أخبار

إنتخابات مصر.. لافتات وفتاوى وإنترنت

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

الدين والمال والقبيلة أبرز عناصر الحملات الدعائية
إنتخابات مصر .. لافتات وعصبيات وفتاوى وإنترنت


أنان يبحث 5 ملفات في مصر

انتخابات مصر: سيناريو مثير وممثلون قيد الاختبار

محكمة مصرية تقضي بحق المنظمات الأهلية بمراقبة الانتخابات

تجمع المعارضة السودانية يقر المشاركة في الحكومة

رصدها ـ نبيل شرف الدين من القاهرة: عشية يوم الاقتراع في المرحلة الأولى من ثلاث مراحل تتكون منها الانتخابات البرلمانية، بدا الشارع المصري ريفه ومدنه، وكأنه لوحة سيريالية، اختلطت فيها اللافتات الضخمة بالملصقات التي تحمل صور أشخاص يعرف الناس بعضهم، ويجهلون غالبيتهم، مروراً بسيارات تحمل مكبرات صوت تسير الهوينى وهي تبشر بمستقبل أفضل للناس إذا انتخبوا "ابن الدايرة"، وبروز الخطاب الديني في الحملات الدعائية على نحو كاسح، لم يتوقف على مرشحي جماعة الإخوان المسلمين وحدهم، بل امتد للأحزاب الأخرى بما فيها الحزب الوطني (الحاكم)، وحتى المستقلين رفعوا شعارات دينية، وصولاً إلى فكرة أقدم عليها أحد المرشحين، وربما لم يسبقه إليها مرشح آخر في أي مكان من العالم، وهي بث محطة تلفزيونية خاصة به على أهالي الحي الذي يرشح نفسه نائباً عنه في البرلمان، إذ استغل المرشح المذكور، انتشار الشبكات السلكية غير المرخصة التي تعيد بث حزمة من المحطات الفضائية مقابل أجر زهيد على سكان الحي، واتفق مع مالك إحدى تلك الشبكات على بث خمس ساعات يومياً عبر محطة خاصة تبث المادة المسجلة ليستقبلها الناخبون في منازلهم، وفضلاً عن ذلك فقد تكفل المرشح بدفع قيمة الاشتراك لكل من يرغب من أبناء الحي بأكمله خلال شهر الانتخابات .

أيقونة الشباب
ثمة وسائل أخرى للدعاية تشهدها انتخابات البرلمان المصري لأول مرة هذه الدورة، ومنها بث المواقع الإليكترونية التي تخاطب الشباب تحديداً، باعتبارهم الفئة الأكثر تعاطياً للإنترنت في مصر، وتكفل أحد المرشحين بدفع قيمة تأسيس خدمة خطوط الـ Dsl لكل الراغبين في ذلك، شريطة أن يصوت له، وحتى في الريف .. وصعيد مصر وعد أستاذ جامعي مرموق يخوض الانتخابات مستقلاً تدعمه حركة "كفاية" وتحالف أحزاب المعارضة الكبرى في مصر، ولأنه يعمل خبيراً بإحدى منظمات الأمم المتحدة، فقد وعد بإدخال شبكة "ألياف ضوئية" تغطي كل قرى المركز الريفي في صعيد مصر لتوفير خدمة إنترنت على أعلى مستوى في العالم، وبدأ بالفعل في تنفيذ مشروعه، الذي أكد أنه فضلاً عن توفير خدمة اتصال تضاهي تلك التي تتمتع بها أرقى المدن الأميركية واليابانية والأوروبية، فإن تنفيذ هذا المشروع سيوفر فرص عمل لمئات الشباب أيضاً، ومن هنا فقد التف بالفعل حوله الشباب، وقد فضوا أيديهم عن الركون إلى قرار العائلات والبيوتات والعصبيات، كما كان يجري الأمر من قبل، وشاهدت بنفسي مناقشة ساخنة بين أب تقليدي يقسم على ابنه أنه لن يدفع له قرشاً لمواصلة تعليمه إذا أصر على تأييد "الدكتور"، في إشارة إلى مرشح حركة "كفاية"، وترك مرشح الحزب الوطني الذي يؤيده الأب، لأنه أولاً يمت له بصلة قربى، وهو ممثل للحكومة، "ونحن أولاد الحكومة"، حسب تعبير الرجل الريفي الذي يقيم في إحدى محافظات صعيد مصر، وهو ليس حالة استثنائية بل هناك من هدد ابنه بطلاق أمه لو ظل يناصر مرشح "كفاية"، الذي صار بمثابة أيقونة للشباب، ولم يتوقف الأمر عند قطاع الشباب، وهو القطاع الأكبر في ريف مصر، بل امتد إلى الفتيات والنساء عموماً، وانتشر إلى حد هدد أحد أبرز عناصر الحسم في الانتخابات التي تجرى بصعيد مصر، وهو العصبية القبلية التي طالما حسمت معارك سابقة حتى قبل أن تندلع أحياناً .

الإخوان قادمون
الأمر الآخر اللافت للانتباه بشدة، هو تصاعد النبرة الدينية في هذه الحملة الانتخابية الأشرس من نوعها، إذ لا تخلو لافتة ولا مطبوعة ولا منشور انتخابي من آية قرآنية أو حديث شريف، ولم يعد الأمر مقصوراً على دعاية المرشحين المحسوبين على جماعة "الإخوان المسلمين" فحسب، بل جخل كل المرشحين من مختلف المشارب سباقاً محموماً، ومزايدات لا حدود لها على مداعبة المشاعر الدينية لدى الناخبين، وبوسائل لا يمكن حصرها، تبدأ بالتقليدية منها كطبع الآيات والأدعية على المطبوعات الانتخابية، والتي ساهم تصادف شهر رمضان وعيد الفطر مع بداية الحملات الانتخابية في انتشارها على هيئة إمساكيات، وصولاً إلى الاستعانة بالشيوخ وعلماء الدين من ذوي القبول الشعبي الواسع، ليقيم لهم مؤتمراً يدعو فيه هؤلاء الشيوخ إلى انتخاب "الرجل الصالح"، ويشرحون خلاله للناس كيف أن عملية الاقتراع هي في حقيقتها صورة من صور الشهادة، التي لا ينبغي كتمانها ولا تلويثها بالزيف والزور .

مرشحو "أم الجماعات" المعروفة باسم "الإخوان المسلمين" دخلوا سباقاً دينياً مع مرشحي الحزب الوطني (الحاكم)، فبمجرد أن رفع الإخوان شعار "الإسلام هو الحل" على رايتهم السود حتى انبرى لهم رجال الحزب الحاكم ليس لمنعهم من الاستخدام السياسي للإسلام، وهو أمر محظور وفقاً للدستور والقانون، بل لخوض مزايدات محمومة على رفع مئات وربما آلاف الشعارات الدينية الصارخة الصريحة، حتى طغت الدعاية ذات الملامح الدينية على مشهد الانتخابات بشكل لم تشهده البلاد من قبل خاصة في ريف مصر وصعيدها، حيث حرص جميع المرشحين على طبع ملايين من أوراق الدعاية التي تحمل إلى جانب صور المرشحين ورموزهم الانتخابية آيات قرآنية وأحاديث نبوية، بل وصل الأمر لحد الاستعانة بعدد من مشاهير الشيوخ المحسوبين على الجماعة أو المتعاطفين معها وقد تطوعوا بإطلاق فتاوى يمكن وصفها بالانتخابية كتلك التي تحرم استخدام أموال الزكاة في الدعاية الانتخابية، وأخرى تبيحها، وثالثة تصف التصويت بأنه "فرض عين" .. وهكذا .

مراقبة ودعاية
وفي إطار مراقبتها لمراحل الانتخابات قامت اللجنة المستقلة لمراقبة الانتخابات البرلمانية برصد الدعاية الانتخابية للمرشحين أثناء فترة الحملات الانتخابية لتقييم مدى التزام المرشحين والحكومة بالقوانين الانتخابية التي أكدت على تحقيق فرص متكافئة للمرشحين في الوصول إلى الموارد الحكومية، والتعبير عن برامجهم سواء من خلال الاجتماعات العامة والمسيرات ، والحوارات، ونشر وتوزيع مواد الدعاية الانتخابية، ووضع الملصقات واللافتات، وغيرها من الأنشطة، وبالاضافة إلى ذلك فقد قام مراقبو اللجنة المستقلة باجراء حوارات مع المرشحين ومندوبيهم وعمل تقرير اسبوعي شامل يرصد الجو العام للحملات الانتخابية في مناطقهم .

ويقول التقرير ـ الذي تلقت (إيلاف) نسخة منه ـ إن الدعاية الانتخابية بدأت فور انتهاء تسجيل المرشحين خلافاً لما هو منصوص عليه في القانون الذي يسمح بالدعاية الانتخابية فقط خلال العشرة أيام السابقة لكل مرحلة، وهو ما اعتبره التقرير سبباً لوجود خلل كبير في توزيع الفرص المكافئة على المرشحين، حيث حظي مرشحو المرحلة الثانية والثالثة على وقت اكبر من مرشحي المرحلة الأولى، كما رصد التقرير عدداً من الملاحظات والمآخذ على النحو التالي تفصيله :

ـ كان الجو العام محايدا إلى حد ما في السماح للمرشحين المختلفين للوصول إلى الجماهير بصورة مباشرة وغير مباشرة .
ـ حاولت الحكومة منع تدخل موظفيها او مؤسساتها في الدعاية للمرشحين ولكن هذا لم يمنع تطوع الموظفين والمسئولين الحكوميين والشخصيات العامة من التحيز بصورة واضحة لصالح مرشحي الحزب الوطني واستخدام الموارد الحكومية فيها .
ـ تدل التقديرات الأولية إلى حدوث تجاوز كبير في الحد الاقصى للانفاق الذي حددته اللجنة العليا للانتخابات البرلمانية لكل مرشح وقد بدا ذلك واضحا في العدد المهول للافتات الضخمة وغيرها من الانشطة الدعائية في الدوائر المختلة .
ـ تم تسجيل مجموعة من الانتهاكات والاعتداءات التي امتدت إلى استخدام العنف والبلطجة بعض الأحيان ضد بعض مرشحي المعارضة والمستقلين والحزب الوطني على السواء .

انتهاكات وبلطجة
ورد في تقرير اللجنة المستقلة لمراقبة الانتخابات أن الدعاية الانتخابية بدأت قبل انتهاء فترة تسجيل المرشحين، لاسيما من قبل مرشحي الحزب الوطني نتيجة استئثارهم بالرمز والرقم حتى قبيل بدأ فترة تسجيل المرشحين، كما رصد الانتهاكات التالية :

ـ تم حجز أماكن الدعاية المميزة لتعليق اللافتات لصالح مرشحي الحزب الوطني في أغلب الأماكن .
ـ رصدت مجموعة كبيرة من اللافتات التي علقت على الأماكن الحكومية والغير مرخص التعليق بها، وشمل ذلك المدارس ودور العبادة ومحطات القطار وغيرها من المؤسسات الحكومية، في ما نتشرت حوادث تمزيق وازالة لبعض لافتات المرشحين المعارضين في الكثير من المناطق .
ـ شاركت الإدارات الحكومية في العديد من المناطق بالدعاية لصالح مرشح الحزب الوطني بصورة مباشرة وغير مباشرة، ولوحظ اشتراك أعضاء المجالس المحلية بكثافة في الدعاية لمرشحي الحزب الوطني كما تم استغلال المعاهد والهيئات الدينية في الدعاية، وفي بعض الاحيان سمح لمرشحي الوطني بمخاطبة الموظفين العموميين في أماكن عملهم، في ما لم يسمح للمرشحين الآخرين بذلك ، كما حدث في حي المناخ بالسويس .
ـ في أغلب المناطق قام المرشحون باستخدام سلاح المال من أجل رشوة المواطنين سواء مباشرة بالمبالغ المالية اومن خلال توزيع الهدايا العينية التي تضمنت هذه المرة تنافسا جديدا باستخدام حقائب التموين الخاصة برمضان وكحك وملابس العيد وكراسات جديدة عليها دعاية انتخابية بمناسبة موسم رمضان ودخول المدارس ، كما انتشرت الوعود الانتخابية من المرشحين بالتعيينات والخدمات المباشرة . .. الخ
ـ تم تهديد بعض المواطنين بتطبيق إجراءات قانونية ضدهم، وخصوصا من باعة الاقمشة وأصحاب المحلات والمقاهي وأصحاب مكاتب الفراشة في حالة اشتراكهم حملات الدعاية لمرشحي المعارضة اواذا لم يدعموا حملة مرشحي الحزب الوطني .
ـ استخدمت السيارات الحكومية وأوناش الأعمدة وبعض سيارات النقل العام ، علاوة على ارغام بعض من ميكروباصات الأهإلى في الدعاية للمرشحين الحكوميين أثناء الدعاية .
ـ شكا الكثير من المرشحين من عدم قدرتهم على الظهور في التليفزيون لعرض برنامجهم ،كما وعد بذلك وزير الاعلام ، بالرغم من أي معظمهم سعي إلى ذلك .
ـ حدثت اتهامات متبادلة تطورت في بعض الحالات إلى مشادات واحداث عنف بين المرشحين وانصارهم في بعض المناطق ، خصوصا مع مرشحي الإخوان المسلمين، كما حدث في دائرة محطة الرمل بالاسكندرية ، كما رصد المراقبون حدوث حالة انتهاك لعرض أحد المرشحات بالزقازيق، وكانت الشرطة تتدخل فور حدوث هذه الحالات للتهدئة والمصالحة بين الأطراف المتصارعة. فيما سجل بعض المرشحين اعتراضه على انحياز وتجاهل الشرطة للتحقيق في شكاويه عندما تكون ضد المرشحين من المسئولين الحكوميين ،مثل فتحي سرور بدائرة السيدة زينب .
ـ أثيرت بعض الاتهامات ضد بعض مرشحي الإخوان باستخدام أموال الزكاة في الدعاية الانتخابية الا ان التحقيق من قبل السلطات المختصة أثبت عدم صحة هذه الاتهامات، إلا أن هذا لا يمنع قيام الإخوان باستخدام المساجد في الدعاية لمرشحيهم .
ـ شكا مرشحو الإخوان من وجود ضغوط ومضايقات أمنية وحكومية تجاههم نتيجة استخدامهم لشعار الاسلام هو الحل في حملتهم الانتخابية بحجة مخالفة الشعار للقانون، كما تم محاصرة معظم مسيراتهم التي قاموا بها في تجمعات كبيرة لأنصارهم لاستعراض القوة"، كما ورد في تقرير اللجنة المستقلة .

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف