الأوضاع في المحافظتين، منعاً لاستمرار المغامرين في المجلس الانتقالي في القيام بما قاموا به من انقلاب على التفاهمات السابقة، فأرسلت بفريق عسكري سعودي يشارك مع فريق عسكري إماراتي، لوضع الترتيبات اللازمة مع المجلس الانتقالي الجنوبي في عدن، بما يكفل عودة قوات المجلس الانتقالي إلى مواقعها السابقة خارج المحافظتين، وتسليم المعسكرات فيها لقوات درع الوطن، والسلطة المحلية، وفق إجراءات منظمة، تحت إشراف قوات التحالف.
* *
هذه الجهود من المملكة هي لمنع أي تصعيد عسكري قادم بين مجلس القيادة الرئاسي والحكومة الشرعية من جهة والمجلس الانتقالي الجنوبي من جهة أخرى، وما زالت هذه الجهود إلى اليوم متواصلة لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه، وما زالت المملكة تعوِّل على الجميع تغليب المصلحة العامة، وبأن يبادر المجلس الانتقالي بإنهاء التصعيد، وخروج قواته بسلام، وبشكل عاجل من المحافظتين، فبدون هذا الحل لن يكون مقبولاً إبقاء الوضع على ما هو عليه بسيطرة الانتقالي على المحافظتين.
* *
وموقف المملكة من هذا التصعيد واضح، ولا لبس فيه، ومعلن منذ أن ظهرت بوادر انشقاق المجلس الانتقالي، وهو الرفض القاطع لما قام به المجلس الانتقالي الجنوبي، والدعوة إلى تجنب كل ما من شأنه زعزعة الأمن والاستقرار، مما قد يترتب عليه ما لا تُحمد عقباه، وأنها تعوِّل على أهمية التعاون بين كافة القوى والمكونات اليمنية، وتدعو إلى ضبط النفس، وعدم تفويت فرص إحلال الأمن والسلام المتاحة الآن في البلاد، ودرء أسباب الصراعات التي لن يكون لليمن من فائدة فيها، فالقضية اليمنية قضية عادلة، ولها أبعادها التاريخية والاجتماعية، وحلها يتم بجلوس كافة الأطراف اليمنية على طاولة الحوار، ضمن الحل السياسي الشامل.
* *
ولم تخف المملكة موقفها الداعم لرئيس مجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية الشرعية لتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية والسلام في اليمن الشقيق، وهو ما عبَّرت عنه وزارة خارجية المملكة في بيانها الأخير وبياناتها السابقة للتطورات الأخيرة في محافظتي حضرموت والمهرة، ومن تصعيد خطير فيهما، انسجاماً مع مواقفها التاريخية الداعمة لليمن على مدى عقود، بما يعرفه القاصي والداني، وشعب اليمن الشقيق.
* *
إن ما حدث من سيطرة المجلس الانتقالي على المحافظتين يتحمَّل المجلس الانتقالي المسؤولية فيه، وعن كل تداعيات هذا التصرّف الأحادي، وما قد ينتج عنه في المستقبل، إذا ما أصر المجلس على عدم الانسحاب، ورفض تسليم المعسكرات لقوات درع الوطن والسلطة المحلية، فما حدث تجاوزات، وتعديات، ومحاولات لفرض الأمر الواقع في المحافظتين، مع ما سوف يكلِّفه ذلك من إراقة لمزيد من دماء اليمنيين، فالقضية الجنوبية قضية شعب، وتخص كل المكونات، ولا يمكن اختزالها في شخص عيدروس الزبيدي، أو مكون المجلس الانتقالي، وبالتالي فإن المملكة ترفض بشدة هذه السيطرة على المحافظتين.
* *
وموقف المملكة الثابت ينطلق من أن القضية الجنوبية قضية عادلة، ولا يمكن تجاوزها في أي تسوية سياسية، وليس مقبولاً الزج بالمحافظتين في صراعات عسكرية، واستمرار موقف المجلس الانتقالي في عملية تصعيد مستمر، دون الاكتراث لأي عواقب قادمة، متجاهلاً دعوات المملكة لتغليب المصلحة الوطنية، والمحافظة على السلام والأمن المجتمعي، وما يمثِّله استمرار التصعيد من خطورة على اليمن، وهو بذلك كمن يلعب بالنار دون أن يحسب حساباً لما أقدم عليه، ولما قد يواجهه في المستقبل، إذا ما رفض الحلول السلمية.