جبران: فليفسر لنا الشرع
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
إيلاف من بيروت: 8-12 كان آخر مقال كتبه الراحل جبران تويني وبعد 4 ايام اغتيل في انفجار استهدف سيارته لتنهي بذلك مسيرة صحافي قادته طموحاته الى ان يعتلي كرسي في البرلمان اللبناني في فترة سياسية عصيبة يشهدها لبنان ابتدأت بمحاولة اغتيال مروان وحمادة مرورا باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري واغتيال الصحافي في جريدة النهار سمير قصير والامين العام السابق للحزب الشيوعي جورج حاوي ومحاولة اغتيال الصحافية مي شدياق ووزير الداخلية السابق الياس المر وأخيرا الصحافي قبل النائب جبران تويني.
وفي ما يلي آخر مقال كتبه الراحل جبران يوم الخميس الماضي في 8 كانون الثاني من العام 2005.
في إيلاف أيضا
مقتل النائب جبران التويني و3 من مرافقيه
جبران تويني: صحافي وسياسي جريء وصاحب منبر
سورية تدين بشدة مقتل النائب جبران تويني
مقتل النائب جبران التويني و3 من مرافقيه
ليت الوزير فاروق الشرع يفهم ويقتنع بأن عهد الوصاية السورية على لبنان قد ولّى، وبأن اللبنانيين يعرفون مصلحتهم ويغارون عليها أكثر مما يغار عليها النظام السوري الذي يحاول اعادة عقارب الساعة الى الوراء من أجل معاودة وضع اليد على لبنان وفرض وصايته عليه بينما هدف اللبنانيين هو تحصين استقلال بلادهم وحماية سيادة وطنهم ووحدته بعد انتفاضة الاستقلال وانسحاب القوات السورية منه.ويا ليته ايضاً يدرك ان ما حصل في لبنان هو بمثابة العجيبة والانجاز الكبير، وأنه أمر ايجابي وليس سلبيا كما اعتبره في تصريحه الأخير في القاهرة.
وحبذا لو يفسر لنا مفهومه للتدويل بعدما أبدى معارضته لما وصفه بـ"تدويل القضية اللبنانية".
أليس مؤتمر مدريد تدويلاً لقضية الشرق الاوسط؟
ألا تعتبر القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن حول الصراع العربي الاسرائيلي جزءاً من التدويل؟
والقمم التي عقدت بين سوريا والولايات المتحدة الاميركية أيام الرئيس حافظ الاسد لحل قضية الجولان، ألم تكن جزءاً من التدويل؟
والقرارات الدولية التي نطالب بتنفيذها يوما بعد يوم، أليست هي ايضا جزءاً من التدويل؟
وكيف يفسر الوزير الشرع اذن مشاركته ووجوده كممثل لنظامه، في اجتماعات مجلس الامن الدولي؟
ألا يعترف بمرجعية الامم المتحدة، أم يعتبر ان المرجعية الصالحة هي جامعة الدول العربية التي لم تتمكن ولا مرة من حل أي قضية عالقة عربية عربية كانت أم عربية دولية؟
وفي أي خانة يضع الوزير الشرع اعترافه بالقرار 1559 وتنفيذه واعتراف نظامه بالبند المتعلق بالقرارين 1595 و1636 وتنفيذهما؟
وماذا عن رفض نظامه استجواب الضباط السوريين في لبنان وقبوله استجوابهم في أوروبا؟ أليس هذا أيضاً جانباً من تأييد التدويل؟
فليفسّر لنا هذا الوزير "المحنّك" "حنكته" و"فذلكته" في ممارسته وممارسة نظامه السياسة الخارجية.
ألا يعتبر هذا الوزير الموهوب أن في مواقفه تناقضات فاضحة، أم أنه يستغبي المجتمع الدولي والمجتمع العربي اللبناني الى حدّ الايحاء الى هذه المجتمعات انه وحده يفهم في السياسة الخارجية والعلاقات الدولية ومبادىء تطبيقها!
فيا معالي الوزير، ان لبنان يقدّر اهتمام المجتمع الدولي بمساعدته عبر تطبيق قرارات مجلس الامن، وهو مع تحمل هذا المجتمع مسؤولياته عبر من هو مخوّل دوليا القيام بهذا الدور، أي مجلس الامن الدولي. وهذا الموقف ينطبق ايضا على تمسك لبنان بمطالبة المجتمع الدولي بتنفيذ كل قرارات الامم المتحدة العائدة الى الصراع العربي الاسرائيلي.
إلا اذا كان الوزير الشرع منزعجاً من التحول الذي حصل في السياسة الدولية بحيث أصبحت تقفٍ بجانب استقلال لبنان وسيادته، بينما الوزير الشرع لم يكن منزعجاً يوم أعطى المجتمع الدولي توكيلاً للنظام السوري ليحكم لبنان. يومها كان معالي الوزير ورئيسه مرتاحين للأداء الدولي، ومرتاحاً هو خصوصاً، لأنه كان يتكلم باسم لبنان ويقرر عنه داخل البلاد وفي المحافل الدولية!
أما بعد، وفي قضية مزارع شبعا، ليت رئيس الخارجية السورية يفسّر لنا لماذا لا يريد أن يرسل وثيقة رسمية سورية الى الحكومة اللبنانية تعترف بها بلبنانية مزارع شبعا، مختصرا الاعتراف السوري بلبنانيتها بتصريح فارغ من هنا وتصريح من هناك؟
ولماذا يصر الوزير الشرع على ربط قضية المزارع بتحرير الجولان؟ فالجولان أرض سورية بينما مزارع شبعا أرض لبنانية.
ولماذا يصر النظام السوري عبر وزارة خارجيته ورئيس حكومته على عدم ارسال تلك الوثيقة قبل انسحاب اسرائيل من المزارع؟ ولماذا الربط بين المسارين؟
ألا يعتبر الوزير الشرع ان هذه السياسة تخدم السياسة الاسرائيلية التي تحاول بشتى الطرق ابقاء احتلالها لكل الاراضي العربية التي سيطرت عليها في حرب 1967؟
فلبنان يا معالي الوزير يعتبر، على عكس ما تعتبره أنت، ان ارسال الوثيقة قد يساعد في تحرير المزارع. إلا اذا كنت أنت ونظامك لا تريدان لتلك المزارع ان تتحرر وتعود لبنانية، ولذلك تربطانها بتحرير الجولان، كي تبقى معلقة ومعها قضية ترسيم الحدود. ر بما لأن النظام السوري، أيها "الوزير المتذاكي" لا يريد ان يعترف بأن هناك حدوداً للبنان واضحة ومعترفاً بها دولياً. كما لا يريد ان يعترف بأن لبنان لم ولن يكون جزءاً من سوريا!
من هذا المنطلق يصر لبنان على ان ترسل اليه سوريا الوثيقة الرسمية التي تعترف بها بلبنانية مزارع شبعا، كي يرسلها بدوره الى الامم المتحدة ليطالبها ويطالب المجتمع الدولي والولايات المتحدة، بأن تضغط على اسرائيل لتنسحب من منطقة مزارع شبعا المحتلة وتسلمها الى الامم المتحدة لتكون تحت وصايتها مرحليا حتى يتم ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا وبمشاركة سورية رسمية وباشراف الامم المتحدة التي تكون وحدها مسيطرة على تلك المزارع، ليتم بعد ذلك تسليم المزارع الى السلطات اللبنانية واعتبار المساحات الاخرى بعد الترسيم والتابعة لسوريا خاضعة للقرارين 242 و338.
لذلك فان ارسال الوثيقة هو الخطوة الاولى الضرورية من أجل بدء آلية تحرير المزارع واسترجاعها، بينما التأخر في تسليم الوثيقة او رفضه، تحت اي حجة كانت، يخدم اسرائيل ويكرّس احتلالها للمزارع.
ان ما نريده هو احراج اسرائيل... لاخراجها. ولكن يبدو ان الوزير الشرع ونظامه لا يريدان احراج اسرائيل ولا اخراجها من المزارع، كي تبقى "قميص عثمان" وجرحاً نازفاً يستعمله النظام السوري في لعبة شد الحبال وسياسة الابتزاز.
ان كل ما نسمعه عن ارادة النظام السوري مساعدة لبنان وفتح صفحة جديدة معه، هو كلام بكلام ان على مستوى مزارع شبعا، او على مستوى التحقيق في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
فعن اي ايجابية يتكلم الوزير الشرع عندما نرى ان هسام هسام فور عبوره الحدود السورية تبنته وزارة الاعلام السورية لاستعماله سلاحاً - ويا له سلاح فارغ وبال ضد لجنة التحقيق الدولية وضد لبنان؟
أين التعاون بين سوريا ولجنة التحقيق الدولية؟ وأين جدية لجنة التحقيق السورية التي لم تستمع حتى اليوم الى هسام هسام، واذا ما استمعت اليه بعد اليوم فيكون ذلك مضحكاً ومن باب رفع العتب؟!
