طفل رابين المدلل يدعم شارون
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
أسامة العيسة من القدس: من المتوقع أن يعلن حاييم رمون الوزير في الحكومة الإسرائيلية عن حزب العمل، انضمامه إلى الحزب الجديد الذي شكله ارئيل شارون، باسم (كاديما) أي إلى الأمام. وقالت مصادر مقربة من رمون، أن تركه حزب العمل وانضمامه إلى شارون سيعلن قريبا، وهو الأمر الذي يحمل مفارقة بالنسبة لهذا السياسي اللامع الذي كانت كل التقديرات ترشحه لخلافة اسحق رابين، زعيم حزب العمل ورئيس الوزراء الإسرائيلي الذي اغتيل قبل عقد من الزمن، وتنظر إليه بوصفه الزعيم المنتظر لدولة إسرائيل.
وعرف رمون، الذي ولد عام 1950 في مدينة يافا الساحلية، بقربه من رابين، ووصف بأنه طفله المدلل، والمؤتمن على خطه السياسي وأسراره.
ورمون متزوج وأب لولدين، مهنته الأساسية محام، ويحمل درجة البكالوريوس في موضوع الحقوق من جامعة تل أبيب، وخدم في سلاح الجو الإسرائيلي، برتبة نقيب، وانضم إلى حزب العمل في سن مبكرة، واظهر نشاطا لافتا في أوساط فتية وشبيبة الحزب، مما خوله لترؤس الأطر الخاصة بالفتيان في حزب العمل، ثم ترأس المجلس القطري للجيل الصاعد في حزب العمل ما بين عامي 1978-1984. وكانت هذه الفترة من عمله مهمة كثيرة في حياته السياسية، وفيها تعرف على معظم كوادر الحزب ومن بينهم عمير بيرتس زعيم حزب العمل الحالي، والذي ارتبط بصداقة عميقة مع رمون الذي اعتبر بمثابة الموجه له.
وعشية اتفاق اوسلو، كلفه اسحق رابين، بترؤس قناة سرية للمفاوضات مع الجانب الفلسطيني، ولم يكن يعلم بتلك الاتصالات حتى قيادات في حزب العمل الحاكم آنذاك، وكان رابين يعول عليه كثيرا، ولكن خلافا كبيرا بينهما بشان انتخابات منظمة العمال العامة (الهستدروت) التي كان يقودها دائما حزب العمل، جعل رامون يتمرد على حزب العمل ورابين، ويشكل قائمة لخوض الانتخابات للهستدروت عام 1993، ضد قائمة حزب العمل بقيادة حاييم هابرفيلد الذي كان يوصف من قبل رامون ورفاقه بالبلشوفيك، وترأس رامون القائمة الجديدة واسند المركز الثاني في القائمة لعمير بيرتس، ونجحت القائمة الجديدة مما شكل صفعة كبيرة لحزب العمل، ولكن في نفس الوقت أبانت عن قوة رامون ومدى القبول الذي يتمتع به في الشارع الإسرائيلي.
وأعطى رامون صبغة سياسية على عمله في الهستدروت، وحاول أن ينفتح على النقابات العربية، مستفيدا من الأجواء التي أتى بها اتفاق اوسلو، ونجح بعقد اتفاق مع اتحاد النقابات الفلسطينية، ووقّع عليه، ممثلا للهستدروت في احتفال بفندق بازل في تل أبيب بتاريخ 5 آذار (مارس) 1995، ووقع عن الجانب الفلسطيني شاهر سعد، سكرتير اتحاد النقابات في الضفة الغربية، وذلك بحضور ورعاية ممثلي النقابات النرويجية. ونص الاتفاق على أن تسلم الهستدروت النقابات الفلسطينية ثمانية ملايين شاقل (2.5 مليون دولار) تعويضا عن المبالغ التي جبتها الهستدروت من العمال الفلسطينيين، والتي تقدر بـ 400مليون دولار. كما تقرر تشكيل بعض اللجان المشتركة لتجسيد التعاون بين الطرفين والتزامهما المشترك بدعم اتفاق السلام.
وفي نهاية عام 1995 استقال رامون من رئاسة الهستدورت، بعد أن أصبح وزيرا في الحكومة الإسرائيلية، فاسحا المجال لعمير بيرتس أن يتولى الرئاسة بدلا منه، ويعتبر رامون إلى حد كبير صانع "أسطورة" بيرتس الذي واصل صعوده حتى أصبح رئيسا لحزب العمل. وجاء رامون إلى الحكومة والى حزب العمل، ليواصل صعوده، ولكن الظروف لم تكن أبدا مواتية، فالذين ايدوه في انشقاقه عن حزب العمل وخوضه انتخابات الهستدروت، اعتبروا عودته لحزب العمل، تنكرا لمبادئه من اجل منصب وزاري، أما في حزب العمل فلم ينسوا له أبدا انشقاقه وانتزاع الهستدروت منهم والتي كان يقودها حزب العمل بشكل دائم.
وحاول رامون انتهاز فرصة للتنافس على رئاسة حزب العمل، وفي كل مرة كان يتقدم للترشح، يجد أمامه آخرين، من شمعون بيرس إلى أيهود باراك، إلى عمرام متسناع، وفي اغلب الأحيان يتراجع عن التنافس على المنصب الذي يعتقد بأنه الأحق به، منتظرا فرصة أخرى ولكن هذه الفرصة لم تأت أبدا لرامون الذي كان يشاهد الصراع المحموم على زعامة الحزب والفشل المتكرر الذي يمنى به الحزب في الانتخابات العامة وتراجع قوته. وفي الانتخابات الأخيرة التي فاجأ فيها عمير بيرتس المراقبين وفاز برئاسة حزب العمل، عرف رامون، بأنه لم يعد له مكانا في هذا الحزب، رغم دعمه وحدبه على بيرتس طوال سنوات، وأيقن انه إذا كان له املأ في تجديد حلمه السابق وطموحه بزعامة إسرائيل أن يبحث عن مكان أخر، ولعله يعتقد بانه سيجد ذلك هذه المرة مع الخصم اللدود طوال سنوات، ارئيل شارون في حزبه الجديد، ومن يدري، ربما يحالفه الحظ في ساحة العمل الحزبي في إسرائيل المفتوحة على كل الاحتمالات.