لكل زرع حصاد
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
موسى بهبهاني
عادةً البشر يستعدون قبل أن يقوموا بأي عمل، سواءً كان من التنظيم والتنسيق والتدريب التدريجي لتحقيق الهدف الذي يسعون إليه، على سبيل المثال: (التخطيط لرحلة سفر لأيام معدودة).
يقومون بالاستعداد المكثف من تخطيط، وطلب الإجازة، والتواصل مع خطوط الطيران والفنادق لعمل الحجوزات وترتيب أمور العائلة والمنزل، وتجهيز الملابس والحقائب، وإعداد المال وصرف العملة للبلد المتوجهين إليه، كل ذلك من أجل رحلة لأيام معدودة...
فما بالك بالشهر العبادي العظيم، الذي أُنزِلَ فيه القرآن الكريم، شهر رمضان المبارك، شهر الله، الذي سنكون خلاله في ضيافة المولى عز وجل.
لذلك، لا بد أن نستعد له قبل إقباله، فشهرا رجب وشعبان فيهما الكثير من الفضائل، بل هما شهرا إعداد وتدريب روحي لاستقبال شهر رمضان، حيث تتم المواظبة فيهما على الدعاء والاستغفار والتوبة والصيام والصدقات والصلاة المستحبة وقراءة القرآن والأذكار، والاستعداد الروحي لنيل المغفرة ولقاء شهر الله، شهر رمضان، بقلوب سليمة ونفس زكية.
وجاء في الأثر بأن:
شهر رجب «شهر الزرع» وشهر شعبان «شهر السقي» وشهر رمضان «شهر الحصاد».
اللهم بارك لنا في شهري رجب وشعبان وبلغنا شهر رمضان.
كيف يكون الاستعداد؟
1 - الأكل بمقدار «كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا».
2 - التعطّر والتَطّهُر البدني بالماء (لإزالة رائحة العرق) واستخدام عطر طيب.
3 - الإكثار من الاستغفار وقراءة القرآن.
4 - تنقية القلب من الحقد والغل، والعزم على تحسين التعامل مع الآخرين.
5 - قضاء الصيام: استغلال شعبان لقضاء صيام شهر رمضان الفائت لمن عليه أيام قضاء.
6 - الهدف من ذلك الوصول إلى شهر رمضان وقد نالت الروح درجة الغفران، استعداداً لضيافة المولى عز وجل في شهر الله.
(تعطّروا بِالِاسْتِغْفَارِ، لَا تُفْضِحكم رَوَائِحُ الذُّنُوب).
الرائحة الخارجية تَذهَب بالغُسل، أما الرائحة الباطنية فتظل لا تزول إلا بالعمل الصالح.
فالاستعداد ليس مادياً (كالطعام والشراب)، بل هو استعداد معنوي عميق يتضمن تطهير النفس، وتصفية القلب، وتكثيف العبادة والدعاء والتوبة، ليكون الإنسان مستحقاً لضيافة الله في هذا الشهر العظيم...
إنّ شهري رجب وشعبان هما بمثابة تمرين لتهذيب النفس واستقبال شهر رمضان بقلب نقي.
ختاماً:
وكما أن الأجسام تحتاج إلى الغذاء، كذلك الأرواح تحتاج إليها أيضاً، فغذاء البدن هو الطعام والشراب، بينما غذاء الروح يكون بذِكر الله، وتلاوة القرآن والصلاة والعمل الصالح وطلب العلم، ما يمدها بالطاقة ويقويها لمواجهة تحديات الحياة، وهذا الغذاء الروحي أهم من غذاء الجسد لأنه يبقى خالداً بينما الجسد يفنى.
ولهذا يجب الموازنة بين الاهتمام بالجسد والروح وشهر رجب فرصة للتزود بالزاد.
«وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى».
إذاً، عليكم باغتنام الفرص؛ لأن الفرص تمر مر السحاب، وهذا الشهر - رجب - فرصة يجب علينا أن نغتنمها وما أحوجنا إلى العمل الصالح وكما جاء في الأثر:
(حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا).
نسأل الله أن يوفقنا ويسدد خطانا إلى العمل الصالح.
اللهم احفظ الكويت آمنة مطمئنة، والحمد لله رب العالمين.