أخبار

نيويورك تايمز الأشهر عالميا تصعق الجميع

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

جيل إنترنت يذبح الصحافة المكتوبة .. وداعاَ
نيويورك تايمز الأشهر عالميا تصعق الجميع

نصر المجالي من لندن: بدت معالم هزيمة الصحافة المكتوبة أمام صحافة الإنترنت تأخذ طريقها لتطرق أبواب كبريات الصحف العالمية ابتداء من الولايات المتحدة التي أقدمت أكبر صحفها لا بل صحف العالم وهي (نيويورك تايمز) في الأوان الأخير التي أقدمت، حسب أحد كبار محرريها السابقين وهو يوسف إبراهيم، على القيام بخطوة صاعقة، حيث أعلنت للعاملين لديها والذين يبلغ عددهم 10 آلاف موظف تقريباً، أنها ستقوم بصفة فورية بإلغاء 500 وظيفة، من بينها وظائف 50 صحفياً كانوا يعملون في قاعة الأخبار.

وهذه هي المرة الأولى في تاريخها الذي يبلغ 150 عاماً، التي تقوم فيها نيويورك تايمز وهي من أقوى الصحف الأميركية نفوذاً بالاستغناء عن صحفييها توفيراً للنفقات. ويبدو هذا القرار الخطير استطرادا لقرارات كانت اتخذتها صحف أوروبية مماثلة أمام التطور المتسارع والمثير لصحافة الإنترنت. وفي مقال له نشرته صحيفة (الاتحاد) الإماراتية إلى جانب صحف أخرى قال إبراهيم "هذا القرار يعتبر بمثابة جرس إنذار مدوٍّ، ينبهنا جميعا إلى أن الصحافة المكتوبة بالشكل الذي نعرفها به، قد بدأت تسير بالفعل نحو الأفول التدريجي". ويشير الصحافي المصري الأصل (الأميركي الجنسية) يوسف إبراهيم الخبير في الشؤون السياسية والاقتصادية وخاصة النفط إلى أن النتيجة التي نخلص إليها من كل هذا، هي أن عدد الأشخاص الذين يقرؤون الصحف المطبوعة يتناقص تدريجيا "فهناك جيل كامل وجديد من خريجي الجامعات قد توقف عن القراءة بالفعل منذ سنوات"، ويضيف "فهذا الجيل أصبح يستخدم الإنترنت، أو يشاهد الأخبار المتلفزة في العديد من المحطات الفضائية الإخبارية.

ومن الطبيعي والحال هكذا أن يقوم المعلنون بملاحقة المشاهدين إلى حيث ذهبوا أي إلى شبكة الإنترنت والفضائيات، كي يحرموا بالتالي الصحافة المكتوبة من الإعلانات في متوالية خبيثة ليس لها من نهاية في المدى المنظور". ويبدو أن قرار ''نيويورك تايمز'' ليس فريداً من نوعه، كما يقول الكاتب "لكن كل ما هنالك هو أنه قد أضفى طابعاً درامياً على اتجاه كان قائماً بالفعل وما زال مستمراً. فقبل 75 يوما أعلنت ''أماندا بينيت'' رئيسة تحرير صحيفة ''فيلادلفيا إنكوايرار'' Philadelphia Inquirer أن أصحاب الصحيفة، قد طلبوا منها إلغاء 75 وظيفة من وظائف قاعة الأخبار لديها، وهو عدد كبير يعني عملياً إلغاء ما نسبته 15 في المئة من عدد المخبرين الصحفيين والمحررين العاملين معها". وهذه التخفيضات المخيفة في أعداد المخبرين والمحررين في الصحافة المكتوبة التي تجتاح غرف الأخبار في طول أميركا وعرضها، تأتي في نطاق موجة التخفيضات التي تطال صناعة الصحافة المكتوبة على وجه التحديد، ويشير يوسف إبراهيم إلى أن هناك مئات الوظائف التي تم إلغاؤها خلال الإثني عشر شهرا الماضية فقط، في صحف ذائعة الصيت مثل ''بوسطـن غلوب''، و''سان خوزيه ميركوري نيوز''، و''وول ستريت جورنال'' و''بالتيمور صن'' و''نيوز داي'' و''فيلادلفيا ديلي نيوز'' و''واشنطن بوست'' على سبيل المثال لا الحصر، كما قامت معظم تلك الصحف بتخفيض نفقات سفريات المخبرين والمراسلين الصحفيين بنسبة كبيرة.

ويقول "هذه المذبحة التي تشهدها الصحافة المكتوبة بدأت منذ أعوام في أوروبا حيث أدى تقليص حجم الصحف إلى التسبب في فقدان الكثير من الصحفيين لوظائفهم وهذه المذبحة في رأيي ستمتد إلى الصحافة العربية المطبوعة عاجلا وليس آجلا ". وهذا في الحقيقة يؤشر على أن الصحافة المكتوبة كما عرفناها على مدى المائتي عام الأخيرة قد بدأت تسير نحو النهاية سواء في أميركا أم في العالم كله، وأن هذه الصحافة مطالبة إذا ما أرادت البقاء بإعادة اختراع نفسها.

ويقول "وفي منطقة الخليج العربي هناك بالفعل اتجاه بدأ ينتشر تدريجياً ويقوم على طبع صحف مزودة بإعلانات مبوبة يتم توزيعها مجاناً. فالمعلنون يعرفون أنهم يكسبون المزيد من النقود من خلال وضع إعلاناتهم على شاشة التلفزيون". ونقل الصحافي يوسف إبراهيم عن أحد كبار المديرين في نيويورك تايمز أنهم قد فقدوا مؤخرا عقد شركة هيرتز Hertz الإعلاني، الذي كان يدر عليهم ملايين الدولارات سنوياً لأن هذه الشركة التي تعمل في مجال تأجير السيارات، وجدت أن معظم زبائنها قد أصبحوا موجودين على شبكة الإنترنت وأمام كاونترات حجز واستلام تذاكر السفر "ووجدت الشركة أنها تتكلف 7 دولارات من أجل كل سيارة تقوم بتأجيرها في حالة ما إذا قامت بنشر إعلاناتها في نيويورك تايمز، ولكنها لا تتكلف أكثر من دولار واحد من أجل كل سيارة مؤجرة، إذا ما قامت بنشر إعلاناتها على شبكة الإنترنت. لذلك فإن الاستنتاج الذي توصلت إليه الشركة كان سهلا كما قال لي وهو ''الانتقال تدريجيا وبمعدل متزايد إلى الإعلان على شبكة الإنترنت''.

وحين يتحدث الكاتب عن الإعلانات ومصير عوائدها وانعكاساتها على تلك الصحيفة، فإنه يقول "ويلاحظ أن عوائد الإعلانات في الصحف الكبيرة قد تجمدت في كافة أنواع الإعلان تقريبا مثل إعلانات السيارات وإعلانات المحلات متعددة الأقسام، كما حدث نوع من الزحف الإعلاني على شبكة الإنترنت وخصوصا في مجالات إعلانات السفر، والفنادق، والسينما، وإعلانات وكالات تأجير السيارات". وتقول شركة فورد للسيارات على سبيل المثال إن 80 في المئة من زبائنها يقومون الآن بالتسوق على شبكة الإنترنت On line وأنها قررت نقل 30 في المئة من ميزانيتها الإعلانية التي تقدر قيمتها بمبلغ مليار دولار سنويا إلى أنواع ''الميديا'' غير التقليدية، مع تخصيص 15 في المئة من تلك الإعلانات للعرض على شبكة الإنترنت.

وينقل إبراهيم عن الآنسة بينيت رئيسة تحرير ''فيلادلفيا إنكوايرار'' قولها إن ذلك يوفر فرصة لكي تقوم الصحف بتغيير الطريقة التي تقوم بتغطية الأخبار بها، وأنها إذا لم تفعل ذلك فسوف يكون ذلك بمثابة بداية النهاية بالنسبة لها. وقالت بينيت: ''إذا فقدنا فرصة تغيير أنفسنا، والتحول من صحيفة إلى مؤسسة إخبارية فسنكون نحن الملومون''، وأضافت أن توزيع صحيفتها قد انخفض بنسبة 30 في المئة خلال العقدين الأخيرين.

والحقيقة أن الانتشار السريع للانترنت ترك الصحافة في حيرة من أمرها بشأن هويتها الجديدة. ففي الوقت الذي تحاول فيه تلك الصحافة التعامل مع التغيرات الجوهرية في الصناعة وفي المجتمع على حد سواء، فإنها تقوم بمغازلة الصحافة التلفزيونية. فعلى سبيل المثال قامت ''نيويورك تايمز'' بشراء قناة ديسكوفري الفضائية، وتقوم حالياً بوضع اسمها الصحفي المسجل عليها من أجل إنتاج شكل صحافي جديد يتراوح ما بين الجريدة الورقية والمحطة التلفزيونية.... كما تقوم الصحيفة أيضا بشراء محطات إذاعة. وهناك صحف أخرى بدأت تسير على نفس هذا الطريق... أما نوعية المنتج الذي سيترتب عن محاولات تلك الصحف فسوف نكون مضطرين للانتظار لمعرفته.

ومن المرجح أن تتسارع هذه الاتجاهات تحت ضغط الخوف من فقدان الإعلانات في الصحف المكتوبة. فخلال الأعوام الثلاثة القادمة، من المتوقع أن يقوم المعلنون بتخصيص 15 إلى 20 في المئة لشبكة الإنترنت، وهو ما يزيد بكثير عن النسبة الحالية التي تتراوح ما بين 5 إلى 8 في المئة كما يقول المحللون. وفي نفس الوقت نجد أن الصحف تفقد الإعلانات المبوبة التي كانت تحقق مكاسب ضخمة والتي ذهبت الآن إلى منافذ أخرى مثل EBay وغوغل، وياهو الموجودة على شبكة الإنترنت.

ويختم يوسف إبراهيم المقال بالآتي"يتبقى بعد ذلك أن نقول إن هناك فجراً جديداً للصحافة المكتوبة قد لاحت أنواره في الأفق.... والسؤال هنا هل سيكون ذلك الفجر إيذاناً ببدء يوم جديد أم أنه سيكشف عن شيء كئيب مثل انتهاء الصحافة المطبوعة مثلا".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف