أخبار

معبر دولي بين القدس ورام الله

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

أسامة العيسة من القدس: بدأت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، باستخدام منشاتها الضخمة التي بنتها في الحاجز العسكري قرب بلدة قلنديا، شمال القدس، والفاصل بينها وبين مدينة رام الله. وتضم هذه المنشات مسارات للداخلين والخارجين، للأفراد والسيارات، وبوابات كهربائية، وغرف تفتيش متعددة، ومكاتب لرجال المخابرات الإسرائيلية، وأجهزة الكترونية للتدقيق في الهويات، وأماكن لنوم الجنود، وأمور أخرى تلزم لمعبر بين دولتين تعيشان حالة عداء مستحكم. ورغم انه لا يفصل بين مدينتي القدس ورام الله سوى بضعة كيلو مترات، إلا أنها تحولت بسبب هذا الحاجز، إلى مسافة طويلة من القهر والعذاب- حسب وصف مواطن فلسطيني.

ويمكن أن تكون كلمة حاجز غير ملائمة لوصف ما أحدثته السلطات الإسرائيلية، بعد عدة اشهر من انتفاضة الأقصى في تلك منطقة لحصار القدس وتقطيع أوصال الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، وكما يقول الفلسطينيون فان سلطات الاحتلال استحدثت هذا الحاجز على الطريق المؤدي إلى رام الله من المدن الفلسطينية المختلفة، والذي تسير عليه السيارات من طرق التفافية بعد إغلاق طريق القدس، ليست فقط كما تبين جغرافية المنطقة لأسباب أمنية "بل أيضا لإحداث مزيد من الإذلال اليومي وجعل السفر بين المدن الفلسطينية رحلة محفوفة بالمخاطر وبالإذلال" كما يقول احد السائقين.
وبدأ هذا الحاجز، كحاجز عسكري إسرائيلي عادي، ولكنه، خلال سنوات من العمل، تحول إلى منطقة محصنة، بعد أن تم بناء جدار فاصل ضخم وسط ما كان يعرف بمطار القدس، الذي كان يستخدم قبل عام 1967، وجدران أخرى وسط الشارع الرئيسي بين رام الله القدس، حتى تم إحكام محاصرة المكان، الذي يعتبر الان أكثر المناطق حيوية بالنسبة للفلسطينيين، لان عليهم المرور عبره إلى مدينة رام الله، التي توصف بأنها العاصمة السياسية للسلطة الفلسطينية.

بالقرب من هذا الحاجز، تنتشر السيارات بما يشبه مواقف كبيرة وعشوائية، لتنقل المواطنين إلى رام الله أو المدن الفلسطينية المختلفة، وأصبح حاجز قلنديا عنوان ونقطة انطلاق من والى المدن الفلسطينية المختلفة. وبالإضافة إلى رحلة العذاب النفسي والمعنوي فان تكلفة السفر تضاعفت بسبب اضطرار المسافر لاستخدام أكثر من مركبة للوصول إلى هدفه. ويدل هذا الحاجز أيضا على المدى الذي قطعته سلطات الاحتلال، ضمن خطة مبرمجة على ما يعتقد، لتدمير قطاع المواصلات الفلسطيني والتي بدأت مع الاحتلال، وتلقى ضربة مؤثرة عام 1993 عندما تم عزل القدس كليا، مما اثر على الشركات الوطنية التي كانت تنقل المسافرين بالحافلات من نابلس ورام الله والخليل وبيت لحم وغزة إلى القدس وبالعكس، ونتج عن ذلك توقف عشرات الحافلات وتشريد عشرات الموظفين وإغلاق بعض هذه الشركات التي تعمل على خطوطها لسنوات طويلة وكانت تشكل إلى حد بعيد مفخرة لقطاع المواصلات الفلسطيني منذ الانتداب البريطاني على فلسطين.

ورغم هذه الصورة المأساوية التي يعكسها حاجز قلنديا فان كثيرين من العاطلين عن العمل عمدوا إلى وضع بسطات في المنطقة للخضار، والملابس الشعبية، وألعاب الأطفال، وأجهزة الهواتف الخلوية، وحتى أقراص الحاسوب التي تباع بأسعار زهيدة للغاية، مما يشجع حتى الجنود الإسرائيليين لشراء ما يلزم حواسيبهم وأجهزتهم المختلفة من البائعين. وتحول الجانب الأخر، من جهة رام الله، إلى منطقة تفور بالحركة التجارية، وأصبحت من أكثر المناطق الفلسطينية في الضفة الغربية ازدحاما، وحوّل الكثير من التجار الصغار المنطقة، إلى سوق شعبي فيه أشياء لا يمكن تصور وجودها قرب حاجز عسكري، وأهمها بسطات بيع الكتب الممتدة، وبيع الطيور بأنواعها المختلفة، وبسطات بيع الزهور والورود. واعتبر محمد جبارين صاحب بسطة بيع الكتب، بان ما يفعله والآخرون هو تحدي لإجراءات الاحتلال قائلا بكثير من السخرية "حولنا المكان إلى ما يشبه المنطقة الحرة التجارية، وكأن الفلسطيني ينتقل عبر الحاجز من دولة إلى أخرى، من عالم إلى عالم أخر مختلف".

وأضاف بأنه أصبح عنوانا للمثقفين والاكاديميين والناس العاديين الذين يمرون عبر الحاجز، ويتوقفون عنده لشراء كتاب يعينهم في رحلة "الإذلال الطويلة عبر الحاجز" كما قال. ولكن الأمور بالنسبة لجبارين ورفاقه البائعين، ليست بالسهولة المتوقعة، فأحيان كثيرة يكونون عرضة لحالات عديدة من أنواع العقاب الجماعي، مثل تعرضهم لإطلاق القنابل الغازية المدمعة، من قبل جنود الاحتلال، مع غيرهم من حشود المواطنين الكثيفة مما يؤدي في الغالب إلى اختناقات في الغاز وتدافع وفوضى كبيرة وسطهم، وفي حالات أسوأ إطلاق النار العشوائي، فلا يجد البائع سوى الانحناء تحت بسطته والاختباء، وبعد ان تهدأ الأمور يعود إلى مكانه، وكأن لا شيء حدث.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف