جريدة الجرائد

ماذا يقول كتاب «ساند»؟

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
يقول المؤرخ الإسرائيلي الكبير «إيلان بابيه»: من المهم أن نفهم أن الصهاينة، الذين بنوا «إسرائيل»، حتى السبعينيات، كانوا علمانيين، وكان هدفهم تحديث اليهودية، ومع هذا استخدموا النص المقدس سياسياً، وليس دينياً، بعد أن أدركوا أن الكثير من المسيحيين سيدعمون حركتهم على أساس ما ورد في «العهد القديم»، ونجحوا في ذلك، ومع الوقت استطاعوا أن يقنعوا المتدينين منهم بأن «استعمار فلسطين» هو واجب ديني، مع أن هدفهم لم يكن يوماً تأسيس دولة دينية، بل كان ولا يزال مشروعاً استعمارياً، مشابهاً، خاصة مع التوسع الاستعماري في مختلف القارات، للمشاريع الاستعمارية الأخرى، التي قام بها الأوروبيون، وبالذات من الفئات التي كانت تشعر بأنها غير مرحب بها، أو عليهم قضايا يريدون الهرب منها، أو أن بقاءهم، لسبب أو لآخر، فيه خطر عليهم، لذا قرروا بناء حياة جديدة، على أرض الغير، مشابهة لأوروبا، التي رفضتهم. وفي حالة فلسطين، اختاروا أرضاً في قلب العالمين العربي والإسلامي، حيث يوجد بشر مواطنون يسكنونها، لكنهم لم يكترثوا، لأن الحركة الصهيونية اعتقدت منذ البداية أن لها الحق في التطهير العرقي للفلسطينيين، وإزالتهم، من أجل بناء دولتهم «الأوروبية»، التي يريدونها، بدلاً من أوروبا التي لم ترغب بهم.

يقول «شلومو ساند»، الأستاذ في جامعة «تل أبيب»، وهو، مثل بابيه، و«بيني مورس»، و«سيمحا فلابان»، و«آفي شلايم»، من المؤرخين الإسرائيليين، الذين تحدّوا الروايات التقليدية للتاريخ الإسرائيلي، ودحضوا أساطير تأسيس إسرائيل، اعتماداً على مصادر حكومية رفعت السرية عنها بعد ثلاثين عامًا من تأسيس إسرائيل، خاصة بعد أن توصلت بحوث آثارية معمقة، جرت على مدى عشرات السنين، أنه لا توجد في القدس ولا في فلسطين أية دلائل تدل على قيام هيكل سليمان أو داود، أو شيء اسمه إسرائيل أو شعب أو أرض إسرائيل. وبالتالي لم يكن سهلاً على «شلومو ساند» تفنيد الأساطير المؤسسة للصهيونية وإسرائيل، في كتابيه «متى وكيف تم اختراع أرض إسرائيل؟»، و«متى وكيف تم اختراع الشعب اليهودي؟»، إضافة لكتاب «كيف لم أعد إسرائيلياً؟»، حيث نفى فيه وجود شعب يهودي تم إرغامه على الخروج من وطنه إلى الشتات، وأكد أن معظم يهود أوروبا الشرقية هم من نسل مجتمعات وأفراد تهوّدوا خلال مراحل تاريخية.

يتعرض «ساند»، بسبب كتبه، لكراهية وتهديد مستمرين بالقتل، وكمن عزاؤه في أن كتابه «متى وكيف تم اختراع الشعب اليهودي؟» ترجم إلى أكثر من عشرين لغة، منها العربية والصينية.


أحمد الصراف

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف