الصحافة الإلكترونية وتوطين القارئ: إيلاف نموذجًا (2)
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
خلف علي الخلف:إن المتتبع لتاريخ الصحافة الالكترونية العربية القصير نسبيًا، يجد أنها جاءت في البداية كنقل لمحتوى الصحافة الورقية إلى شبكة الإنترنت، وهكذا سنجد أن بدايات تواجد هذه الصحافة على الإنترنت، كانت عبارة عن مواقع للصحف الورقية ذاتها، وكانت هذه الصحف تنشر جزءًا من محتواها الورقي على موقعها الإلكتروني، وظلت هذه المواقع مهملة لفترة طويلة، ولم تكن هذه الصحف تنظر بجدية إلى مواقعها. ولم يكن هناك وعي لخصائص النشر الإلكتروني على أنه ذو طبيعة مغايرة للنشر الورقي، لذلك كانت هذه الصحافة تشكل نافذة
لى جزء من محتوى الصحيفة الورقي لمن يصعب عليه الحصول على " الطبعة " الورقية. وحينما بدأت الصحافة تهتم بمواقعها الالكترونية فإن التطور كان منصبًا على اتاحة المحتوى الورقي ذاته والحفاظ على شكله في الصحيفة، ومن هنا ولدت نسخ الـ pdf للصحيفة ذاتها، تلك النسخ التي أتاحت توفير الصحيفة بشكلها وإخراجها الورقي على موقع الصحيفة...
إلا أن ولادة وسائل نشر أخرى عبر شبكة الإنترنت (مجموعات بريدية، منتديات ) وتخففها من الرسمية التي حكمت مواقع الصحف، وكذلك فتح باب التفاعل على أوسع أبوابه، وإتاحتها لإمكانية أن يكون كل مشارك ناشر، ولّدَ خصائص نشرية لهذه الوسائل، وكذلك ولد معها قارئ جديد قد لا يكون قارئًا للصحافة الورقية بالضرورة. هذا القارئ الالكتروني ولد ضمن سياقات وشروط قرائية مختلفة، لم تستطع الصحافة الورقية المتواجدة إلكترونيًا أن تلمسها في البداية، إلا أن ولادة المواقع الإلكترونية للوسائل الاعلامية الاخرى (القنوات الفضائية الإخبارية بشكل خاص) والذي كان شبه مستقل عن وسيلة الاعلام نفسها، وتنوع محتواه بحيث لم يعد ما ينشر فيه مقصورًا على جزء مما تبثه وسيلة الإعلام، بل إن محتوى الموقع كان يحمل قدرًا كبيرًا من المواد الإعلامية التي لا تبثها وسيلة الإعلام نتيجة تحكم وقت البث. فجاءت هذه المواقع لتشكل حلاً لهذا العامل الذي لا يمكن تجاوزه، وبالتالي أصبح الموقع أوسع من وسيلة الإعلام الأم. كل هذا أجبر الصحافة على التعامل بجدية أكبر مع " طبعتها " الإلكترونية، التي لم يكن لها حتى كادر مستقل عن طبعتها الورقية، وكان التقنيون هم المسؤولين عن الموقع الإلكتروني للصحيفة.
في هذا السياق، ولدت جريدة "إيلاف" لتعلن عن نفسها كأول جريدة إلكترونية عربية. لقد ولدت دون أم. إذ لم تكن مدعومة بوسيلة إعلام سابقة لها مثل الصحف الورقية والقنوات الفضائية، فتلك كانت مؤسسة سابقًا ولم يكن لديها مشكلة بالتعريف بنفسها أو الترويج أو الإعلان عن نفسها عبر وسيلة الإعلام الأم. وبالتالي كان على "إيلاف" أن تبحث عن قارئ لها أو تصنعه، متوجهة إلى قارئ عربي يعاني في بداية نشوئها من عدم وصول الإنترنت إلى بلاده في تلك الفترة.
إيلاف: توطين القارئ وصناعته
لقد جاءت إيلاف في عصر وفرة اعلامية شديد التنوع وفي ظل انفجار اعلامي لم يشهد له مثيل، وفي وقت كفت فيه الصحف عن كونها مصدرًا للأخبار التي توافرت على مدار الساعة، وتم توفير هذه الأخبار لاحقًا بشكل آني، عبر وسائل الاتصال الشخصي ( الموبايل ). وكانت مطالبة أن تحجز مكانًا لها أو تضمر وتنتهي. وساهمت عدة عوامل في نجاح إيلاف لأن تحجز لنفسها مكانًا في ظل هذا الزحام الاعلامي الشديد، من بينها ريادتها، أي كونها أول جريدة إلكترونية. ويمكن قسمة العوامل التي ساهمت بتعزيز مكانة ايلاف قرائيًا إلى قسمين:
القسم الاول: يخص النشر الإلكتروني بشكل عام ويتعلق بطبيعة هذا النشر نفسه، والعوامل التي جعلته يتقدم ويعزز مكانته لدى القارئ وهو ما تناولته في ورقة سابقة ( خصائص النشر الالكتروني ). إلا أن ايلاف مارست أغلب هذه الخصائص وإن كانت في بدايتها قد حجبت الخاصية التفاعلية مع المواد المنشورة مستعيضة عنها بفتح نافذة للتعبير الحر المباشر فقط ( نافذة تشات ) بين القراء انفسهم، والتعليق على بعض الاحداث..
القسم الثاني: عوامل خاصة بإيلاف نفسها. ويمكن لنا أن نتلمس ونحدد هذه العوامل التي ساهمت في توطين قرائها:
هوية ايلاف:
لكل وسيلة نشر هوية. والهوية تتشكل من محتوى الصحيفة، وسياسة النشر لديها، سواء اعلنت عن ذلك في صدر أحد صفحاتها أو لم تعلن. فقد جاءت إيلاف في عصر عربي تضاءلت فيه اماكن النشر الحر خارج سياق الحسابات السياسية والاقليمية والاعلامية وحدود الرقابة في الدول العربية التي تختلف مسموحاتها وممنوعاتها في كل دولة. ومنذ انطلاقتها تبنت ايلاف كتوجه عام خطًا ليبراليًا، ولم يكن لديها أجندة سرية، بل كان هاجسها الأساسي نجاحها كوسيلة اعلام غير تقليدية، وهذا التوجه لا زال مثار خلاف حتى بين كتابها وقرائها، فمنهم من يراها تحمل توجهًا ليبراليًا متطرفًا، ومنهم من يراها ذات خط ليبرالي محافظ لا يصل الى حدود التصادم مع السائد، سواء كان هذا السائد القيم الاجتماعية، أو الحدود التي تزعج السلطات العربية، ومن يتابع تعليقات القراء على مواد ايلاف سيلمس هذا الافتراق بين قراء ايلاف في النظر إليها، وهذا الإفتراق يشكل سمة ايجابية، إذ إن عدم الاجماع من قبل القراء في "ايلاف" على توجهها يعني تنوع هذا التوجه بحيث يسمح لكل قارئ أن يراها وفق تقييماته الشخصية.
كما أن التنوع الجغرافي لتغطية "ايلاف" عزز حضورها كصحيفة عربية، وهذه المنطقة أيضًا غير مغطاة اعلاميًا، بل إنها شهدت نزوحًا عكسيًا، إذ تحولت صحف عربية دولية الى صحف وطنية، وأصبحت تصنف وفق التابعية الجغرافية، للجهة الناشرة. وهكذا أصبح هذا التوصيف لـ "ايلاف" (صحيفة عربية) جزءًا من هويتها. وحتى لدى قراء وكتاب ليسوا راضين ( أو معارضين ) لتوجه ايلاف ليس هناك اجماع على محاولة حصرها في نطاق جغرافي محدد، فمرة توصف بأنها سعودية تبعًا لجنسية الناشر، ومرات عديدة توصف بأنها عراقية تبعًا لجنسية بعض الكوادر العاملة في إيلاف، إلا أن ملاحظة الجدول الذي يوضح نسب الزوار من كل دولة ونسب قراءتهم يجعل الأمر محسومًا إحصائيًا كهوية لـ "ايلاف" بكونها " صحيفة عربية " كما سنحلظ أن القارئ العربي المتخفف من ثقل الهوية الوطنية " المهاجرون العرب " هم أبرز قراء ايلاف كثقل نوعي، كما سيتبع توزع القراء على الدول العربية هذا التوجه اضافة إلى عوامل أخرى، منها كثافة الاتصال بالانترنت في هذا البلد أو ذاك، وسهولته، وكلفته، والوضع الاقتصادي للسكان، وثقل البلد السياسي والاقتصادي والفني والرياضي كذلك.
الاحتراف والمعايير المهنية:
ان المتتبع لـ "إيلاف" سيلحظ أن بداياتها كانت تحت هاجس ومعايير صحافة ورقية، فهي ولدت من رحم النشر الورقي، فناشرها ورئيس تحريرها قدم من عصر طويل قضاه في الصحافة الورقية، وكذلك الكوادر التي عملت في إيلاف جاءت من صحافة ورقية، فجاءت صيغتها في البداية لتبدو صحيفة ورقية على شبكة الانترنت، بل إن نجاحها كصحيفة إلكترونية، لم ينجها في البداية من هاجس التحول الى صحيفة ورقية، وظلت هذه الفكرة مثار أسئلة متوالية لناشرها في أغلب لقاءاته الصحفية " متى تتحول إيلاف الى صحيفة ورقية ؟ " وظلت الفكرة على بساط البحث طويلاً. لتجعل الأمر عكسيًا، أي تحول صحيفة الكترونية الى ورق.
إن وجود كوادر مهنية في ايلاف عزز حضورها الاخباري والاعلامي، وعلى الرغم من هذا كان ينظر إليها في البدايات كموقع الكتروني. وهذا ما نلاحظه في تعريفات الادلة وفي الاخبار والمواد المنقولة عنها في مواقع أخرى، وكذلك في أحد التصويتات التي اجرتها ايلاف، كما أن عدم وجود مفهوم الصحافة الالكترونية عربيًا عزز هذه النظرة في البداية إلا أن مهنية ايلاف استطاعت أن تخلق مفهوم الصحافة الالكترونية عربيًا.
إن جزءًا من المعايير المهنية التي انتهجتها "ايلاف" وجود شبكة من المراسلين والمكاتب تغطي بشكل اساسي المناطق الساخنة في العالم العربي وكذلك الدول المؤثرة في السياق السياسي والاقتصادي والثقافي العربي، مما جعلها تصبح مصدرًا إخباريًا للعديد من وسائل الاعلام. إن إعادة النشر نقلاً عن إيلاف في وسائل الاعلام الاخرى ساهم بجذب قراء جدد إليها، إثر كل خبر تكون هي مصدره في وسيلة اعلام أخرى. وتبعًا لتوجهات القارئ، فإن نسبة كبيرة من هؤلاء القراء يتوطنون في ايلاف ويصبحون متابعين لها. كما ان طبيعتها الالكترونية وقدرتها على بث الخبر فور الحصول عليه جعلها تنتزع السبق الزمني للاخبار العاجلة وجعلها كصحيفة بمصاف وسائل الاعلام المسموعة والمرئية، وهو ما لا تستطيعه الصحافة الورقية تبعًا لطبيعتها... وهذا ما يساهم في جعلها مصدرًا للأخبار
ايلاف كصحيفة رأي وصناعة الكُتاب:
إن " كُتاب ايلاف " إضافة إلى قسم "أصداء" الذين شكلوا قسم الرأي فيها، كانوا أحد العوامل التي ساهمت في توطين القارئ في ايلاف، وكذلك أحد العوامل التي ساهمت في صناعة قارئ ايلاف، فإذا كانت اعادة النشر عن ايلاف تتم لبعض الاخبار التي تكون سباقة اليها، فإن أكثر ما يعاد نشره عن ايلاف هو مقالات كتابها، وإذا كان كتاب ايلاف ساهموا في صناعة قارئها وتوطينه فإن ذلك جاء نتيجة لهوية ايلاف المكرسة اساسًا، وللخط الواضح الذي انتهجته ايلاف في نشر مقالات الكتاب، والذي ابتعد عن الرقابة بالعموم واتاحتها الفرصة لكتاب قادمين من خارج الصحافة الورقية، فلم يكن لهم اسماء معروفة قبل ايلاف، هذا جعلها مكانًا نشريًا لكتاب لا يمكن لمقالاتهم أن تمر في صحيفة أخرى ( ورقيا على الاقل ). وهذا الاتجاه كان تبادلياً بين ايلاف وكتابها، فإذا كانت لم تمارس الرقابة على المقالات تبعًا لإعتبارات سياسية، أو اجتماعية، ورفعت سيف الرقيب الداخلي المسلط على الكتاب الذين ما كان لهم أن يعبروا بوضوح ومباشرة في مكان آخر وكانوا بالعموم يتحايلون على الرقيب عبر التعميمات والتوريات والتخفي وراء جمل معاد صياغتها كي تتم القراءة لما بين السطور، فإن كتاب ايلاف وتبعًا لهذا المناخ ساهموا في قيادة القارئ إليها. ويمكن تعداد العديد من المبادارت الاعلامية، والحقوقية... التي انطلقت من كتاب ايلاف لتصبح لاحقًا خبرًا لوسائل الاعلام الاخرى. كما أن سرعة النشر في ايلاف بحكم طبيعتها الالكترونية جعلها سباقة في مواكبة الاحداث وتحليلها، فما ينشره كتاب ايلاف اليوم كرأي لحدث يقع اليوم ستنشره الصحف الورقية غدًا أو بعد غد ... إن ايلاف اعادت عصر صناعة الكاتب، للصحافة بعد أن مضى زمنه في الصحافة العربية التي لم يعد ينفد إليها كاتب إلا وقد كرس نفسه خارجها!!
إلا أنه وعلى الرغم من هذه الايجابيات، يلاحظ أن ايلاف في قسم الرأي رفعت السقف وخفضت عتبة الدخول اليها، أي أنها رفعت سقف حرية التعبير أمام الكتاب لكنها اتاحت لمقالات لا تستوفي شروط كتابة المقال أن تنشر عبرها، وإذا كانت ايلاف قد احتاطت للامر عبر تقسيم كتاب الرأي فيها الى " كتاب إيلاف " و " أصداء " فالمتابع لها لا يستطيع استنتاج المعايير التي يقوم عليه هذا التقسيم..
انفتاحها على المحظور:
شكلت ايلاف منذ بدايتها انفتاحًا على المحظور العربي الورقي سواء كان ذلك من خلال الاخبار التي تنشرها، والتي لا تستطيع الصحف الورقية نشرها دون الوقوع تحت سيف المنع في هذا البلد العربي أو ذاك، أو تبعًا لإعتبارات الصحيفة سواء في سياستها الاعلامية أو تابعيتها لهذا البلد أو ذاك، أو عبر التحقيقات التي يصعب مرورها الى البلد الذي أنتج منه هذا التحقيق، أو عبر اللقاءات الاعلامية مع شخصيات سياسة وثقافية معارضة لبلدانها. كما أنها نشرت الكثير من المواد تحت عنوان " ما لم تنشره الصحيفة الفلانية " أو " المقال الذي تسبب في منع الصحيفة العربية ..." وكذلك أوجدت لاحقًا قسم يعنى بالثقافة الجنسية، وهو ما ضمر في الصحافة العربية في العقدين الفائتين نتيجة اشتداد محافظة المجتمعات العربية وممالأة السلطات لهذا المستقر الاجتماعي في العموم. كما لا يمكن تجاهل مقالات الرأي والتحقيقات التي تتناول الشأن الديني الذي أصبح بالكاد تستطيع وسيلة اعلام الاقتراب منه دون حسابات معقدة، وهو ما يجعل بعض القراء يصنفون ايلاف على أنها صحيفة إثارة..
الصورة كعامل جذب قرائي:
يصف الكثير من الباحثين عصرنا الاعلامي هذا بانه " عصر الصورة " وإنها أصبحت أحد أهم وسائل الاعلام المختصرة والبليغة في آن، وفي تجارب متعددة أجريتها على مقالات للكتاب نفسهموفي مكان النشر نفسه انخفض معدل القراءة في حال عدم وجود صورة مرافقة للمقال عنه عندما ترافق المقال صورة أيًّا كانت هذه الصورة... هذا المعطى الذي اتيح للصحافة الالكترونية، أن تبرزه بأكبر قدر من الاحترافية والوضوح والدقة. كان عاملاً في جذب القارئ الى الصحافة الالكترونية بشكل عام لانها سهلت ليس فقط مشاهدة هذه الصور بل وتداولها والاحتفاظ بها عدا عن تصفحها. وقد تعاملت ايلاف مع الصورة بمستويين، فهي عبر طريقة العرض كانت ترفق صورة مع المادة المنشورة بشكل عام، وهو ما يجعل المادة لافتة أيًا تكن، وكذلك كانت مصدرًا لصور خاصة بها، وبرز في هذا السياق " تبويب " نساء ايلاف الذي ليس لا يشكلقسمًا خاصًا بل تندرج تحته مواد من اقسام مختلفة في ايلاف.
إن الصورة في ايلاف وتحديدًا " نساء إيلاف " شكلت أحد عوامل جذب قارئ، لكنها لا تخرج عن هوية ايلاف التي تحدثنا عنها، فالصحافة العربية ووسائل اعلام أخرى تعيش مفارقة هذا العصر، ففي الوقت الذي يختزل عصرنا الى الصورة نجد أن الصحافة العربية والمجلات العربية قد " تحجبت " وأصبح طلاء الصور كي لا تكشف " العورات " أمرًا شائعًا في هذه الصحافة تحت وطأة القيم الاجتماعية وسيف الرقيب... وهذا ما ساهم في توطين جزء من قراء ايلاف، على الرغم من أن الكثير من كتاب إيلاف ينظرون بسلبية شديدة لهذه الصورة في ايلاف وكتب بعضهم ناقداً لتوجه إيلاف هذا، وهو ما يكشف عن الانتقائية الليبرالية لهؤلاء الكتاب فهم " ليبراليون " في ما يخص الجانب السياسي، وأصوليون في ما يخص الإجتماعي.
التنوع وطريقة العرض:
إذا كان الثقل الاساسي لايلاف من حيث الانطباع العام يتركز في الجانب السياسي، كصحيفة أخبار سياسية ورأي، إلا أن الاحصاءات تخالف هذه النظرة فإيلاف احصائيًا وطنت قراءً مهتمين بالرياضة، ولهؤلاء ثقل بارز كنسبة من قراء ايلاف لكنهم ليسوا معزولين عن الاقسام الاخرى فيها، وكذلك قراء اقسام الاقتصاد والفنون والمنوعات والثقافة، فهناك قراء لـ "إيلاف" يتم جذبهم لاهتمامهم بجانب معين لكنهم لا يلبثوا أن يتوطنوا في ايلاف ويصبحون قراءً مداومين لها في العموم. وفي هذا الجانب فإن طريقة عرض ايلاف للاخبار والمواد ساهمت بشكل ايجابي في هذا الامر ففي الوقت الذي ينظر فيه لإيلاف كصحيفة سياسية اولاً، فإنها تبرز الاخبار الأخرى للاقتصاد والرياضة و...في المكان نفسهوالاهتمام نفسهالذي توليه للاخبار السياسية. وهو ما ساهم في تعزيز مكانتها لدى قراء لا يأبهون للسياسة
مراعاة خصائص القراءة الالكترونية:
لقد راعت إيلاف بعد تطويرات عديدة مرت بها خصائص النشر الالكتروني، وكان ابرزها فتح باب التفاعل بين قرائها وموادها المنشورة، وهو ما قفز بمعدلات القراءة أكثر من السابق وساهم في توطين نسبة كبيرة من القراء لانها اتاحت لهم أن يخرجوا من سلبيتهم، ويكونوا قراءً فاعلين " انظر الجزء الاول " كما أن بعض الاخبار تم تطويرها ومتابعتها ورصدها من هؤلاء القراء وهو ما أتاح لـ " شاهد العيان " الذي كانت تنقل عنه وسائل الاعلام، أن يكون ناشرًا بنفسه لما لديه من اخبار، وكذلك فإن الكثير من المواد المنشورة تم تطويرها أو " تصحيحها " كمحتوى من القراء.
كما أنها راعت قِصر المواد المنشورة بالعموم وهو ما يستجيب لخاصية النزق القرائي لدى القارئ الالكتروني، كما أن المواضيع المرتبطة بالموضوع المنشور سمحت للقارئ أن يشكل صورة متكاملة عن أي موضوع يقرؤه الآن ويتتبع تطوراته والتحليلات التي تناولته..
جريدة الجرائد:
ان الطبيعة الالكترونية لإيلاف وعدم تقيدها بشرط عدد الصفحات ومحدودية مكان النشر الذي تخضع له الصحافة الورقية، أتاح لها أن تنتقي من الصحف ووسائل الاعلام الاخرى موادًا تتفق مع توجهات ومعايير النشر لديها، هذا جعل بعض القراء المتفقين مع توجهات ايلاف النشرية يستعيضون بها عمّا ينشر في وسائل النشر الأخرى، لأنها وفرت لهم محتوى من أماكن نشر متنوعة في مكان واحد
خاتمة
إن المتتبع لـ إيلاف سيجزم أن أهميتها ونجاحها جاءا - إضافة لما ذكرناه- من طبيعتها الالكترونية، ولا يمكن لها أن تتحول بصيغتها الحالية الى صحيفة ورقية بل إن النسخة الورقية ستكون جزءًا "ضئيلاً ومعقمًا ومبسترًا" من النسخة الالكترونية لها. وسيكون هذا الجزء خاضعًا لعوامل موضوعية لا يمكن لها الفكاك منها، وسيكون شبيها للصحافة الورقية القائمة الآن التي تشكل ايلاف كصحيفة إلكترونية تحديًا جديًا لها. وليس بالضرروة أن تعكس الصحيفة الورقية نجاح ايلاف الالكترونية. فهي نمت وتطورت في ظل شرط وسياق قارئ الكتروني، ونشر الكتروني كذلك...
هامش
-الجدول مأخوذ عن
http://www.abce.org.uk/ABCE_PDFS/Elaph1206w.pdf
فيما يخص السويد لم تظهر في الاحصائية كنسبة من الدول التي جاء منها الزوار وفقا للبلدان، لكنها ظهرت كنسبة وفقًا لنسب القراءة وبذلك جعلناها أقل من أدنى نسبة احصائية لاخر دولة سجلها المؤشر للدول التي قدم منها الزوار .
في ما يخص البلدان الاخرى يمكن مراجعة التقرير السابق المنشور تحت عنوان " عصر القارئ الالكتروني العربي " لأنه يعطي مؤشر عن هذه الدول