وسوريا قد ترتاح للجنة التحقيق الدولية في حالة واحدة فقط هي ساعة يخرج القاضي ديتليف ميليس بنتيجة واحدة هي ان الرئيس رفيق الحريري "انتحر" ومعه باسل فليحان ورفاقهما، وكذلك سمير قصير وجورج حاوي، كما "انتحر" غازي كنعان. كما حاول مروان حماده ومي شدياق "الانتحار" ولم ينجحا.
على اي حال ان آداء النظام السوري، منذ اللحظة الاولى لتأليف لجنة التحقيق الدولية، يدل على انه لا يريد التحقيق، بل يخافه لانه يخاف كشف الحقيقة التي قد تفضحه كي لا نقول تتهمه وتفضح أداءه السيئ في لبنان والمسيء اليه.
ولا لزوم لديتليف ميليس من اجل كشف آداء النظام السوري الذي انكشفت حقيقته مع اكتشاف المقابر الجماعية في عنجر حيث كان مقر "المفوض السامي" و"الحاكم السوري للمقاطعة اللبنانية".
فيا لها من قوة فصل وقوة سلام تلك التي تخطف وتسجن وتعذّب وتقتل وترمي في مقابر جماعية ضحايا بريئة تستصرخ الضمائر للاقتصاص من المجرمين.
ثم يتكلمون على نكران للجميل وعن شكر لم نوجهه الى نظامهم!
ولا حاجة هنا الى القول بأن التفسيرات السورية للمقابر الجماعية ساقطة، وخصوصاً عندما تحاول ربطها بـ"الحرب الاهلية اللبنانية".
ولا جدوى ايضاً من محاولة هذا النظام وعملائه اعادة فتح ملف تلك الحرب لتغطية جرائمهم في حق اللبنانيين الابرياء.
فالحرب اللبنانية طويت صفحاتها وصفحات الفظائع التي قامت بها الميليشيات والاحزاب عام 1990، مع اتفاق الطائف ولا عودة الى الوراء!
اما المقابر الجماعية في عنجر فتشكل ملفاً مستقلاً ومنفصلاً. عما سمي "الحرب الاهلية اللبنانية". وهو ملف مرتبط مباشرة باداء جيش ومخابرات نظام كان يدعي انه لم يكن فريقاً بل كان حامياً للسلام، في حين انه كان بالفعل والحقيقة الحاكم السفاح الذي لا يرحم.
ان مقابر عنجر الجماعية مسؤول عنها النظام السوري وحده. وهي جريمة في حق الانسانية وتستدعي تحركاً دولياً فورياً وتحقيقاً موسعاً ومحكمة ومحاكمة دوليتين، بمعزل عن جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري وما سيؤدي اليه التحقيق الدولي في ما اعتبره المجتمع الدولي عملاً ارهابياً.
وعلى النظام الامني السوري ان يعرف، ولا بد لوزير "الفذلكات" و"التناقضات" فاروق الشرع ان يكون قرأ في السياسة الدولية العصرية كي لا نعود به الى القرون الوسطى - ان الانظمة المستبدة والطغاة الذين ارتكبوا مجازر في حق الانسانية لوحقوا وحوكموا وسقطوا!
فالقتل والذبح والرمي في المقابر الجماعية ليست بالأمر المشروع حتى في أبشع الحروب... الا اذا كان أبطال تلك الحروب من سلالة الطغاة ولا لزوم هنا للتذكير بادولف هتلر ولا بتشاوشيسكو ولا بميلوسوفيتش ولا بصدام حسين ولا بزعماء القبائل في رواندا...
عفواً معالي الوزير الشرع، فبين الولاء لسوريا والولاء للبنان، نحن اخترنا الولاء للبنان لمصلحته أولاً وتالياً لمصلحة سوريا!...
اما عربياً فنحن دائماً مع قضايا العرب المحقة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية وتحرير الجولان. اما الذين يختارون في لبنان الولاء لسوريا في مقابل الولاء للبنان، فنضعهم في خانة من لا يريد مصلحة لبنان ولا مصلحة سوريا، ويخدم بذلك اسرائيل عدوة لبنان وسوريا.
فهل يفتش الوزير الشرع عن هؤلاء ليتحالف معهم؟
جبران تويني