2026: اختراق وحيد لا يكفي! (2)
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
إذا كان استبعاد موجة العصر المعممة إلى حدود الابتذال عبر المنصات ووسائل التواصل الاجتماعي والعدوى الإعلامية المرضية التي أصابت وسائل الإعلام والصحافة التقليدية الأكثر ضمانا للأصول المهنية، موجة التكهنات الباهتة المثيرة المبتذلة والمضللة للوعي العام، يملي تجنب الإغراق في التقديرات المتسرعة حيال السنة اللبنانية الجديدة، فإن شيئا لا يحول دون رؤية (أو استكشاف) ما لا حاجة بكثير من التبجح إلى استكشافه.لقد انطوت السنة المشارفة النهاية على اختراق يتيم وحيد في المسار السيادي، لا يزال ناقصا، لكنه أحدث الصدى والدويّ، وباتت العودة إلى الوراء مستحيلة، بما يحتّم على لبنان احتساب السنة الجديدة ضمن حقبات التاريخ التأسيسي الحقيقي في ظل حتمية إكماله مسار نزع كل السلاح غير الشرعي وفي مقدمه سلاح "حزب الله". تعكس الأشهر الأخيرة في مسار التخبط الذي عرفه لبنان، بين نمط حربي إسرائيلي مبرمج جنوبا وبقاعا شماليا ومرات في الضاحية الجنوبية، ونمط معاندة وإنكار وتخوين للسلطة وكل الآخرين غير الثنائي الشيعي لدى "حزب الله"، وبين تنفيذ دؤوب ولكن على قدر الإمكانات المحدودة لدى الجيش لخطة حصرية السلاح، تعكس خطا بيانيا سيكون من الصعوبة الذهاب بعيدا في الطموحات، أو في التحفيز الصادق، أو في التحريض الخبيث لدفعه بسحر ساحر، الأمر الذي سيرتب التطلع بعمق الواقعية القاسية والصارمة إلى المقبل من المراحل على لبنان، لأن المعطيات العميقة الجدية لا تحمل ذلك الوميض لمفاجآت تنقلب معها الأوضاع رأسا على عقب بلمح البصر. هذا المسار الجاري نظريا تحت رعاية "الميكانيزم"، تعوزه "بلدوزر" ضغوط أميركية هائلة لفرض أمر واقع لمصلحة الدولة اللبنانية بلا منازع، ولكن هذا الشرط ليس قائما ولن ينوجد لأن لبنان ليس بالمكانة الموهومة التي يضع فيها معظم غلاة مؤيدي السياسات الأميركية اللبنانيين، لا لشيء إلا لأنهم يستبطئون خطة نزع سلاح "حزب الله". إن استعجال نزع سلاح الحزب هو بلا أي نقاش، الطموح الأكبر والأقوى لدى النسبة الأضخم من اللبنانيين في المقام الأول. وإن سياسات الحزب الانتحارية الموضوعة في خدمة نظام ملالي طهران ليست إلا الميراث الكارثي الذي زج عبره الحزب نفسه وطائفته ولبنان برمته، وهي معادلة لا تحتاج إلى ثرثرة الذين يستطيبون الوعظ الاستعلائي. مع ذلك فإن المحاذير الكبرى التي تتربص بلبنان في السنة الطالعة لا تختلف كثيرا في ظروفها المرتقبة عن تلك التي سادت طوال السنة الآفلة، مع فارق الرهان المتعاظم على القدرات العسكرية والأمنية للدولة اللبنانية وتحكم قرار سياسي سيادي خالص وحاسم في هذا المسار. لذا فإن أضخم صراع سلمي شهده لبنان في تاريخه سيدور في أيار المقبل ما لم يطرأ طارئ ويطيح الانتخابات النيابية، لأن الغالبية الساحقة المرتجاة في البرلمان المنتخب الجديد يفترض أن تنهي إلى الأبد تحكم الاستبداد المذهبي للحزب وشريكه في القرارات المصيرية، حتى لو استعادا أكثرية ساحقة للنواب الشيعة. فالتغيير عبر الأكثرية المرتجاة هو مفتاح دفع المسار السيادي وحصر السلاح في يد الدولة في كل لبنان. عبثا البحث عن الحلول خارج برلمان ينفض عنه تحكم الاستبداد المرتبط بالخارج. ستبقى خطة الجيش محاصرة باعتبارات إسرائيل المستقوية بدعم ترامب، وبالاستخدام الإيراني لـ"حزب الله"، ما لم يحل صباح تقلب فيه بيروت الطاولة على كل المراهنين على إنهاء الدولة.