جريدة الجرائد

تهذيب المنصات.. لا كبت الحريات!

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

القرارات الأخيرة التي تواصل اتخاذها وبقوة وزارة الإعلام ممثلة بالهيئة العامة لتنظيم الإعلام بإيقاف عدد من الحسابات في منصات التواصل الاجتماعي والتحقيق مع آخرين، ليست خطوة مفاجئة أو رد فعل متسرعة، كما يحاول بعض المتصيدين للشأن السعودي تصويرها، بل هي قرارات صحيح أنها جاءت متأخرة، ولكنها ضرورية، وفي توقيت لا يحتمل مزيدًا من التأجيل..!!

الإشكالية أن من يرفع شعار أن هذه القرارات هي "كبت للحريات الإعلامية"، هم من استغل هذه المنصات للتحريض، واستغلال بل التغرير ببعض الأشخاص لبث مواد عبر حساباتهم الشخصية مخالفة لقيم مجتمعنا، لذلك ما يحدث اليوم ليس قمعًا، بل من وجهة نظري "تهذيب للمشهد الرقمي".

هذا التحرك اتجاه خطر وسائل التواصل الاجتماعي سبقتنا فيه دول تُقدم أمام العالم نفسها كدول تدعم الانفتاح الإعلامي، ولكنها أمام الخطر الحالي خرجت من هذا التصور لتضع قوانين وتشريعات صارمة لحماية أمنها المجتمعي، ففي ألمانيا فُرضت قوانين تلزم المنصات بحذف المحتوى المحرض أو المضلل خلال مدد زمنية محددة، مع غرامات مالية كبيرة على أي تجاوز، وفي فرنسا، شُددت الأنظمة ضد خطاب الكراهية والتلاعب بالمعلومات، خصوصًا بعد أن ثبت تأثيرها المباشر على الاستقرار الاجتماعي، وسنغافورة تم منح الجهات التنظيمية لديهم صلاحيات مباشرة لإيقاف أي محتوى يهدد سلامة المجتمع، دون أن يُنظر إلى ذلك كمساس بالحريات…!!

والحال أقوى وأكثر تأثيراً وكنموذج حي للرد على أي تأويلات حول التنظيمات الأخيرة، لو أخذنا سيدة الحرية الإعلامية كما نطلق عليها أمريكا كنموذج حي، حيث يخوض الرئيس دونالد ترمب مواجهة مفتوحة مع وسائل إعلام كبرى يرى أنها تُخالف التوجهات الأمريكية الحالية، ويمارس ضغوطًا سياسية وتشريعية وإعلامية عليها..!!

ورغم ذلك، لم يتجرأ أحد من المهتمين بالإعلام على وصف هذا السلوك بأنه كبت للحريات، لأن الفكرة ببساطة غير منطقية، لأنه ببساطة لا وجود لحريات منفلتة، بل المسموح فيه حريات منضبطة تحكمها المصلحة العامة.

لذلك، ونحن مقبلون على عام 2026، تتضاعف أهمية تنظيم الفضاء الرقمي، مع التوقع بتجاوز عدد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي عالميًا 5 مليارات مستخدم، ومع ارتفاع القيمة الاقتصادية لصناعة الإعلام الرقمي والإعلانات المرتبطة به تريليوني دولار سنويًا، مما يعني أن المحتوى من الجهات الرسمية والأفراد ليس مجرد رأي عابر، بل قوة تأثير، وأداة توجيه، وقيمة اقتصادية وخطر سياسي..!!

ومن هذا المنطلق لا يمكن لدولة بحجم بلادنا، بثقلها السياسي والاقتصادي، أن تترك منصاتها رهينة حسابات تبحث عن الإثارة، أو تحاول بث النعرات، أو الاستثمار في الفوضى، فمن خلال التنظيمات الإعلامية التي نعيشها اليوم نحن بالفعل نعيش فترة مهمة لتنظيم المستقبل، لا مصادرة للحاضر كما يزعم المستفيدون من ظاهرة الانفلات الإعلامي..!!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف