لِم يحارب الكوردي الناجحين؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
قالها يوماً "أحمد زويل" عالم الكيمياء المصري: "الغرب ليسوا عباقرة ونحن لسنا أغبياء، ھم فقط يدعمون الفاشل حتى ينجح، ونحن نحارب الناجح حتى يفشل".&
هذا بالضبط واقع الحال المأساوي، أو هذا هو التعليق المناسب، الذي يتلاءم اليوم مع نسبة كبيرة من ذكاء الشباب الكورد، المهووس في محاربة الناجح حتى يفشل، بقصد أو بدون قصد، بطرق قانونية أو غير قانونية، دون الاستناد على قاعدة أو أساس.
لعلّ كلام د. زويل &- الذي جاء عن تجربة عملية في الحياة &- ينطبق في كلّ مجتمعات الشرق الأوسط، ومنها المجتمع الكوردي في غربي كوردستان، لأن هناك أشخاص معدمون متخصّصون في إثارة البلبلة زوبعة بين الناس، ونشر الكراهية والإحباط واليأس في عقول مَن هم قادرون عليهم، بالكذب والنفاق وتقديم وعود معسولة، فهم يرون فشلهم في نجاح الآخرين، عِوَض أن يكون نجاح الآخر محفّزاً لهم، لكن تركيبتهم النفسية تجعلهم يتجاهلون تواجد الناجحين من حولهم، ويعتقدون بأن كلّ ما يحدث لهم هو من مَحض الصدفة.
في دولة مثل الدنمارك، أحد الدول التي استقبلت اللاجئين السوريين، عندما يتأخّر الموظّف أو العامل عن عمله لدقيقة أو دقيقتين، تحسم الشركة أو المؤسّسة أو المصنع من راتبه، ليقدّر قيمة الوقت والحياة وحياة الآخرين، وفي دولة كسوريا الموظّف يغيب عن عمله لأيّام وشهور، وراتبه يصله كل شهر، بل أحياناً كل شهر مرّتين، أمّا بالنسبة للشباب الكورد فأحياناً يستفيقون من النوم، ويكون قد مرّ ساعات على موعده في العمل، فيخلق ألف حجّة وحجّة، لا لأن يقنع مَن يعمل عندهم، بل ليقنع ذاته التي تحتاج إلى المعالجة.
إن العائلة والتربية مهمّان جدّاً في إنجاح طالب أو عالم أو حلم أو فكرة أو مشروع، فبعض الأهل لا يربّون أبناءهم على الثقة بالنفس والتعامل مع الآخر بالمحبّة والإنسانية، بل قد يتم استخدام أساليب تربوية خاطئة ومحبطة، ثم يأتي المجتمع ليكمل الدور، فإذا كانت التربية قد عوّدت الشخص على الثقة بنفسه والتشجيع لقدراته، فقد يجتاز حرب المجتمع والفرد المعدوم، أما إذا كان الأمر عكس ذلك، فإن الحرب اللاحقة ستقضي على عزيمة الفرد، وبكلّ تأكيد فإن لكلّ قاعدة شوّاذ، والناس تختلف فيما بينها، فهناك أشخاص لديهم القدرة على تجاهل الجميع، وتحقيق النجاح حتى مع أشرس الحروب ضدّهم.
إنّها الثقافة, الثقافة التي تجمّل المذموم وتشوّه المحمود، ولا بدّ أن نقرّ أن الحميد هو الأكثر في الغرب، والأقلّ في الشرق، ففي الشرق الأوسط وخاصّة في غربي كوردستان يتمّ استنزاف العقول الشابّة والمبدعة في متطلّبات الحياة الأساسية، فمن أين سيأتي الإبداع والتقدّم وهناك مَن يستنزف كلّ ما هو جميل ويدّخر كلّ ما هو قبيح؟ ومَن يبحث عن الإبداع يأخذ الطريق الآخر، وهوا السفر واللجوء لدول الإبداع والمبدعين، فالتقدّم والازدهار سيأتي، إذا تمّ توفير ثقافة مجتمعية سليمة، وحياة مادية كريمة للأسرة والفرد.&
كوردياً، وكنموذج مصغّر لحالة الشباب الكورد، هناك مَن يعمل على محاربة الناجح حتى يصبح مثله فاشلاً، بل أفشل منه، كمحاربة الكتّاب لأفكارهم البنّاءة والهادفة، أو تشويه سمعة مؤسّسة إعلامية محلّية، أو منع إعلامية من إجراء حوار مع سياسي أو مسؤول أو مثقّف، والأمثلة لا تُعد ولا تُحصى، في حين لم يفكّر هذا الفاشل في أن يقدّم ولو أبسط ما لديه، ليدعم الناجح، علّ وعسى أن يأتي يوم ويصبح هذا الفاشل ناجحاً بفضل مشروع أو اختراع من عمل ذلك الناجح، الذي دعمه في أحد الأيّام، بل يرفض هذا الفاشل لأن يكون من النوابغ، ويعمل على قتل مواهبه وقدراته.&
حالة واضحة جدّاً أحبّ الاستشهاد بها، وهي الحالة الطاغية في المجتمعات الكوردية، سياسياً وإعلامياً وثقافياً وحتى إدارياً، وهو دعم الشخص حتى لو كان فاشلاً؛ من مبدأ أنه قد ينجح، فتبعات هذه الحالة وتأثيرها على كلّ الأطراف المتدخّلة، من الفرد والمجتمع والقضية الكوردية كثيرة وكبيرة، فالنجاح المزيّف للشاب الساذج، الذي وجد لنفسه البيئة التي ترغب بدعم الفاشل حتى ينجح، كان ضربةً قاضيةً لأحلامه الباقية ربّما.
بدلاً عن تقديم النجاح المزيّف لشخص فاشل ودعمه حتى ينجح، لم لا ندعم شخصاً ناجحاً يستحقّ الدعم في مؤسّسة إعلامية أو منظمة إنسانية أو صحيفة ثقافية سياسية؟ ولكن لن نجد أحداً يقوم بهذا إلّا في حالات نادرة؛ لأنّ النجاح ليس بحاجة دعم تعاطفي من الجماهير، فهو يأخذه من عقولهم قبل قلوبهم، وبصيغة أخرى، أرى أنه لا داعي لدعم شخص بناءً على العاطفة، أو لأنّه ابن الوطن والقومية والقضية، أو لرابط الصداقة أو الأخوة.
إن الخطر من كلام د.أحمد زويل، هو أنّ الكلام انتقل من مقولة تحفيزية، تهدف لتشجيع البيئة المحيطة بشخص ما، لحضّه على التعلّم والعمل وتنمية القدرات وتخطّي الفشل، إلى شمّاعة للكثير من أصحاب الأفكار الفاشلة، ليعلّقوا عليها فشلهم، وأصبحت آية مقدّسة لدى أبطال مواقع التواصل الاجتماعي، لاستخدامها في كلّ موقف تعرّض فيه أحد لانتقاد ما، حتى ولو كان انتقاداً محقّاً، فهل علينا الخوف من الفشل فعلاً؟ ولِم الذكاء الكوردي لا يكون حول عملية دعم الفاشل بدل من محاربة الناجح؟
وحتى يصبح عنوان المقال "الذكاء الكوردي: نحارب الفاشل حتى ينجح"، على الجميع من الفرد والمجتمع والمنظّمات والمؤسّسات، أن يرشد الفاشل على الطريق الصحيح للنجاح، لا أن يجمّل الحقيقة، عليه أن ينتقد ويواجه، فاحتمال أن يقوم هذا الشخص بتغيير أفكاره وتصرفاته دون أيّ مواجهة شبه معدومة، فالانتقاد والمواجهة ضروريّان لتقدّم المجتمع والفرد، وعلى الكورد ألا يدعموا الفاشل في المراكز الحسّاسة، بل يعملوا على تصحيح مسار عقليته ونمط تفكيره ومن ثم وضعه في مراكز عادية، مع مراقبته ومحاسبته.
التعليقات
we need more
Efrino -This is a best article I have read
مفيش فايدة نحتاج لمعجزة
بسام عبد الله -من عاشر القوم ... يقول الطليان يا سيد ادريس أن الرائحة الكريهة عندما تخرج من السمكة تبدأ من الرأس. انظر إلى رؤوس مجتمعاتنا تجدها إما عسكرية أو قبلية أو عشائرية أهم صفاتها الأمية والتخلف والجهل وإنعدام الأخلاق والثقافة والعلم وتدعمها الأقليات الدينية والعرقية على مبدأ نكاية بالطهارة، ولا يناسبها وجود كفاءات عالية تخطف الأضواء منها، لذا تراها تعمد إلى تغييبها بالقتل أو السجن أو التهجير. أنا شخصياً اؤمن بنظرية المؤامرة ولو أن بعضهم يستهزيء بها لإبعاد الشبهات عنهم، فمعظم حكامنا تم تنصيبهم من قبل اسرائيل أو بريطانيا أو امريكا أو فرنسا ولا علاقة للشعوب بها والإنتخابات مفبركة والنتائج مسبقة الصنع. فلولا اسرائيل لما وجد حافظ أسد ولما بقي وريثه بالسلطة ، وبوتين تدخل في سوريا بأوامر من الصهيونية العالمية، ولا حاجة لسرد داعمي باقي الحكام فهي أوضح من الشمس. وطالما أن اسرائيل مزروعة في جسد الشرق الأوسط فلا أمل للشعوب بالحرية والديمقراطية والتطور والتقدم والإزدهار ، وخاصة أنهم باتوا يعرفون مفاتيحنا ويزاودون علينا بإختراع المقاومة الوهمية والجمود والتردي ومسحوا وجود الوطنية بتهم جاهزة ومعلبة كالخيانة ووهن نفسية الحاكم.